السعودية تبين للعالم رؤيتها لـ«إكسبو الرياض 2030»

حقاً، كان «الملتقى الختامي لاستضافة معرض الرياض (إكسبو 2030)» الذي أقامته الهيئة الملكية لمدينة الرياض، المعنية الأولى والساعية لاستضافة المعرض الدولي الكبير الموعود، ناجحاً بكل المعايير. فاختيار المكان، خارج باريس، في غابة مودون «Meudon» الواقعة غرب العاصمة والمعروفة بموقعها المميز وبحيرتها الجميلة والبناء الواسع المتلائم مع الأحداث الكبرى، جاء متناغماً مع الغرض منه، وهو إمتاع الأنظار والأسماع باللوحات المائية الاستثنائية حيث لعبة الأضواء والمياه جاءت لأكثر من نصف ساعة رائعة.

ثم إن اللوحات الفنية التي قدمتها الفرق السعودية معطوفة على الوصلات الغنائية مصحوبة بالأوركسترا الكبيرة (56 عازفاً) جاءت لتبهر ضيوف الملتقى الذين لبوا الدعوة بالمئات ما يبرز الدعم للسعودية والرغبة بأن تفوز باستضافة «إكسبو 2030». وكان واضحاً بالنسبة للجميع أن المعرض يندرج تماماً في إطار «رؤية 2030» وطموحاتها المتنوعة التي تعمل المملكة على تحقيقها. كما أن الوفد السعودي الرسمي الكبير والرفيع ورحابة الضيافة وحسن التنظيم، كلها عناصر أضفت على الملتقى نكهة خاصة.

هذه الأجواء وفرت الإطار الملائم لما هو أعمق أي عرض الأساسيات والخصائص والميزات والمقومات التي تؤهل السعودية وعاصمتها الرياض لأن تكون الأكثر تأهلاً بالفوز بالمعرض على منافستيها روما الإيطالية وبوسان الكورية الجنوبية.

ووفق مصادر الوفد السعودي، فإن فرص الفوز «جدية» رغم أن سيول، عاصمة كوريا الجنوبية، تقوم بجهد كبير للتأثير على أعضاء المكتب الدولي للمعارض واستمالتهم لصالحها. وستحل الكلمة الفصل التي اقترب أوانها يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بمناسبة التئام الجمعية العامة للمكتب الدولي للمعارض، حيث ستعطى الفرصة الأخيرة للدول المتنافسة لعرض حججها على أن يحصل بعدها فوراً التصويت لتعيين الجهة الفائزة.

منذ شهور، شحذت الرياض أسلحتها وحججها. ووفر ملتقى باريس الفرصة لإعادة التأكيد عليها وشرحها بشكل كافٍ. وفي هذا السياق، قال الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، إن ملف الرياض «إكسبو 2030» الذي تقدمت به المملكة يحقق ما التزمت به حول إقامة نسخة غير مسبوقة من معرض «إكسبو» بأعلى مراتب الابتكار، وتقديم تجربة استثنائية في تاريخ هذا المحفل الدولي، مشدداً على أن ما تقدمه المملكة من خلال المعرض «يعكس التزام الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، بإقامة نسخة غير مسبوقة وتقديم تجربة استثنائية في تاريخ هذا المحفل الدولي».

وزاد الأمير فيصل بن فرحان أن السعودية التزمت بتحقيق المتطلبات الفنية والتنظيمية الخاصة بالمكتب الدولي للمعارض وتطلعات الدول الأعضاء عبر التزامها بتطبيق أعلى معايير الاستدامة في المعرض، والعدالة في توزيع الأجنحة واستخدامات التقنية؛ وصولاً إلى النسخة الأكثر تأثيراً في تاريخ «إكسبو».

بالتوازي مع الكلمات الرسمية، حرص المنظمون من خلال المجسمات التي عرضت والأفلام التي شاهدها المشاركون على توفير صورة لما سيكون عليه المعرض الدولي للعام 2030 في حال فازت به السعودية التي رصدت ميزانية كبرى تصل إلى 7.8 مليار دولار، بينها 340 مليون دولار لمساعدة 100 دولة في مجالات بناء الأجنحة، والصيانة، والدعم التقني، والسفر، وتنظيم الفعاليات.

ويتوقع منظمو معرض الرياض، الذي يحمل شعار «معاً نستشرف المستقبل» (الغد الأفضل، العمل المناخي والازدهار للجميع) الذي سيقام لـ6 أشهر (من 1 أكتوبر – تشرين الأول 2031 حتى نهاية مارس – آذار 2031)، أن يضرب أرقاماً قياسية من حيث المساحة المخصصة له (6 ملايين متر مربع) أو عدد الدول المشاركة (179 دولة) أو أعداد الزوار الافتراضيين (مليار زائر) أو حضورياً (40 مليون زائر)، فضلاً عن مشاركة 246 هيئة غير حكومية.

كانت محاور المعرض الثلاثة، وفق الرؤية السعودية، أساس الكلمتين اللتين ألقاهما عادل الجبير، وزير الدولة للشؤون الخارجية، والأميرة ريما بنت بندر، سفيرة السعودية في واشنطن. وكلاهما شرحا المبادئ التي تعمل المملكة بهديها والفوائد التي يمكن جنيها من استضافة المعرض، ليس للبلاد وحدها، ولكن لجميع الجهات التي ستشارك فيه، ولما سيوفره من تواصل بين الأمم والشعوب، فضلاً عن فوائده المباشرة في المجالات البيئية والثقافية والاجتماعية.

وشهد الحفل حضور كوكبة من كبار المسؤولين السعوديين، وإلى جانبهم ممثلون عن الدول الأعضاء في المكتب الدولي للمعارض، يتقدمهم مديره، فضلاً عن مسؤولين فرنسيين ومجموعة واسعة من سفراء الدول العربية والأجنبية لدى فرنسا وممثلين لمنظمات دولية تتخذ من باريس مقراً لها.

ووفّر الملتقى الفرصة، من خلال المعرض المصاحب، لشروحات وافية تبرز المخطط العام للمعرض كما تريده السعودية، وعرضاً للموضوع الرئيسي والموضوعات الفرعية، والفرص التي يوفرها للاستفادة الجماعية والمشاركة الواسعة التي يتيحها للجميع التي تتمثل في تقديم معرضٍ من «العالم إلى العالم» تتشارك في بنائه وتشييده الشركات المحلية والدولية على حدٍ سواء، وتحقيق الاستفادة الجماعية منه، سواء للدول المتقدمة أو النامية، وذلك تحت شعار «دولة واحدة، جناح واحد».

وتريد السعودية أن يكون المعرض دافعاً للابتكار والإبداع، وأن يُمكن من إظهار كيفية التعاون الإبداعي وتحفيز الابتكارات العلمية والاجتماعية والفكرية.

يبقى أن الكلمة الفصل سيأتي زمانها بعد 3 أسابيع، لا أكثر.

مصدرالشرق الأوسط - ميشال أبونجم
المادة السابقة«وي ورك»… والسقوط المذهل إلى «وي دونت ورك»
المقالة القادمةشبح «عوائد السندات» يعود لمطاردة الأسواق