قال السفير الصيني في لبنان وانغ كيجيان أن الحصار الناجح الذي نفّذته الصين لاحتواء ومحاصرة وباء كورونا في الصين حمى كل بلدان العالم. وأبدى أسفه لتسجيل إصابة في لبنان بالفيروس، وأكد أن السفارة على اتصال دائم بوزارة الصحة والسلطات الصحّية في المطار إضافة إلى السلطات الأمنية لمتابعة حالة المواطنين الصينيين.
وأضاف أن تم توجيه طلب إلى كافة أفراد الجالية الصينية للالتزام بالتعليمات الصادرة عن وزارة الصحّة اللبنانية والإبلاغ عن أي عارض يسجل لدى أي فرد من أفراد الجالية في لبنان. وأكد أنه لم يتم تسجيل أي اشتباه بأية إصابات بالفيروس في لبنان ضمن أفراد الجالية، مع العلم أن عدد أفرادها لا يتعدى 100 مواطن صيني، بالإضافة إلى عديد قوات حفظ السلام البالغ عددهم 401 وأعضاء السفارة وبعض الطلبة والمدرسين.
وقال أنه لو لم تتمكن الصين من السيطرة بشكل فعّال على الوباء، لكان انتشر إلى كل العالم بسرعة وبقوة. وأضاف أنه خلال الأيام الأخيرة تم تسجيل تراجع في عدد الإصابات والوفيات في مدينة ووهان عاصمة إقليم هوباي، كما تم تخفيف إجراءات الطوق المنفّذ لمنع انتشار الفيروس.
كلام السفير الصيني جاء خلال استقباله البارحة في السفارة وفدا تضامنيا مع الشعب الصيني ضم رؤساء بلديات عكار ورئيس تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني علي محمود العبدالله الذي قال أن الصين أثبتت من خلال جهودها، أنها عملت على حماية المواطنين في كل بلدان العالم عبر الإجراءات الفعّالة التي اتخذتها. وعبّر عن ثقته بالسياسة المُعتمدة في الصين للسيطرة على الوباء واحتوائه و معالجة آثاره وادارة الأزمة، معتبرا أن الصين ربما باتت تتمتع بالخبرات الوافية وأصبحت على دراية بأفضل الممارسات التي تتيح التعامل تقنيا ولوجستيا وطبيا مع الفيروس. فيما عبّر السفير كيجيان عن ثقته بقدرة الصين على تخطي الأزمة والسيطرة على تفشّي الوباء، وفي ذات الوقت التعاون مع البلدان الأخرى لمنع تفشّي الوباء. وضم وفد رؤساء بلديات عكار كلا من رئيس بلدية القليعات أحمد إبراهيم، رئيس بلدية بزبينا طارق خبازي، رئيس بلدية تكريت عبدالله غيه، رئيس بلدية الشقدوف بول سعّود، رئيس بلدية البرج محمد خضر، رئيس بلدية منجز دكتور جورج يوسف، رئيس بلدية السويسة عثمان مطر ورئيس بلدية الغزيلة محمد الأسعد. وعبّر رؤساء البلديات عن تقديرهم لطريقة تعامل الصين مع الوباء، وتمنّوا الانتهاء قريبا من الأزمة والشفاء العاجل للمصابين.
وانغ كيجيان: نسجّل تراجعا في انتشار كورونا
وقال السفير كيجيان: “تقع مقاطعة هوباي في وسط الصين، وهي المنطقة التي تتركز فيها حالات الإصابة والوفيات بسبب فيروس كورونا. وهناك يتركز 80 في المئة من عدد الإصابات و95 في المئة من الوفيات. وخلال الأيام الأخيرة سجّلنا تراجعا ملحوظا في معدلات الإصابات والوفيات في هذه المنطقة. واليوم بدأت السلطات في ووهان بتخفيف إجراءات الطوق المنفّذ لمنع انتشار الفيروس، نظرا لتكوّن ثقة أكبر حيال تحقيق منع الانتشار لدى السلطات الصحّية. وطبعا هناك تطور إيجابي أدى الى الى انفراج هذا الطوق، لأنه في الماضي كان الطوق محكما على المدينة وكان الدخول والخروج منها ممنوع. واليوم على مستوى الوطني نسجّل إصابات أقل وعدد محدود في الوفيات.
وثمة عدد من المحافظات الصينية التي لم تسجّل إصابات جديدة في الأيام الماضية، وهذا يعني أن الإجراءات المتخذة في الفترة الماضية كانت فعّالة وأدت إلى النتائج المرجوة. وفي ذات الوقت نحن نتعاون بشكل شفّاف ومسؤول مع المجتمع الدولي المتمثّل بمنظمة الصحة العالمية ومختلف دول العالم، سواء من ناحية تبادل المعلومات والبيانات أو من ناحية التعاون في مجال البحث العلمي وتبادل الخبرات. ومنذ يومين أنهى وفد من منظمة الصحة العالمية زيارته إلى الصين، بعد تفقده مدينة ووهان وثلاثة مستشفيات إضافة إلى مستشفى مؤقت. لا زلنا في مرحلة حاسمة، صحيح أننا نسجّل تراجعا في عدد الإصابات والوفيات لكن لم يأتي الوقت الذي نعلن فيه النصر على الوباء والسيطرة عليه. الخبراء يقدرون أن مرحلة ذروة انتشار المرض ستحدث في نهاية شباط الحالي، وربما يبدأ بعدها بالتراجع، ولكن لن نصل إلى المرحلة التي نريدها سوى عندما نسجّل صفر إصابات خلال فترة معينة، وهذا يتطلب جهودا مكثفة ومتواصلة”.
وأضاف: “تمكنا من تحقيق التقدم بفضل عدة عوامل. أولا، بسبب وجود قيادة قوية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ والحزب الشيوعي الصيني بالإضافة الى الحكومة المركزية والحكومات المحلية التي تضع مكافحة الوباء في مقدمة الأولويات في كل مستويات عملها وتحشد الطاقات الوطنية لدعم منطقة هوباي في المجالات الطبية واللوجستية والمالية. كذلك تم اتخاذ إجراءات متطابقة مع تعليمات الحكومة المركزية. وهذا يشمل مستويات مختلفة كالمقاطعات والبلديات وحتى الأحياء. وفي كل هذه المجالات يتم تنفيذ إجراءات صارمة جدا. في بكين مثلا، تم اتخاذ إجراءات استثنائية في المجمّع السكني الذي أسكن فيه، وشملت ضرورة ابلاغ كل السكان عن حالتهم الصحية والابلاغ أيضا عن وجود أي عارض إلى المسؤولين في الحي. وعند دخول السكان وخروجهم من المجمعات السكنية يتم التأكد من أن لا عوارض لديهم. واذا ذهب أي شخص للتسوق، قد يتم قياس حرارته خمسة او ستة مرات قبل أن يعود إلى منزله. كما يتم التأكد من هوية الأشخاص للسماح لهم بالخروج والدخول. في كل خطوة، ثمة رقابة شديدة على الأفراد. وفي النهاية المطلوب هو اجراء مسح صحّي لكل الناس. وفي حال كان ثمة أشخاص لا يخرجون من منازلهم وبالتالي لا يمكن للهيئات الرقابية أن تأخذ بيانات درجة حرارتهم، ثمة فرق طبية مهمتها طرق أبواب السكان، لأخذ حراراتهم والتأكد من أن لا عوارض عليهم”.
ثلاثية النجاح: التضامن والتكاتف والتضحية
وتابع قائلا: “ثانيا، العامل المهم هو التضمان والتكاتف والتضحية التي يسجلها الصينيون بمواجهة الوباء، لأن كل فرد لديه وعي كامل أن الوباء هو في رأس الأولويات، لأنه يشكل خطرا على الجميع. لذلك ينظر الصينيون بأهمية إلى الاعتناء بصحّتهم وبمراعاة مصالح الآخرين، فكل فرد مسؤول تجاه نفسه وتجاه الآخرين. ربما لا يلتزم بعض الأفراد بالتعليمات، لهذا يساعد كل مواطن الهيئات الحكومية من خلال التبليغ عن الحالات المرضية. وثمة الكثير من التضحيات التي يقدمها الشعب، كالبقاء في المنزل وعدم الذهاب إلى العمل أو إيقاف بعض الأعمال، وهذا يؤدي إلى خسائر كبيرة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية في بعض الحالات. بعض المرضى لا يستطيعون تلقّي علاجات لمشاكل صحية مختلفة، وعلى سبيل المثال، كل عيادات الأسنان توقفت عن العمل على كامل مساحة الصين، لأن السلطات الصحّية اعتبرت أن هذه العيادات تساهم في نقل عدوى الفيروس. ولهذا، العديد من المواطنين يتحمّلون الألم نتيجة توقف عمل هذه العيادات، لكن الجميع يضحّي والشعب يتفهّم مدى أهمية الموضوع ويتعاون بشكل إيجابي مع السلطات الحكومية وثمة تضامن وتكاتف شعبي كبير مع حكومتنا وأجهزتها”.
وختم قائلا: “ثالثا، لدى الصين القدرة والإمكانيات لمكافحة وباء بهذه القوة والقدرة على الانتشار. ونحن نعلم أن الإجراءات المتخذة تتطلّب إمكانيات كبيرة سواء كانت مادية أم بشرية. وقد ساعدنا التطور المتواصل الذي حققناه في السنوات الأخيرة، على تطوير قدراتنا للتعامل مع هذا النوع من الأوبئة. لم نصل بعد إلى مرحلة نستطيع فيها تلخيص الخبرات والتجارب المُحقّقة مع هذا الوباء، لكننا نعتقد إن الإنجازات تحققت بسبب العوامل التي ذكرتها”.
علي محمود العبدالله: متضامنون مع الصين
أما العبدالله فقال: “أسمحوا لي أولا أن أتوجه إلى السفير كيجيان بالقول، أننا منذ منذ أسابيع أتينا مع وفد إقتصادي للتعبير عن التضامن مع الصين شعبا وقيادة. أما اليوم وبعد وصول فيروس إلى لبنان، فبتنا نسبيا معا في مركب واحد. وأظن أن التضامن أصبح متبادلا. واليوم نحن أتينا مع رؤساء البلديات للتعبير عن التضامن مع الشعب الصيني، وللتأكيد على ثقتنا بأن الصين ستتغلب على الفيروس. وكلنا بات لدينا معلومات عن التقدم الطبي الكبير المسجل في الصين تجاه تحقيق فهم تقني عميق لهذا الفيروس. كذلك بات واضحا أن معدلات الاصابة الجديدة تشهد تراجعا، فيما ترتفع معدلات الشفاء. ونتمنى أن تحافظ التطورات على هذا المنحى الإيجابي وصولا إلى القضاء نهائيا على هذا الوباء. يوما بعد يوم تُثبت الصين أنها عندما بدأت بتنفيذ إجراءات محاصرة فيروس كورونا، إنما كانت تأخذ بالاعتبار لا حماية مواطنيها فحسب، بل حماية كل بلدان العالم من خلال منع انتشار الفيروس إلى بلدان أخرى. وهذا ما اعترفت به مرجعيات دولية وبلدان حول العالم ولو بشكل متأخر. وقد لاحظنا أن بعض الاعلام العالمي ربما لعب دورا غير بنّاء في مقاربته لأزمة فيروس كورونا، خصوصا وأن الانفلونزا الموسمية التي تصيب كل بلدان العالم، تخطف من الأرواح أكثر بكثير مما خطف كورونا”.
وأضاف: “كما تعلمون فإن الحكومة اللبنانية بدأت باتخاذ مجموعة من التدابير لمنع انتشار الفيروس في لبنان، وهي تدرس خطوات إضافية. ونحنا لدينا ثقة بالسياسة التي تم اعتمادها في الصين للسيطرة على الوباء واحتوائه و معالجة آثاره وادارة الأزمة. ولا شك أنه بات لدى السلطات الصينية، لائحة بأفضل الممارسات التي تتيح التعامل تقنيا ولوجستيا وطبيا مع الفيروس. وقد لحظت الحكومة اللبنانية أهمية الدور الذي تقوم به السلطات المحلية المتمثلة بالبلديات في المساعدة على الحد من انتشار الفيروس. وأظن أن رؤساء البلديات لديهم فهم أعمق لهذا الجانب. لكنني أود اقتراح حصول تعاون على المستوى الفني والتقني، خصوصا لجهة النصائح وأفضل الممارسات التي اتبعتها البلديات الصينية في الاقاليم التي شهدت حدة انتشار منخفضة للفيروس في الصين تماما كما هو الحال في لبنان. وأظن أن رؤساء البلديات لديهم مقاربة متكاملة لكيفية التعاون مع البلديات الصينية. ونعبر من جديد عن تضامننا مع الصين في هذه الأوقات الصعبة، وعن ثقتنا بحكمة القيادة الصينية”.