الصراع على نفط المتوسط وغازه: توتال إنيرجي تعزّز موقعها

حصدت شركة توتال إنيرجي الفرنسية موقعاً متقدّماً في منطقة شرقي البحر المتوسّط بفعل عملها على التنقيب عن الغاز على طرفيّ الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة. وباتفاقٍ ثنائي بين توتال وإسرائيل، وضعت الأخيرة يدها على القرارات المتعلّقة بالتنقيب عن غاز المنطقة، تحت رعاية أميركية. ووافقت توتال على تلك السيطرة طالما أنها تضمن لها مصالحها (راجع المدن).

وجود الشركة في شرقي المتوسّط يُسَجَّل كإنجاز معنوي لها، يُضاف إلى الإنجاز المادي الذي حقّقته بالانتقال من المركز الرابع في ترتيب أرباح شركات النفط في الربع الثاني من العام 2023، إلى المركز الثاني وفق الاحصاءات المتعلّقة بالربع الثالث من هذا العام. ما يضع الشركة أمام منافسة مع شركة إكسون موبيل التي بقيت في الصدارة.
وأمام هذه “الإنجازات” تواجه توتال مع نظرائها، انتقادات تتعلّق بالمساهمة في تدمير الكوكب، وتواجه منفردة انتقادات في لبنان لناحية التماهي مع العدو الإسرائيلي في ما يتعلّق بعملية التنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية.

زيادة الأرباح عالمياً

حلّت شركة إكسون موبيل الأميركية، في المركز الأول على سلّم ترتيب شركات النفط الكبرى، لجهة تحقيق أرباح مالية وصلت إلى 9.07 مليار دولار في الربع الثالث من العام الجاري. في حين كانت قد حققت أرباحاً بمعدّل 7.88 مليار دولار في الربع الثاني من العام نفسه. مع أنها حصدت في الربع الثالث من العام الماضي 19.66 مليار دولار.
وانتقلت شركة توتال إنيرجي إلى المركز الثاني بربح بلغ 6.67 مليار دولار، في حين حصدت في الربع الثاني 4.08 مليار دولار، وكانت في المركز الرابع. أما شركة شيفرون الأميركية، فحلّت في المركز الثالث وحصدت 6.52 مليار دولار في الربع الثالث من العام 2023، وكانت قد حلّت في المركز الثاني في الربع الثاني بربح بلغ 6.01 مليار دولار.

وتعود هذه الأرباح إلى ارتفاع أسعار النفط عالمياً بين نهاية حزيران ونهاية أيلول، من 74.90 دولاراً للبرميل إلى 95.31 دولاراً للبرميل، أي بنسبة 27.2 بالمئة. ومع ذلك، تبقى الأرباح لهذا العام أقل مما حققته الشركات في العام 2022، بسبب الارتفاع الكبير في أسعار النفط عالمياً حينها، كنتيجة للحرب في أوكرانيا وزيادة الطلب على النفط والغاز في كل انحاء أوروبا.

امتعاض بيئي وتهديد للكوكب

الانفراجات التي شهدتها مالية الشركات، قابلها امتعاض من المدافعين عن البيئة. ذلك أن الاعتماد على الوقود الأحفوري يساهم في رفع معدّلات التلوّث والاحتباس الحراري، ما يتسبّب بارتفاع درجات حرارة الكوكب وبحصول فيضانات. ووفق منظمة غرين بيس، وهي منظمة بيئية عالمية غير حكومية، فإن “أكثر من 90 بالمئة من المنتجات البلاستيكية، مصنوعة من الوقود الأحفوري. والتلوث الناتج عن إنتاج البلاستيك العالمي وحرقه، يعادل انبعاثات ما لا يقل عن 189 محطة طاقة تعمل بالفحم”.

ونشرت المنظّمة على مواقع التواصل الإجتماعي، يوم أمس، أنه “بينما تحصي هذه الشركات أرباحاً بمليارات الدولارات، فإن الناس في جميع أنحاء العالم يحصون في المقابل خساراتهم”. وخلصت المنظّمة إلى أن “عمالقة النفط والغاز هم من تسببوا بأزمة المناخ، وقد حان الوقت لإلزامهم بدفع ثمن عقود من الدمار المناخي”. ولإنقاذ الكوكب وسكّانه على “الملوّثين أن يدفعوا الثمن: أرواحنا قبل أرباحهم”.

تهديد حياة الكوكب وسكّانه لا تنحصر في الملف البيئي فقط، بل تتعدّاه إلى التدخّل بالشأن السياسي. ذلك أن للكثير من تلك الشركات الكبرى، دهاليز إلى رجالات السياسية أصحاب القرار في أي دولة. وعليه، تساهم الشركات في رسم السياسات الدولية، خصوصاً المتعلقة بالنفط والغاز، انطلاقاً من توزيع المصالح ومناطق النفوذ والسيطرة على مكامن وجود النفط والغاز.

ولا تخرج توتال عن هذا المسار في لبنان، إذ تماطل في إطلاع الرأي العام على حقيقة ما حصل قبل وقف أعمال الحفر في الرقعة رقم 9 في المياه اللبنانية، بعد تأكيد وجود الغاز في المنطقة. فالشركة، وبغطاء لبنان، وقعت في الكثير من التناقضات، مع أن تسريباً غير رسمي أوضح أن لا غاز بالصورة الكافية في البحر اللبناني.

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقةغالبية شركات العالم لا تظهر التزاماً بإرشادات الأمم المتحدة للمناخ
المقالة القادمةعمالقة التكنولوجيا يوسعون نوافذ الاستثمار في الذكاء الاصطناعي