الصخب حول تصنيف لبنان الائتماني: هل هو مجرد زوبعة في فنجان؟

أبقت وكالة فيتش على تصنيف لبنان عند “RD”، ما يدل على استمرار عجز البلاد عن سداد السندات بالعملة الأجنبية والمحلية على المدى الطويل. الوكالة كشفت أنها ستوقف إصدار تصنيفات جديدة للبنان، نظرًا لنقص المعلومات الكافية المتاحة لديها لإصدار تقييمات دقيقة.

ينشر مصرف لبنان ووزارة المالية بياناتهما الدورية كل 15 يومًا على مواقعهما الرسمية، إلا أن دائرة الإحصاءات تواجه صعوبات في تأمين البيانات الضرورية. هذه ليست المرة الأولى التي يُعلق فيها تصنيف لبنان من قبل مؤسسات مالية دولية، حيث شهدت الثمانينات في فترة الحرب المشكلة نفسها، عندما كان هناك نقص في البيانات الماكرو-اقتصادية المتاحة في ذلك الوقت.

في هذا الإطار رأى الأستاذ نبيل الكرد المتخصص بالهندسة الصناعية والتحليل المالي CFA، في حديث مع “النشرة” أنه في اليومين الماضيين، لاحظنا صرخة احتجاجية غير مبررة من البعض على قرار وكالة فيتش بالإبقاء على التصنيف السيادي للبنان عند مستوى IRD، الذي يشير إلى تصنيف تعثر سيادي عن السداد. كما أعلنت الوكالة أنها تتوقع وقف تصنيف لبنان بالكامل، مشيرة إلى أن البيانات الماكرو-اقتصادية، المقدمة من مصرف لبنان المركزي هي إما ناقصة أو غير مكتملة.

تجدر الإشارة هنا إلى أنّ التصنيف الائتماني السيادي هو تقييم مستقل للجدارة الائتمانية لبلد أو كيان سيادي، وبهذا هو يمنح المستثمرين رؤى شبه واضحة حول مستوى المخاطر المرتبطة بالاستثمار في ديون بلد معين، بما في ذلك المخاطر السياسية.

نحن نعلم أنّ فائدة التصنيف تتمثل بالنسبة للدولة المصنفة بالسماح لها بصفتها مقترضًا بالحصول على القروض من المستثمرين والمصارف الدولية، أما بالنسبة للمستثمرين والكيانات المقرضة، فالتصنيف يعطيها توجيهًا صحيحًا لتتمكن من تقييم المخاطر والموافقة لاحقًا على القرض وتسعير الإصدار السيادي.

هل هذه الصيحات مبررة في ظل وجود العديد من القضايا الإدارية والمالية والاقتصادية الكبرى التي يحتاج لبنان إلى معالجتها؟

أين هي الأولويات؟

هل هي للمحافظة على استمرارية تصنيف IRD، الذي هو بجميع الأحوال يقصي لبنان عن أسواق الاقتراض الدولية؟أم أن الأولويات هي أن نتوصل إلى توافق في الرؤى بشأن إعادة أموال المودعين، ووضع خطة شاملة لإعادة هيكلة النظام المصرفي وتنفيذ الإصلاحات، والتفاوض مع حاملي اليوروبوندز؟ جميعها إنجازات كبرى ينبغي أن تؤدي في النهاية إلى التعافي الاقتصادي.

إذا لم تنجز هذه الأولويات، سيبقى تصنيف لبنان بمستوى الـ IRD، وبذلك تكون الحاجة له شكلية لا أكثر ولا أقل.

أما في حال التوافق على الأولويات الحقيقية وبعد إنجازها، سيتمكن لبنان من رفع مستوى التصنيف إيجابًا، وعندئذٍ يصبح تصنيف فيتش وغيرها ضرورة قصوى تسمح بدخول لبنان إلى الأسواق العالمية.

على عكس الضجة غير المبررة، إن هذه الإنجازات هي التي ستعيد التصنيف الإيجابي إلى لبنان.

لذلك أنا أرى أن هذه الصيحات والصرخات التي سمعناها هي مجرد زوبعة في فنجان، أثارتها بعض الجهات التي تعودنا أن نسمعها تأتي بسرديات عديمة الأهمية من أجل انتقاد كل خطوة قد تتخذها السلطات النقدية، وكأن هناك غاية في نفس يعقوب.

أحب أن أضيف من حيث الأرقام أنّ هناك سبعة وأربعين دولة، مجموع تعداد سكانها يتجاوز مليار نسمة، غير مصنفة من قبل وكالة فيتش، وأن هذه الوكالة توقفت عن تصنيف خمس دول أخرى، علمًا أنها لم تتوقف حتى الساعة عن تصنيف لبنان، ولكنها أعلنت ذلك مستقبلًا.

ولكن كما ذكرت خبر لا يستحق هذه الضجة.

مصدرالنشرة - محاسن مرسل
المادة السابقةتحذيرات الحرب تسبب تدهوراً خطيراً في السياحة اللبنانية
المقالة القادمةانخفضت اسعار المشتقات النفطية اليوم بمعدل ١١٠٠٠ ليرة لصفيحتي البنزين ٩٨ و٩٥ اوكتان والديزل اويل للمركبات الالية ١٨٠٠٠ ليرة لبنانية .