الشاحنات الكهربائية تتسابق لنيل حصتها من النقل الأخضر

تتطلع شركات تصنيع السيارات إلى توسيع أعمالها لتشمل الشاحنات الكهربائية، بعدما كان اهتمام المستهلكين متناسبا مع العرض المحدود بسبب المسافة المنخفضة التي يمكن لوسائل النقل هذه قطعها قبل اضطرار المرء إلى إعادة شحنها لفترة طويلة.

لكن العديد من المصنعين وضعوا خططا كبيرة لتقديم طرازات جديدة من الشاحنات الكهربائية إلى السوق خلال العام المقبل في إطار محاولتهم الوصول إلى سوق أوسع.

وتمارس الحكومات في جميع أنحاء العالم منذ سنوات ضغوطا على شركات القطاع لتقليل انبعاثات الكربون الناتجة عن احتراق وقود الديزل والبنزين ومعالجة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وهذا الوضع دفع الكثير من الشركات إلى الاستثمار في تطوير الشاحنات الكهربائية (الشاحنات الإلكترونية). وفي الوقت نفسه، تعمل المناطق منخفضة الانبعاثات على قيادة الأساطيل لاستبدال الشاحنات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي بخيارات أنظف.

ومع ذلك، هناك بعض المخاطر المرتبطة باعتماد الشاحنات الإلكترونية، إذ يرى خبراء القطاع أنه يجب أن تثبت المركبات الجديدة أنها يمكن الاعتماد عليها وربما تتطلب تدريب العملاء والتجار لتزويدهم بالمعرفة الكافية في ما يتعلق بعملياتهم.

وعلاوة على ذلك، فهناك من يتوقع أن تؤدي البنية التحتية غير الملائمة لشحن الشاحنات الكهربائية إلى إعاقة نمو هذه السوق التي لا تزال في مهدها.

وتشير العديد من الدراسات بما فيها تقرير لشركة الأبحاث موردر أنتيلجنس صدر قبل فترة إلى أن قيمة سوق الشاحنات النظيفة بلغت بنهاية 2021 حوالي 22.63 مليار دولار.

ورجح معدو تلك الدراسات أن تنمو السوق بمقدار 30 في المئة سنويا حتى العام 2027 ليصل حجمها إلى قرابة 57.7 مليار دولار وهو رقم يبدو صغيرا بحسب بعض الملاحظين.

وانطلق خلال الشهر الماضي إنتاج تسلا سايبرترك، بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من الإعلان عن خطط الشركة الأميركية المملوكة من قبل الملياردير إيلون ماسك لإنتاج طراز شاحنة صغيرة.

وسيتم إنتاج تسلا سايبرترك في مصنع غيغا فاكتوري في أوستن بتكساس الذي تبلغ مساحته 2500 فدان (1011 هكتارا) وخصصت 929 ألف متر مربع للتصنيع. وقدّم الرئيس التنفيذي ماسك لمحة أولية عن الشاحنة عندما أصدر لقطات وهو يقودها في جميع أنحاء المدينة.

وتقول تسلا إنها تلقت حتى الآن حجوزات لأكثر من 1.5 مليون شاحنة سايبرترك. ولم تتجاوز كلفة كل حجز 100 دولار. لكن عدد المبيعات المتوقع يبقى غير مؤكد في الوقت الحالي. وتعمل تسلا، على الرغم من ريادتها في عالم السيارات الكهربائية، على اللحاق بعروض شاحنات صانعي السيارات الآخرين مثل فورد إف-150 لايتنينغ.

وأطلقت شركة فورد إنتاج شاحنتها الكهربائية في 2021، وتلقت اهتماما إيجابيا من المستهلكين ومراجعات جيدة حتى الآن.

ووضع صانعو الشاحنات الكبيرة الأخرى، بما في ذلك ريفيان للسيارات وجي.أم.سي ورام، خططا لإطلاق طرازات شاحنات كهربائية عالية التنافسية أيضا، مما يعني أن سايبرترك تخوض سباقا شديدا.

ولم يُعلن عن السعر النهائي للشاحنة بعد، لكن من المتوقع أن يكون 39.9 ألف دولار للنسخة ذات المحرك الواحد وحوالي 70 ألف دولار للخيار ثلاثي المحركات. كما ذكرت شائعات أن الشاحنة قد تكون مصنوعة باستخدام زجاج مضاد للرصاص.

وتعتمد فورد نفس طراز السيارة الأكثر مبيعا في سوق أميركا الشمالية على مدار العقود الأربعة الماضية في أول شاحنة كهربائية، وهي أف-150، حيث سارع الآلاف من الأميركيين لحجز الشاحنة الذي سيتراوح سعرها بين 60 و100 ألف دولار منذ 2021.

وذكرت شركة فورد أن مدى الشاحنة يصل إلى 320 ميلا (514 كيلومترا) قبل إعادة شحن البطارية، ويمكنها تشغيل معدات أخرى، وتتمتع بالقدرة على سحب حمولة تصل إلى 4.5 طن.

وليس صانعو السيارات المشهورين الوحيدين الذين دخلوا المنافسة، حيث تعمل العديد من الشركات الناشئة على تطوير خطوط جديدة ومبتكرة من الشاحنات الكهربائية.

ويمكن للمستهلكين في الولايات المتحدة اختيار ريفيان آر 1 تي، وهو نموذج قيد الإنتاج حاليا. ومن المتوقع أن تحقق هذه الشاحنة مدى يصل إلى حوالي 300 ميل، وهي قادرة على بلوغ 60 ميلا في الساعة في حوالي 3 ثوانٍ.

ويُعتقد أنها قادرة على التحرك عبر برك يتجاوز عمقها أكثر 90 سنتيمترا وسحب ما يصل إلى 5 أطنان. وسيصل ثمنها إلى حوالي 73 ألف دولار. وتعمل ريفيان أيضا على إنتاج شاحنة ذات سبعة مقاعد.

وتعتقد شركة تيلو، وهي شركة ناشئة مقرها الولايات المتحدة، أنها يمكن أن تقدم للمستهلكين شيئا مختلفا من خلال شاحنتها الكهربائية الصغيرة المعيارية.

وتقول إن لشاحنتها “قدرة تويوتا تاكوما”، لكنها تقارب حجم ميني كوبر. وأمكن تصنيع الشاحنة الأصغر نظرا إلى عدم احتوائها على محرك عادي، مع تخزين البطاريات في الأرضية.

ويمكن لشاحنة تيلو أن تبلغ مئة كيلومترا في الساعة في حوالي 4 ثوانٍ، وتبلغ سرعتها القصوى 200 كيلومتر في الساعة، ويبلغ مداها حوالي 350 ميلا (563 كيلومترا).

وتستغل الشركة المساحة بحكمة، مما يعني أن المساحة المضغوطة يمكنها استيعاب خمسة ركاب، أو يمكن إعادة ترتيبها لحمل أشياء ثقيلة وضخمة.

ولا تزال تيلو في مرحلة النموذج الأوّلي في الوقت الحالي، ولكنها تستطيع توفير مخطط متجدد لمستقبل الشاحنات الكهربائية، وهو نموذج مضغوط أكثر عملية مع جميع إمكانات الشاحنات التقليدية.

وتقول فيليسيتي برادستوك الكاتبة في منصة “أويل برايس” الأميركية إن صانعي السيارات الأميركيين يواجهون منافسة شديدة من آسيا مرة أخرى بينما يدخلون بسرعة عالم الشاحنات الكهربائية.

وأعلن العديد من مصنعي السيارات الصينيين ويتصدر كثير منهم بالفعل سوق السيارات الكهربائية عن خطط لإطلاق شاحنات كهربائية يمكن أن تنافس عروضا من شركات صناعة السيارات المعروفة.

وكشفت شركة مجموعة تشجيانغ جيلي القابضة الصينية في يوليو الماضي أن الدفعة الأولى من شاحنتها الكهربائية الصغيرة رادار آر دي 6 أصبحت جاهزة الآن للتصدير.

وتعدّ مجموعة جيلي الشركة الأم والمالكة المشتركة للعديد من العلامات التجارية الكبرى للسيارات بما في ذلك فولفو وبوليستار وزيكر ولوتس.

ولا يتجاوز سعر رادار آر دي 6 مبلغ 25 ألف دولار، مع استمرار ريادة الصين في السيارات الكهربائية منخفضة الكلفة. وتتوقع جيلي طرح مجموعة كاملة من السيارات الكهربائية، بما في ذلك الشاحنات الصغيرة وسيارات الدفع الرباعي خلال السنوات القادمة.

ومع توقع أن تقدم تسلا شاحنة سايبرترك إلى السوق خلال العام المقبل، يتطلع المستهلكون بشكل متزايد إلى مستقبل النقل بالشاحنات الكهربائية.

وبدأ العديد من صانعي السيارات الرئيسيين في الولايات المتحدة بالفعل في إنتاج مجموعات من شاحناتهم الكهربائية، وليست الشركات الناشئة الأصغر بعيدة عن الركب.

وتواصل الصين في الأثناء مفاجأة عالم السيارات من خلال إنتاج طرازات السيارات الكهربائية المثيرة بأسعار أقل من نظيراتها الأميركية، مما يشير إلى أن سيطرة الصين على سوق السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة يمكن أن تنمو خلال العقد المقبل.