السلطة تصطنع الذرائع لفرض ضرائب جديدة على اللبنانيين

ليس خافيا على أحد ان الازمة النقدية في لبنان تعد الأخطر منذ حوالى 4 أعوام تقريباً، فتدهور الأوضاع المعيشية هو نتيجة السياسات العشوائية والمحاصصات الطائفية التي هي اساس انطلاق أي مشروع في البلد مهما كان بسيطا؛ واستنادا الى كل ما تقدم وجد مجلس الوزراء ان عائدات الصندوق البلدي المستقل غير كافية للبلديات لتغطية كلفة النفايات المنزلية الصلبة. فمنذ حوالى 30 سنة الى اليوم واحزاب وجهات سياسية تنتفع من ملف النفايات كونه الدجاجة التي تبيض ذهبا باعتباره “الادسم”، وتم حرق ما يقارب 5 مليار دولار في قطاع لم ينتج منه أي خطة مستدامة لا على المدى الزمني البعيد ولا في المنظور القريب. وبالتالي فشلت كل المشاريع التي لم يتم تطبيقها على الأرض لأنها ببساطة كانت وهمية باطنها اختلاس أموال صناديق البلديات وظاهرها فشل ذريع في التنفيذ.

تجدر الإشارة الى ان الدولة تتبع النهج نفسه منذ سنوات وتقوم بطمر النفايات في البحر او انشاء المحارق العشوائية بين المنازل المأهولة بالسكان والأماكن المكتظة بالمواطنين. وهذه الطريقة تدمر صحة المواطن وتهدد الصحة العامة ناهيكم باختراع أساليب احتيالية لابتكار حصص ودخل ثابت للمتعهدين المحسوبين على مسؤولين سياسيين في السلطة الحاكمة.

ويشهد هذا المجال سرقة موصوفة من جهة السلطة وتورط الأخيرة في أعمال مشبوهة ومشاريع غير موجودة وخطط وهمية وفرض رسوم مرتفعة جدا والتباهي بسياسات تبقى مجرد حبر على ورق ولا يمكن ان تطبق لأسباب طائفية وحزبية وفي الأساس السلطة ارخت الحبل للمقاولين ليستفيدوا من ازمة النفايات التي أصبحت معقدة اليوم أكثر من أي وقت مضى وتشكل خطرا على البيئة والبشر والشجر وحتى الحجر.

رسم جديد بالدولار

بالموازاة، قرر مجلس الوزراء فرض رسم جديد بالدولار الفريش على اللبنانيين بعنوان “رسم خدمة النفايات المنزلية” لكن على ما يبدو ان هذه الضريبة لن تنجز في الوقت القريب؛ اذ تتطلب تشريعها أولا في مجلس النواب لان تحصيلها يستلزم تعديل قانون رقم 80 المتعلق بـ “الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة” الى جانب إضافة بند سادس لتمويل معالجة القمامة.

القيمة

على خطٍ ضريبي متصل، تصل قيمة الضريبة الى حوالى 12 دولارا على الشقة السكنية وذلك بناء على مساحتها وحجم البلدية التي تقع فيها، وهذا الرسم لا يتأثر بعدد قاطنيها. بينما يجب على الشركة الصغيرة دفع رسم 90 دولارا وقد يصل الى 1800 وذلك نظرا الى المساحة والمكان أي إذا كانت هذه المؤسسة موجودة ضمن المولات والتجمعات التجارية الضخمة والفنادق.

رسم لا ضريبة

في هذا الخصوص، أوضح وزير البيئة ناصر ياسين في حديث لـ “الديار” قائلا: “هذه ليست ضريبة بل رسم خدمة، وغير صحيح ان كلفة إدارة النفايات تتم تغطيتها الان بطرق مباشرة وغير مباشرة. أضاف، ان رسم النفايات هو من الأمور الإصلاحية لتغطية الكلفة ولتطبيق مبدأ الملوّث يدفع، ولإدارة أفضل وأكثر شفافية لهذا القطاع. وأشار الى، ان العبء سيكون على الشركات والمؤسسات مقارنة بالرسم المترتب على المنازل”. وختم قائلا: “لا يوجد حتى الان أي رسم يشمل هذه الخدمة”.

عشوائية المشاريع

وفي هذا السياق، قال رئيس جمعية “نحن” محمد أيوب لـ “الديار”، “من غير المنطقي تجزئة المواضيع المهمة والحساسة والتي تعتبر على مستوى الوطن، وفي كل دول العالم توجد سياسة عامة تتناول مشروعا ما، اما ان يتم فرض ضريبة عشوائية كل برهة من الزمن فهذا لا يعتبر حلا بالنسبة الى ملف كبير مثل النفايات”.

وأردف، “للأسف تسعى الحكومة اليوم الى جمع المال أكثر من إيجاد حل عملي لهذه المعضلة، والآلية التي تنتهجها غير فعالة والدليل ان الازمة عينها تعود في كل مرة الى الواجهة من جديد بعد وقت قصير. ومن المهم ان نتحدث عن أنواع نفاياتنا قبل الكلام على معالجتها، وكيف يمكن تخفيفها، ولا بد من التفريق بين المهملات الخطرة جدا وتلك الأقل ضررا. ويجب ان يمتلك لبنان معايير معينة للنفايات المستوردة، لأننا نشحن الكثير من السلع الاستهلاكية والمواد الأولية والصناعية”.

النفايات “لازم تربحنا مش تخسرنا”

وفقا لأيوب، “من المفترض ان تحقق النفايات أرباحا طائلة للدولة لا العكس، ويمكن تفعيل ذلك من خلال وضع مخطط للنفايات التي يمكن إعادة تدويرها، وتحديد وفصل تلك الالكترونية والصناعية والصلبة وغيرها من أنواع وفئات المخلفات”.

وتابع، “الدولة مشغولة اليوم برفع الفضلات من الشوارع وفي العام 1982 تم انشاء جبل النفايات في صيدا للتخلص من القمامة المتراكمة داخل احياء المدينة؛ ونظرا لموقعه على الشاطئ كان ينهار تكرارا باتجاه المياه، ومن بعد ازالته ظهر في مكان آخر؛ مثل مطامر جديدة والناعمة والكوستا برافا وغيرها من المطامر التي كبدت خزينة الدولة مليارات الدولار ولم تكن المشاريع او المطامر مستدامة. أيضا لم تقدم الدولة بديلا وبرزت تداخلات سياسية على الخط لذلك فان ملف النفايات بات باهظا وعلاج اثاره مكلف أكثر. فاذا ألقينا نظرة على المكبات في لبنان فنجد ان مكب برج حمود بات يمتد الى الجديدة ولان الفضلات ثروة فطبعا هذه المكبات تعج بالنكيشة لذلك يجب ان يبدأ الفرز من المصدر للتقليل من مقدار المواد الزائدة وغير المرغوبة وفي الخلاصة نتوصل الى حقيقة واحدة هي ان الدولة لا تعرف إدارة أي ملف بسبب السرقة”.

الضرائب غير المباشرة

تعد الضريبة غير المباشرة هي تلك التي تجبى من المواطن عن طريق وسيط مثل متاجر البيع والرسوم التأجيرية التي تعود للبلديات، الى جانب جزء مقتطع من أرباح قطاع الاتصالات التي تعود الى الصندوق البلدي المستقل. إشارة الى ان “الديار” كانت تناولت في تحقيق سابق قيمة الأموال التي تم نهبها من صناديق البلديات منذ نحو عام تقريبا ولم تقدم البلديات المعنية تصريحا بالأموال المستلبة او بقيمة المبالغ المنتزعة”.

 

 

مصدرالديار - ندى عبد الرزاق
المادة السابقةبالأرقام والخرائط… أضرار العدوان الإسرائيلي على البنية التحتية في جنوب لبنان
المقالة القادمةكيف يستعدّ لبنان للأعياد؟