قبل نحو تسعة أشهر، وتزامناً مع بداية التلويح برفع الدعم عن الاستيراد، بدأت شركات الأدوية المستوردة فوراً تقنيناً في تسليم الأدوية إلى الصيدليات، وبات حصول المريض في لبنان على أدويته متوقفاً على «الحظ»، بعد جولة على عدد كبير من الصيدليات.
ورغم أن رفع الدعم عن الأدوية لم يُحسم بعد، ولم تتبلّغ نقابة مُستوردي الأدوية، رسمياً، أي تغيير بعد 31 أيار الحالي، وتأكيدات وزير الصحة حمد حسن «الرفض الكلي لرفع الدعم عن الدواء أو ترشيده»، تواصل الشركات تشديد الخناق على الصيدليات عبر تسليمها بعض الأدوية بـ«القطارة» أو الامتناع كلياً عن التسليم.
رئيس نقابة مستوردي الأدوية كريم جبارة أوضح لـ«الأخبار» أن الشركات عمدت منذ بداية الأزمة الى اعتماد تسليم كل صيدلية عدداً محدداً من الأدوية بناءً على حاجاتها، فيما سُجّل «طلب غير طبيعي» ناجم عن التهافت، ما عزّز الانقطاع الدوري في الأدوية. ولفت إلى وجود «عاملين طارئين» أسهما في إحداث «بلبلة كبيرة»: الأول هو تردد الشركات المصدّرة في إرسال البضائع الى لبنان بعد تزايد الحديث عن إفلاس الدولة والعجز عن تسديد الفواتير، والثاني قرار مصرف لبنان فرض الموافقة المسبقة قبل تسيير المعاملات. ويوضح أن شحنات كثيرة من الأدوية كانت الشركة قد استوردتها قبل صدور قرار مصرف لبنان «لا تزال عالقة ولا يمكن تصريفها بانتظار الحصول على الموافقة»، لافتاً إلى أن «هذا الأمر التقني أدى الى امتناع الموردين عن تسليم بعض المستودعات التي يتضاءل مخزونها يوماً بعد يوم». وعليه، فإنّ «ضخ» الأدوية المزمنة في السوق رهن موافقة مصرف لبنان حالياً، فيما لا يستبشر نقيب الصيادلة في لبنان غسان الأمين خيراً بـ«الوضع السيّئ ما لم يتم التوصل الى حل سياسي». وأوضح أن خطة ترشيد الدواء التي انكبّت عليها النقابة لثلاثة أشهر في مجلس النواب «نامت في الأدراج بسبب الخلاف بين رئيس الحكومة الذي يربط الترشيد بالبطاقة التمويلية وامتناع مصرف لبنان عن إقرار البطاقة»، مُشيراً إلى غياب أي خطة تتعلق بالدواء، «ومع تزايد الحديث عن رفع الدعم، فإن حالة الهلع والتهافت على الصيدليات ستستمر».
أما تصريحات وزير الصحة، فـ«لا مفاعيل واقعية لها ما لم تُرفق بخطة فعلية توضح طبيعة المرحلة المُقبلة. وحتى الآن، لم نُبلّغ من أي سلطة سياسية أو غيرها أن تاريخ الأول من حزيران المُقبل سيكون مختلفاً عن غيره في ما خصّ آلية تسعير الأدوية»، ما يعني أن الأمور مُشرّعة لمزيد من الفوضى.