كغيره من القطاعات الإنتاجية، تأثر القطاع الصناعي بالازمة الاقتصادية، وبإقفال بعض المصانع واغلاق الحدود للحد من انتشار وباء كورونا المستجد، وهذا القطاع أصلا يعاني ويواجه تحديات كبيرة، خصوصا أن تطوره يشوبه معوقات وعراقيل عدة لعل أهمها غياب سياسة اقتصادية وغياب الدعم المطلوب لقطاع حيوي له دور أساسي في إعادة انعاش الاقتصاد. ففي مؤتمره الصحافي الأخير عرض وزير الصناعة عماد حب الله ” الرؤية الصناعية المستقبلية في لبنان”، كاشفا عن آلية دعم من قبل الدولة بقيمة 450 مليار ليرة للصناعيين، بالإضافة الى اطلاق مبادرات منها مبادرة oxygen-fund بهدف انشاء صندوق لجمع 750 مليون دولار بالتعاون مع مصرف لبنان، ترتكز أساسيات هذه الرؤية على الانتقال من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد الإنتاجي وذلك عبر الشراكة الإنتاجية بين القطاع الخاص والمصارف وصناديق الاستثمار والاستثمارات والمبادرات الحكومية، للوصول الى اقتصاد ديناميكي ومستقر يستطيع الصمود في وجه الازمات.
وحدد الوزير حب الله أهدافا لهذه الخطة الصناعية من أهمها خفض العجز في الميزان التجاري ورفع نسبة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي بمعدل 2% سنويا بالإضافة الى دعم قطاعات الصناعة ان كانت محلية او إقليمية او دولية واطلاق صناعات جديدة خصوصا البترولية والغازية منها، ما يؤدي الى خلق فرص والحد من أزمة البطالة.
وأكد وزير الصناعة أن هناك وسائل عدة لتحقيق أهداف هذه الرؤية، فهناك وسائل مادية كإنشاء أسواق تصريف ومناطق صناعية، واستغلال أراضي المشاع لاقامة المنشآت الصناعية . ووسائل مالية تتمثل بخفض رسوم الاشتراك بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتفعيل الدعم المالي للصناعة وانشاء مصرف الانماء الصناعي .
وشملت الرؤية أيضا دعما للقطاع الطبي والصناعة الدوائية لما لهما من أهمية وخصوصا في الأوضاع الراهنة في ظل انتشار كورونا.
ضاهر
معمل “sadapack cosmetics”، مصنع لبناني تأسس عام 1999 لصاحبه رجل الاعمال سامي ضاهر، من أشهر المعامل اللبنانية وصنف في قائمة أفضل المصانع لمستحضرات التجميل ، هدا المصنع يتواجد في أكثر من 45 دولة حول العالم وينافس أهم المنتحات العالمية. اذا الصناعة اللبنانية رائدة في المجالات كافة ولديها كل مقومات النجاح والتميز، فعلى سبيل المثال معمل Sadapack حائز على جوائز عالمية ومحلية مهمة منها ” Dolphin Europe Award for quality and comercial prestige in france “، بالإضافة الى “شهادة المطابقة من معهد البحوث الصناعية وغيرها من الجوائز”.
ويؤكد ضاهر أن “عوائق كثيرة تحول دون التطور المطلوب كالقيود المصرفية وصعوبة التحاويل المالية الى الخارج وعدم القدرة على فتح اعتمادات لإمداد الشركات بالمواد الأولية وأيضا صعوبة الاستحصال على تراخيص، والضرائب المرتفعة، يضاف الى ذلك المنافسة غير الشرعية والتزوير”.
وقال: “يجب النظر في إتاحة تصدير المعقمات والمستلزمات الطبية في حال فائض الإنتاج وذلك من أجل ضخ الأموال الأجنبية الى الداخل. الصناعة من الركائز الأقوى للاقتصاد اللبناني لإخراجه من اقتصاد ريعي الى اقتصاد منتج، من هنا هي حجر الأساس الذي يمكن الازتكاز عليه للانطلاق باقتصاد حيوي ذي مفاعيل إيجابية لها تأثير جذري على القطاعات الأخرى، بحيث تكون عامل جذب واستقطاب للأموال وتأمين فرص عمل وتحريك عجلة النمو وبالتالي نأي لبنان بقدر الإمكان عن الازمات الاقتصادية والسياسية التي تضرب العالم بأسره وخاصة بعد أزمة كورونا”.
الجميل
بدوره، أكد رئيس جمعية “الصناعيين اللبنانيين” فادي الجميل في حديث إلى “الوكالة الوطنية للاعلام” أننا “أمام وضع مفصلي، فنحن نمتلك طاقات وقدرات أصبحت ظاهرة للجميع، وقادمون على مرحلة ستلعب فيها الصناعة دورا كبيرا في تطور الاقتصاد”.
وقال: “إننا في وقت يعاني الاقتصاد أزمة كبيرة ، وبهذا الظرف الصحي الدقيق، ظلت المصانع تعمل لتأمين المستلزمات الطبية لمواجهة فيروس كورونا والمستلزمات الغذائية، ومصانع المواد التعقيمية والتنظيف، وذلك في ظروف صعبة لجهة تأمين عدد العمال والشروط الصحية والمواصلات”. نحن قادرون على النهوض بالاقتصاد ولكن يجب إذلال العقبات أمامه لجهة اغلاق المعابر غير الشرعية، وضمان استدامة المواد الأولية وتوفيرها”.
أضاف: “تنتظرنا أيام ذهبية لتطوير الصناعة، بعد أن أطلقنا منذ العام 2015 رؤية واضحة وشاملة ومتكاملة، فكان هناك عدم اكتراث بمطالب الصناعيين ومحاربتها، الى أن وصلنا الى أزمة اقتصادية واجتماعية ، من أبرز نتائجها ثورة 17 تشرين، التي كانت أشبه بإنفجار اجتماعي ، بعد عدم التنبه الى أن الصناعة من شأنها خلق فرص عمل مستدامة والحد بشكل كبير من البطالة ، أي أنه ازداد الوعي بان القطاع الصناعي له دور فعال في الحد من الازمة الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء”.
ولفت الجميل إلى أن “هناك ثقة متزايدة من الناس والمواطنين ، فهم شاهدون على إمكانات القطاع الصناعي ، وبخاصة بعد ازمة كورونا، وابداع اللبنانيين بتصنيع المستلزمات الطبية من الأقنعة الواقية وأجهزة التنفس والمعقمات محليا، فالصناعة على الرغم من الضغوط الاقتصادية والعوائق لا تزال صامدة. هذا كله إضافة الى أن ماكنزي أتت لتسلط الضوء على القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة، لإعادة بناء وهيكلة الاقتصاد وتحويله الى انتاجي قادر على المواجهة وأبرزت التقصير الحاصل بحق هذه القطاعات”.
وختم:” هناك تكامل بين القطاعات كافة، فالاقتصاد من تجارة وصناعة وزراعة لا يمكنه أن يكبر بقطاع واحد دون الاخر. الصناعة هي الرافعة والداعمة لكل القطاعات الأخرى”.
وختم: “اذا لا يمكننا الخروج من الوضع الاقتصادي المأزوم، بدون إيلاء القطاعات الإنتاجية ومنها الصناعة الأهمية الكبرى، وتحقيق استدامة توفر المواد الأولية، والدعم المالي المطلوب ، لذلك ” في الوضع الحالي يلزمنا التكافل و التضامن من اجل الحفاظ على بلدنا ومستقبل أجيالنا. فلنعمل بضمير ولنراع وضع شعبنا واهلنا الحالي، لنضاعف جهودنا ونتعامل سويا مع وزارة الصناعة وجمعية الصناعيين لاننا العامل الاساسي لانقاذ لبنان”.