افتتح المعهد العربي للتخطيط في الكويت، وجمعية “النهوض اللبناني للدراسات والتمكين”، قبل ظهر اليوم في السراي الحكومي، أعمال مؤتمر تنظمانه بعنوان “توفير فرص العمل للشباب اللبناني في سوق العمل المحلي والدولي والخليجي: التحديات والحلول المستدامة”، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ممثلا بالرئيس فؤاد السنيورة، وفي حضور وزراء: التربية والتعليم العالي اكرم شهيب، العمل كميل ابو سليمان، الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا عادل أفيوني، المهجرين غسان عطالله، كريم خليل ممثلا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، سفراء الكويت عبد العال القناعي، المغرب امحمد كرين، قطر محمد حسن جابر الجابر، وممثلين عن سفارتي الولايات المتحدة الاميركية والصين، والقائمين باعمال سفارات سلطنة عمان، الامارات، العراق وفلسطين، مدير عام المعهد العربي للتخطيط في دولة الكويت الدكتور بدر عثمان مال الله، رئيس جمعية النهوض اللبناني للدراسات والتمكين الوزير السابق رشيد درباس، الوزير السابق خالد قباني، العقيد عثمان عثمان ممثلا المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عثمان، المدير العام لوزارة الثقافة الدكتور علي الصمد، رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الاسمر، وعدد من عمداء الكليات في الجامعات وشخصيات اقتصادية وتربوية وثقافية واجتماعية.
بعد النشيدين اللبناني والكويتي، افتتح منسق أعمال المؤتمر الدكتور نزيه الخياط المؤتمر بكلمة قال فيها: “ازاء التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية الكبرى وولوج العالم بوتيرة سريعة الى الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، ولأنه من الأهمية بمكان ضرورة الاضاءة على الاشكاليات الناتجة عنها، نعلن افتتاح مؤتمرنا هذا”.
ثم كانت كلمة رئيس “جمعية النهوض” درباس الذي قال: “أنهض أمامكم اليوم باسم “النهوض”، أي الجمعية التي أنشئت كمغامرة في عكس السير، وفي مهب رياح تحث المرء على الاختباء والكمون، لا على النهوض”.
اضاف: “قامت الجمعية بمبادرة من الرجل الدؤوب دولة الرئيس فؤاد السنيورة وبرعاية من الرؤساء الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام، وصدف أن كنت مارا من أمامهم فألقوا القبض علي ونصَّبوني رئيسا. والرئيس السنيورة اتخذ من الحكم والنيابة، بعد أن غادرهما على غير رغبة بالعودة، حقل خبرة، وذاكرة تضيء للمستقبل،، معلنا ان “شريكنا في هذا المؤتمر، المعهد العربي للتخطيط ثمرة تجربة كويتية منتجة، إنها مناسبة أحيِّي فيها الدولة الشقيقة وأعبر عن محبة اللبنانيين لها واعترافهم بجميلها منذ نشأتها”.
ثم كانت كلمة مدير عام المعهد العربي للتخطيط في دولة الكويت الذي قال: “تزداد سعادتي عندما آتي الى لبنان وألاحظ تقدما على صعيد السياسة والاستقرار والبنية التحتية رغم ما يعانيه لبنان، شاكرا دولة الرئيس الحريري على ما يقوم به من أجل إنجاح هذا المؤتمر، كما أشكر دولة الرئيس السنيورة على اهتمامه وشمول نظرته”.
واضاف: “ان هذا المؤتمر يكتسب أهمية خاصة، وعندما نتحدث عن قضايا العمل واسواق العمل، في الحقيقة نحن لا نتحدث عن جديد، ولكن الجديد في الموضوع ان هناك علاقات مضطربة وغير متوازنة، وغير منسقة بين الدول المصدرة للعمالة العربية والدول المستوردة، وفي ظل العولمة اصبحت المنافسة شديدة أمام الدول العربية لتأخذ حصتها في العمل في اسواق الدول المستوردة التي تحقق معدلات نمو كبيرة، وهنا نتطلع من خلال هذا المؤتمر الى تعزيز الفهم المشترك العربي حتى تجد الدول المصدرة للعمالة مناهج وحلولا لفرص العمل، املين من هذا المؤتمر ان لم يكن الى تمهيد الطريق الى ان يثير هذه المسألة ويفتح حولها الحوار والنقاش”.
وأشار الى وجود أربع اشكاليات أساسية، غير ممكن تحقيق النمو الاقتصادي التشغيلي الذي يغذي التنمية ما لم تكن لدينا معالجة شافية لهذه القضايا، وهي: موضوع الاصلاح المالي والاقتصادي، حتى اليوم لا توجد منظومة انمائية عربية للتخطيط فعالة. النظام التعليمي الصحيح والفعال، الذي نفتقده، والذي يجب ان يكون مواكبا للعصر، موضوع الحوكمة الرشيدة.
ثم كانت كلمة الرئيس السنيورة ممثلا الرئيس الحريري، قال فيها: “أحمل إليكم تحيات دولة الرئيس سعد الحريري، الذي كان بوده أن يكون معكم في هذا المؤتمر الهام حول توفير فرص العمل للشباب اللبناني في سوق العمل المحلي والدولي والخليجي. ولكن التزاماته الضاغطة منعته من أن يكون معكم في هذه الصبيحة الأنيسة، وبالتالي فإنه يتمنى لمؤتمركم كل النجاح والتوفيق”.
اضاف: “إنه لأمر بالغ الدلالة أن يستضيف السراي الكبير هذا المؤتمر المهم الذي يعقد برعاية دولة رئيس الحكومة السيد سعد الحريري رغم ما يتعرض له لبنان من صعوبات سياسية واقتصادية، وما يعانيه من التجاذب والضغوط الإقليمية والدولية التي تمتد آثارها السلبية إلى عمق البنية اللبنانية”.
وأشار السنيورة الى ان “الدول تتبنى برامج الإصلاح، التي هي بحاجة ماسة إليها، وتبادر إلى تنفيذها عندما تكون قادرة عليها، وليس عندما تصبح مجبرة على تنفيذها. عندها تكون العملية الإصلاحية قد أصبحت أكثر تعقيدا وأكثر إلحاحا، ولكن عندها أيضا يكون تنفيذها قد أصبح أكبر كلفة وأكثر وجعا وإيلاما، وكذلك أيضا ربما تصبح العملية الإصلاحية أكثر عرضة للأخطاء، وربما قد لا تعود عندها كافية لتأدية الغرض الذي تتوخاه الدولة لتحقيق النهوض والاستقرار والازدهار، وهو الحال الذي أصبحنا عليه اليوم ويا للأسف في لبنان”.
وقال: “لا بد لي هنا، من توضيح بعض الأمور في ما خص الإصلاح،. وهو فعل إيمان والتزام ورؤية واضحة وعمل مثابر. وهو رحلة مستمرة لا يجوز لها أن تنقطع أو تتوقف.
اضاف: “لقد أهدر لبنان موارد ووقتا وفرصا ثمينة، وفقد شهداء أعزاء، وتصدعت دولته. مشيرا الى “ان سلوك طريق المعالجات الصحيحة للمشكلات يقتضي بداية التوقف عن التفتيش عن الحلول في المكان الخطأ، أو اقتصار التفتيش على مكان واحد فقط، بينما تبقى الأمكنة الأساسية الأخرى التي ينبغي تسليط الضوء على المشكلات التي تتسبب بها واستخلاص الدروس اللازمة منها، ولا سيما في ما يتعلق بممارسات اختطاف الدولة اللبنانية واستتباعها وتقاسمها من قبل الأحزاب الطائفية والمذهبية والميليشياوية. في ضوء ذلك، يمكن تحديد البرامج الإنقاذية الواجب اعتمادها. والقسم الأكبر من القرارات التي تتطلبها معظم الحلول المطروحة هو بأيدي اللبنانيين قبل أن تكون بأيدي غيرهم. ويقتضي ذلك المبادرة إلى القيام بتصحيح الخلل المتفاقم في التوازن الداخلي، وذلك انطلاقا من الإيمان والعودة إلى 1ـ: الالتزام الفعلي وليس الكلامي باتفاق الطائف والدستور نصا وروحا إذ ليس مقبولا أن يقول أحدهم إننا: “نعدل الدستور بالممارسة”.
2- الالتزام بتطبيق القوانين الصادرة إذ لم يعد من الممكن القبول بما يقوله بعض الوزراء إن بعض القوانين لا تعجبهم. لذلك فإنهم لا يريدون تطبيقها أو الالتزام بها.
3- الالتزام بتحرير الدولة من الأسر والاختطاف الذي تمارسه عليها الدويلات كبيرها وصغيرها.
4- العودة إلى احترام مصالح لبنان واللبنانيين في علاقتهم مع الدول العربية الشقيقة التي هي أسواقهم الطبيعية والحقيقية، وبالتالي استعادة الاعتبار والالتزام بسياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الخلافات العربية والدولية كما جاء في إعلان بعبدا، وذلك للحؤول دون وضع لبنان واقتصاده على ممرات الأفيال.
5- العودة إلى احترام التزامات لبنان العربية والدولية، والذي هو في مصلحة لبنان واللبنانيين وحسب ما تؤكد عليه الشرعيتان العربية والدولية.
6- العودة إلى الالتزام الكامل بمعايير وقواعد الكفاءة والجدارة والإنجاز في تسلم المناصب الحكومية من جانب أصحاب الكفاءة والجدارة والاستحقاق”.
واعتبر السنيورة “ان هذا التحول إلى ما فيه مصلحة لبنان ليس انصياعا لإملاءات الآخرين بل هو انسجام مع مصلحة الدولة اللبنانية ومصلحة الاقتصاد اللبناني، وكذلك مع استدامة الحرص على مصالح اللبنانيين. لكن هذه الاقتراحات لا يمكن ان تتحقق نتائجها الإيجابية بين ليلة وضحاها إذ تتطلب التزاما وصبرا ومتابعة ومثابرة حتى تبدأ النتائج الإيجابية بالتحقق.
وقال: “لقد دقت الآن ساعة الحقيقة ولم تعد المكابرة والهروب الى الأمام مفيد لأحد، وعليه، لا بد من الذهاب الى المعالجات الجذرية التي تؤدي الى النهوض والعودة بالدولة العادلة والقادرة والحيادية إلى حيث يجب أن تكون وأن تسود بكونها وحدها الحاضنة والمدافعة عن مصالح جميع اللبنانيين”.
وتابع: “إذا بدأ الإصلاح كما سبق ذكره، فإن الشباب والشابات المتخرجين والأكفاء تنفتح أمامهم الفرص في القطاعين العام والخاص اللبناني، وعندها ينطلقون أيضا بحثا عن فرص عمل في الخارجين العربي والدولي”.
وختم: “لقد أردنا بانعقاد هذا المؤتمر في زمانه ومكانه ورعايته أن نؤكد لأشقائنا وأصدقائنا وأنفسنا أننا، رغم كل شيء، متمسكون بوحدة الوطن وحصرية سلطته وسيادة دستوره وأننا سنعمل على مدار الساعة لمزيد من التمكين وتأهيل الأجيال لمسابقة التطور، لأن الظلام لا يدوم ولأننا سنظل نسعى لاستيلاد الفجر من أشداق الظلمة