بعد طول انتظار، أصدرت وزارة الصحة العامة، أمس، لائحتين بالأدوية التي يفترض أن تخرج من عباءة الدعم. في اللائحة الأولى، ضمّنت الوزارة الأدوية المنتجة محلياً بشكلٍ كلي، والتي تتضمن ما يقرب من 406 أدوية أعادت الوزارة ترتيب أسعارها على أساس سعر صرف 4800 ليرة لبنانية للدولار الواحد، فيما ضمت اللائحة الثانية 1500 دواء معلّب محلياً ومستورد بموجب ترخيص، على أساس سعر الصرف 12 ألف ليرة لبنانية للدولار، آخذة بالاعتبار الوصول إلى الحد الأقصى من التسعير الذي تعتمده الدولة على الأقل حتى الآن. وإن كانت بعض المصادر تشير إلى إمكانية أن تكون تلك التسعيرة خاضغة للتعديل كلما دعت الحاجة، وتذهب مصادر أخرى إلى القول أن يكون التعديل «كل 15 يوماً»، وهو أمر ليس محسوماً بطبيعة الحال.
لكن، على ما يبدو، فإن حسابات الحقل لم تطابق حسابات بيدر نقابة مستوردي الأدوية ولا الصيادلة… ولا حتى الجزء اليسير من المستهلكين الذين باتوا في معظمهم أقرب إلى خط الفقر منه إلى الاستقرار. وفي هذا السياق، وقبل أن تخفت ضجة صدور لوائح الأدوية الخارجة من الدعم، أتت الضجة من نقابة مستوردي الأدوية الذين أعلنوا «عصيانهم»، وخصوصاً لناحية تسعير لائحة الـ 1500 دواء على أساس الـ 12 ألف ليرة للدولار. مشكلة هؤلاء في الفارق ما بين الشراء والمبيع، إذ «كيف يمكن أن نشتري الدواء على أساس سعر صرف السوق السوداء والذي وصل أمس إلى 24 ألف ليرة لبنانية، فيما تطلب منا الوزارة بيعه في السوق على أساس سعر 12 ألف ليرة؟»، يتساءل نقيب المستوردين، كريم جبارة. لا يجد هؤلاء مخارج للحلول على أساس المطروح، إلا في حالة واحدة «أن تؤمن لنا الوزارة الدولارات كي نستورد»، يضيف جبارة، أو «تركنا نشتري ونبيع على أساس سعر الصرف اليومي للدولار». أما على سعر الـ 12 ألفاً؟ فلن «يكون هناك استيراد». لكل هذه الأسباب، يقول جبارة «إننا لن نحلّ المشكل»، لافتاً إلى أن التوجه هو العودة إلى النقاش مع الوزارة «لكي نفهم لماذا اختار الوزير هذا الأمر».
أما الصيادلة، فخوفهم في مكانٍ آخر. من ضياع ما تبقى من رؤوس أموالهم، حيث لفت نقيب الصيادلة، غسان الأمين، إلى صدور قرارٍ عن الوزارة يقضي بتعديل جعالة الصيادلة من 22,5% إلى 16% وكذلك الحال بالنسبة إلى أرباح المستوردين، بخفضها من 11% إلى 6%. إلى ذلك، لم تخرج إلى العلن اللائحة المدعومة لحدوث مشاكل تقنية في البرنامج. لكن، في العناوين العريضة، لفت الوزير حسن، في مؤتمر صحافي عقده صباح أمس، إلى أن لائحة الأدوية المدعومة تشمل كل أدوية الأمراض السرطانية والمستعصية والمزمنة والأمراض العصبية والنفسية والحليب ولقاحات الأطفال والبنج، على أن يطال الدعم في غالبيته «الجينيريك». ولئن كان الهدف المباشر من هذا الدعم هو التخفّف من ثقل الفاتورة لناحية الاستفادة من السعر الأدنى، مع الحفاظ على الجودة، إلا أن الهدف غير المعلن هو الضغط على الشركات الكبرى للتعديل في الأسعار لكي تبقى ضمن إمكانات السكان ولكي تبقى في السوق اللبناني.