دائمًا ما يتساءل المواطن اللبناني عن إمكانية “صمود” القطاع الصحي في حال اندلاع الحرب الإسرائيلية على لبنان، خصوصًا أن المشافي باتت بحالة عجز منذ العام 2019. لكن، يمكن لأي مراقب أن يستنتج بأن المساعدات الدولية المستمرة للقطاع الصحي، هي التي “منعته” من الانهيار خلال الظروف الاستثنائية.
مساعدات ألمانية
مرة جديدة، تسلّمت وزارة الصحة العامة مساعدات طبية من الدولة الألمانية عبر منظمة الصحة العالمية وهي عبارة عن 20 (TRAUMA KITS)؛ أي إمدادات طبية ومستلزمات خاصة بالإصابات المخصصة لمعالجة جرحى الحرب، في حال نشوب حرب واسعة على الأراضي اللبنانية.
“TRAUMA KITS” هي مجوعة كبيرة تضم إمدادات طبية قادرة على معالجة أكثر من 250 جريحاً، وهي مؤلفة من مستلزمات طبية خاصة لاستخدامها خلال العمليات الجراحية.
في الواقع، المساعدات الدولية للقطاع الصحي اللبناني ليست الأولى من نوعها، إذ سبق واستلمت الدولة اللبنانية مساعدات متنوعة من مختلف المنظمات الدولية (منظمة الصحة العالمية، أطباء بلا حدود، الأمم المتحدة، اليونيسيف.. وغيرها) وخصوصًا بعدما أُعلن عن خطة الطوارئ الخاصة بوزارة الصحة، فلبّت مختلف بلدان العالم النداء الإنساني، وتسلمت الدولة اللبنانية في المرة الأولى مساعدات طبية من المركز اللوجيستي لمنظمة الصحة العالمية في دبي، لتلبية احتياجات أكثر من 1000 جريح.
تنوعت المساعدات الدولية، ولم تنحصر الإمدادات الطبية بتلك المخصصة لاستخدامها خلال العمليات الجراحية لمعالجة جرحى الحرب، بل شملت أيضًا مستلزمات خاصة لفرق الإسعاف، وإمدادات طبية مخصصة للولادات المتعثرة وغيرها..
وُزعت المساعدات الدولية في مختلف المشافي اللبنانية، واحتفظت وزارة الصحة بباقي الإمدادات الطبية، ووضعتها داخل مستودعات ومخازن خاصة بالوزارة.
الأرقام الرسمية
الجدير بالذكر، أن خطة الطوارئ التي وضعتها الدولة اللبنانية عرّضت وزارة الصحة لانتقادات متنوعة، لكون الدولة اللبنانية بحالة إفلاس، وسيكون صعبًا على المشافي الصمود، إلا أن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، فراس الأبيض صرّح لـ”المدن” بأن المبلغ المتوفر داخل وزارة الصحة (المخصص لمعالجة جرحى الحرب) قد تجاوز الـ22 مليون دولار أميركي، شارحًا بأن الدولة اللبنانية قد خصصت مبلغ (ألف مليار ليرة) لتجهيز المشافي، وبقية المبلغ هو قرض من البنك الدولي.
ووفقًا للأرقام الرسمية التي حصلت عليها “المدن” من وزارة الصحة، يصل عدد المشافي في لبنان إلى حوالى 160، أما تلك التي جهزت عبر وزارة الصحة فيبلغ عددها حوالى 45، وهذا العدد يقسم بين مشافي ضخمة ومتمكنة، وبين مشافي متواجدة بالقرب من أماكن النزاع في جنوب لبنان. أما عدد الأسرة المخصصة لاستقبال الجرحى فبلغ 5000 سرير.
وبالعودة إلى حرب تموز العام 2006، يوضح الأبيض بأن الوزارة آنذاك احتاجت حوالى 5 مليون دولار أميركي من أجل معالجة أكثر من 11 ألف جريح، أما المبلغ المتوفر حاليًا داخل وزارة الصحة فهو 22 مليون دولار أميركي.
منذ بداية معركة طوفان الأقصى، نظمت وزارة الصحة أكثر من 100 دورة تدريبية للطواقم الطبية في جميع المشافي (الحكومية والخاصة)، وبالرغم من اعتبار الأبيض بأن جهوزية المشافي باتت أفضل مما كانت عليه خلال الأشهر الماضية، لكنها ستكون بحاجة لدعم إضافي في حال تعرضت المشافي لقصف إسرائيلي.
3 أشهر وأكثر..
من أجل ذلك، وخوفًا من تكرار مسلسل انقطاع الأدوية، يؤكد الأبيض بأن مخزون الأدوية بات يكفي لأكثر من 3 أشهر، لافتًا إلى أن الأدوية المخصصة لمرضى غسيل الكلى باتت متوفرة لـ3 أشهر أيضًا، كما أن وزارة الصحة وزعت حوالى (60 طناً) من المستلزمات الطبية على المشافي (الحكومية والخاصة). ولكن يبقى السؤال الأساسي: “هل سيتمكن القطاع الصحي من الصمود خلال الحرب؟”. لا أحد يعلم.