أوّل إنجاز لمجلس النوّاب في بداية العقد الإستثنائي، الذي سيفتتح يوم غد السبت، سيكون “تعديل القانون الرقم 112 تاريخ 22/3/2019″، الذي كان أجاز للحكومة جباية الواردات وصرف النفقات على أساس القاعدة الإثني عشريّة حتى 31 أيّار من العام نفسه، أما مضمون الإنجاز فهو موافقة المجلس على “تمديد” مهلة الجباية والصرف وفق القاعدة نفسها حتى 30 حزيران المقبل.
بحجّة أنّ “مشروع قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2019 لم يُصدَّق لتاريخه وضماناً لاستمراريّة تسيير المرافق العامة لجهة الإنفاق والجباية”، مجلس النوّاب “الكريم” لن يتواني عن تغطية “توأمه المُصغَّر”، حكومة “إلى جيوب الناس”، المُقصِّرة في أداء واجباتها ضمن المواقيت الدستوريّة، والتي استهلكت كامل المهلة الأولى، حتى 31 أيّار، في مناقشة، وتكرار مناقشة بدون جدوى، بنود الموازنة العامة قبل إقرارها وإحالتها.
وفق المجريات والمعطيات والمواقف، لا يبدو أنّ التعديل “التمديد” المُنتظر سيكون الأخير، فمجلس النوّاب لن يُفوِّت على أعضائه وكتله وتكتلاته “فرصة” ممارسة بعض “الحقوق والواجبات النيابيّة” على حكومة “منه وفيه وله”، على مرأى ومسمع من الرأي العام، وذلك من خلال فتح المجال واسعاً أمام مناقشة الموازنة وطرح أفكار وإبداء اعتراضات، بعضها جدّي وبعضها استعراضي، وعلى مدى زمني غير مُحدّد، والأهم أنّ المهلة المطلوب تمديدها حتى 30 حزيران قد لا تكون كافية لتقديم كل العروض والاستعراضات النيابيّة قبل تشريع الموازنة، الأمر الذي سيفرض على المجلس النيابي “سيّد نفسه”، من دون تقديم مشروع قانون تعديل من الحكومة، أنّ يجيز للحكومة الجباية والصرف على أساس القاعدة الإثني عشريّة لمدّة شهر إضافي، أي حتى 31 تمّوز، ما سيُثقل كاهل البرلمان داخليّاً وخارجيّاً.
فمن يتابع الأداء النيابي وأداء القوى السياسيّة والطائفيّة يعرف أنّ هذا الاحتمال وارد بقوّة، وقد يمتد إلى أشهر متقدّمة من هذا العام، وفي النهاية لا مفرّ من “البصم” خاتمة الإقتناعات غب الولاء.
المفارقة أنّ بعض الأفرقاء السياسيّين وهو يسعى إلى وضع بصمته “المصلحيّة” على الموازنة، هو الأسرع في محاولة رفع المسؤوليّة “بأنواعها كافة” عن نفسه، رغم مساهمته المشهودة في إلحاق الأذى بعاملَي الاستقرار والأمان.
موازنة “التذاكي” لم تنطلِ على اللبنانيين، وليس من المنطق بمكان أنْ تنطلي على الدول والجهات المانحة للقروض عبر مؤتمر “سيدر” ومؤسسات التصنيف العالميّة؟
بالملموس، الأداء السلطوي سيئ، والإدارة السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة أسوأ، والثقة الداخليّة مفقودة والنظرة الخارجيّة سلبيّة، ما يؤكّد أنّ محاولة تعميم الأجواء الإيجابيّة ليس إلا “عملة ممحيّة”.
المسؤوليّة تقع على حرّاس الأمّة “المُنتخَبين”، فالشعب بلا حرّاس شعب بلا حقوق، فهل يستيقظ النوّاب؟