تتسارع الأحداث المصرفية على مشارف نهاية ولاية حاكم المصرف المركزي، رياض سلامة. فبعد تعديل التعميم 158 وتخفيض حجم الهيركات على الودائع (راجع “المدن”)، وتثبيت التعميم 151 الذي ينص على اعتماد مبلغ 15 ألف ليرة للدولار المصرفي الواحد، جاء بيان نواب الحاكم ليشكل مدخلاً جدياً للتمديد لرياض سلامة، وكأن النواب الأربعة يقولون للرأي العام بشكل مباشر أنهم غير مؤهلين لقيادة المصرف المركزي، وبشكل غير مباشر أن أحداً غير رياض سلامة لا يستطيع أن يكون حاكماً (راجع “المدن”).
إزاء هذه المستجدات تُطرح أسئلة إضافية حول مصير منصة صيرفة، والتي بات معلوماً أنها تحظى بدعم الحاكم فقط، وهناك تباينات بشأنها بين أعضاء المجلس المركزي، ولو أن مطلعين على الوضع المالي يؤكدون أن بيان نواب الحاكم يكشف حجم “انصياع” هؤلاء لسلامة، وبالتالي، قد يكون من الخطأ التفكير أنهم ينتظرون نهاية ولايته لهدم ما بناه عبر هذه المنصة.
بالتوازي مع الحديث عن مستقبل “صيرفة” وإمكانية وقفها، تزايد العمل بها في المصارف، حسب ما تكشف مصادر عبر “المدن”، مشيرة إلى أن أحد المصارف التي تبنّت “صيرفة” بشكل كامل، وسهلت عملياتها منذ ولادتها حتى اليوم، رفعت وتيرة العمل بها، حيث أصبحت متاحة أكثر من مرة بالشهر لأصحاب الحسابات، منها بنك الموارد على سبيل المثال لا الحصر.
“صيرفة” والمكاسب
في السابق، كان يمكن لكل صاحب حساب أن يُجري عملية صيرفة واحدة شهرياً، وكان سقف ما يمكنه بيعه من الليرات مقابل الدولار يُحدد حسب دخله، أو “واسطته” بالمصرف، لكن الحال تبدّل هذا الشهر، إذ بات بإمكان من يرغب أن يُجري عملية صيرفة حوالى 3 مرات شهرياً. وتقول المصادر: “يضع صاحب الحساب المال بالليرة، والمبلغ ما بين 200 و400 مليون ليرة للمواطنين العاديين، يمكن رفعه بحال تمكن صاحب الحساب من تأمين “إفادة راتب” بالدولار، ويحصل على الدولارات بعد 4 إلى 5 أيام عمل، ويمكنه أن يُعيد الكرّة، فور حصوله على المبلغ، ما يجعل إمكانية القيام بالعملية 3 مرات شهرياَ أمراً سهلاً، ويمكن تجاوز السقف المسموح به الذي حدده تعميم “المركزي”.
عمليات صيرفة تمنح المصارف مكسباً إضافياً، تقول المصادر، فهي تحصل على ما يتراوح ما بين 3 و5 بالمئة من مجموع المبلغ المُراد تحويله. وتقول مصادر أن قسماً من هذه النسبة تعود لمصرف لبنان. أما الربح الذي يحصل عليه المواطن فمعدله حسب سعر صيرفة اليوم حوالى 30 دولاراً لكل مئة مليون ليرة، وبحال كان المبلغ 400 مليون ليرة فالمكسب يكون 120 دولاراً، ضرب 3 مرات شهرياً يساوي 360 دولاراً للمواطن العادي، وأكثر من ذلك بكثير لأصحاب السطوة أو الشركات.
الليرة الجديدة أغلى من القديمة
داخل المصرف، الأفضلية دائماً لحاملي الليرات “المجلتنة”، أي الجديدة المعبأة بالنايلون، فهذه الأموال لا تحتاج للعدّ وتوفّر الوقت على موظفي المصرف، الذي تحوّلوا، حسب تعبير أحدهم لـ”المدن”، إلى “عدّادات أموال” بسبب صيرفة، فلفت هذا الأمر انتباه الصرافين الذين باتوا -حسب معلومات “المدن”- يبيعون “المجلتن”، الذي ارتفع الطلب عليه بسبب عمليات صيرفة، بسعر أعلى بنقطة أو نقطتين من الليرات القديمة.
هذا وتستمر عمليات “التسليف” لعمليات صيرفة عبر مجموعات مخصصة لهذه الغاية. واليوم، مع إمكانية تكرار العملية أكثر من مرة خلال الشهر، ستزيد عمليات التسليف هذه. ولو أن بعضها يحمل مخاطرة على صاحب الأموال، خصوصاً بعد تعرّض أحدهم منذ فترة -حسب معلومات “المدن”- إلى عملية نصب من أحد الزبائن الذي حصل على مال صيرفة ولم يعد.