الرهان على الإنهيار لجذب بعض الدولارات من السياح والمغتربين هو المرادف للإفلاس، وليس دليلاً على صحة الإقتصاد. فالقطاع السياحي يشتري حاجاته على سعر 13 ألف ليرة، ويبيع خدماته في المقابل على سعر 6 آلاف ليرة للدولار الواحد. فيظهر بمظهر المتعافي فيما هو “يأكل من لحمه الحي”، بحسب نقيب المؤسسات السياحية البحرية جان بيروتي. فـ”يؤمن الصمود مرحلياً للإقتصاد، وليس النهوض به كما من المفترض به أن يفعل”.
وقد جاء قرار وزارة السياحة باعتماد fresh dollars لتقاضي تعرفة الفنادق من الأجانب، كحل يعوّض على القطاع بعض الخسائر. مع العلم أن النسبة الأكبر من السياح هم من المغتربين الذين يحملون الهويات اللبنانية، والحجوزات في المطاعم والفنادق تعتمد بشكل أساسي على السياحة الداخلية. الأمر الذي قد يفوّت على الفنادق الإستفادة الكبيرة من هذا القرار، الذي سبق واعتمدته كل من تركيا ومصر والأردن واليونان وغيرها الكثير من الدول. تشابه الواقع الذي يعيشه لبنان مع مجموعة الدول التي مرت بأزمات مشابه في الشكل، يختلف عنها في المضمون بحسب بيروتي بـ”غياب الجرأة باتخاذ القرار والحكمة في النهوض والإلتفاف حول مشروع الوطن. فنحن مجموعة أوطان على أرض واحدة. وهذا ما يثير الخوف والريبة من أن تكون الإنطلاقة من القطاع السياحي لمعالجة الإقتصاد من دون خطة واضحة كـ “ضربة سيف في الماء”، لا تحدث أي فرق يذكر.
شهدت نسبة الإشغال الفندقي في الأطراف إرتفاعاً ملحوظاً وصل إلى نسبة 60 في المئة، فيما بقيت نسبة الإشغال في العاصمة منخفضة جداً. كما أن بيروت ما زالت متأثرة بانعكاسات انفجار المرفأ وإقفال أهم 10 فنادق، مثل “فينسيا”، “لوغراي”، “مونرو”، “البريستول”… والكثير من المطاعم والمؤسسات السياحية. هذا وما زالت الأسواق السياحية الأثرية في وسط بيروت مثل الحمامات وغيرها مقفلة بحجة أمنية.
بالإضافة إلى كل ما تقدم، يبقى نزف العمالة الماهرة وتعاظم ظاهرة الهجرة من أخطر ما يهدد السياحة في لبنان. فالمؤسسات السياحية تخسر نتيجة الأزمة استثمارها طويل الأمد في اليد العاملة الفندقية. حيث تحول العمل في الخارج، برواتب أقل مما كانت تعطى في الماضي، إلى الخيار الأول بالنسبة إلى النادل، والطهاة ومختلف مقدمي الخدمات الفندقية.