الصين تُقيل رئيس هيئة تنظيم الأوراق المالية في إطار محاولات شي إنهاء أزمة الأسواق

استبدلت الصين رئيس الهيئة المنظمة للأوراق المالية، وهي خطوة مفاجئة قد تنذر باتخاذ حكومة شي جينبينغ تدابير أكثر قوة لإنهاء الأزمة التي شهدتها سوق الأوراق المالية في البلاد والتي تبلغ قيمتها 7 تريليونات دولار.

وأعلنت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية (شينخوا) امس الأربعاء أن الصين استبدلت رئيس هيئة تنظيم الأوراق المالية في الوقت الذي يسعى فيه صانعو السياسات لتحقيق الاستقرار في مؤشرات الأسهم الرئيسية في البلاد بعد تراجعها إلى أدنى مستوياتها في خمس سنوات.

وعزلت الحكومة يي هويمان من منصب رئيس لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية، وعينت بدلاً منه وو تشينغ، وهو منظم أوراق مالية مخضرم تولى قيادة بورصة شنغهاي وعمل نائباً رئيسياً في حكومة بلدية شنغهاي، وفق ما ذكرته «شينخوا».

وتأتي إقالة يي في الوقت الذي أصبحت فيه الأسواق الصينية على حافة الهاوية حيث يتدافع المستثمرون الكبار والصغار لتقليص خسائرهم بعد أن تراجعت الأسهم إلى أدنى مستوياتها في خمس سنوات، في ظل الاقتصاد الهش والافتقار إلى إجراءات التحفيز القوية التي تؤثر بشكل كبير على الثقة، وفق «رويترز».

وحل وو محل يي أيضاً كرئيس للهيئة التنظيمية للحزب الشيوعي، وفقاً لوكالة أنباء «شينخوا». ويأتي الإعلان دون عبارة شائعة «لتعيينه في مناصب أخرى» والتي تشير عادةً إلى أن الرئيس المنتهية ولايته ينتقل لشغل منصب آخر، كما قال مسؤول سابق في هيئة تنظيم الأوراق المالية الصينية.

وقد فشلت العديد من تدابير الدعم التي تركز على السوق، مثل القيود المفروضة على البيع على المكشوف أو تخفيضات رسوم التداول، في وقف عمليات البيع، كما حدث مع عدد من البيانات الحكومية التي وعدت بالدعم ولكنها افتقرت إلى التفاصيل.

ويقول معظم كبار المستثمرين إنهم ينتظرون حزمة إنفاق لمساعدة الأسر. ولم يكن هناك تأكيد رسمي أو نفي لتقرير حديث لوكالة «بلومبرغ» الإخبارية حول صندوق إنقاذ سوق الأسهم المفترض بقيمة تريليوني يوان (278 مليار دولار).

كما أدت تعهدات جديدة بالدعم من قبل المشترين المرتبطين بالدولة وتقرير «بلومبرغ» أن الرئيس شي جينبينغ سيجتمع مع منظمي السوق إلى ارتفاع حاد يوم الأربعاء، لكن المزاج العام لا يزال هشاً والمستثمرون في حالة من الشك.

وكانت وكالة «بلومبرغ نيوز» نقلت يوم الثلاثاء عن أشخاص مطلعين على الأمر أن الرئيس الصيني شي جينبينغ من المقرر أن يناقش سوق الأسهم في البلاد مع المنظمين الماليين.

وقال التقرير إن المنظمين بقيادة لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية يخططون لإطلاع القيادة العليا على ظروف السوق وأحدث مبادرات السياسة في أقرب وقت يوم الثلاثاء.

الأسواق في اضطرابات شبه مستمرة منذ 2019

وقبل توليه منصب رئيس هيئة تنظيم الأوراق المالية الصينية في يناير (كانون الثاني) 2019، كان يي رئيساً للمصرف الصناعي والتجاري الصيني. وكان من مؤيدي المصرف الصناعي والتجاري الصيني، حيث عمل في المصرف الحكومي لأكثر من ثلاثة عقود. وانضم في الأصل إلى المصرف الصناعي والتجاري الصيني كموظف قروض مبتدئ في فرع في مقاطعة تشجيانغ عام 1985.

وتعاني الأسواق الصينية من اضطرابات شبه مستمرة منذ ذلك الحين – أولاً بسبب النزاع التجاري مع واشنطن، ثم بسبب انهيار شركة التطوير العقاري «تشاينا إيفرغراند» تحت وطأة الديون التي ترمز إلى الأزمة المحيطة بسوق العقارات.

كما كانت سلسلة من التدابير التنظيمية الصارمة في قطاعات من التكنولوجيا إلى التعليم بمثابة اختبار لصبر المستثمرين، وقد دفعهم التعافي المخيب للآمال في الصين من مرض فيروس كورونا 2019 إلى الهروب التام.

وفي عام 2015، هز انهيار سوق الأسهم الصينية والانخفاض المفاجئ في قيمة اليوان الأسواق العالمية، وأدت محاولة إنقاذ فاشلة لسوق الأوراق المالية إلى تشويه تعهدات بكين بالإصلاحات وأوراق اعتمادها الواسعة في صنع السياسات.

وفي أوائل عام 2016، عزلت الصين شياو جانغ، الذي كان آنذاك رئيس هيئة تنظيم الأوراق المالية لديها، وعينت مسؤولاً تنفيذياً كبيراً في القطاع المصرفي الحكومي خلفاً له، حيث سعى القادة إلى استعادة الثقة في الاقتصاد.

تعليقات المحللين على التغيير

قال نائب مدير الأبحاث الصينية في شركة «جافيكال دراجونوميكس» في هونغ كونغ، كريستوفر بيدور: «من الواضح أن هذا سيعزز التصور السائد منذ فترة طويلة بأن هيئة تنظيم الأوراق المالية في الصين ليست مجرد حكم محايد، ولكنها مسؤولة أيضا عن نتيجة اللعبة. وهذا يبعث برسالة لا لبس فيها إلى العديد من المسؤولين مفادها أن الفشل في القيام بما يكفي لوقف تراجع السوق يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة. وسيكون لها عواقب تنتهي بمسيرتها المهنية».

من جانبه، قال رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في «ستيت ستريت» في لندن، تيم غراف: «كرد فعل أولي، يمكنني أن أفهم كيف يُنظر إلى هذا على أنه إيجابي. ولكن فيما يتعلق بالمعالجة للقضايا المعروفة جيداً للاقتصاد الصيني، فإنها لا تعالج أي شيء على الإطلاق».

أما كبير الاقتصاديين في وحدة الاستخبارات الاقتصادية في بكين، شو تيانشين، فقال: «كان البيع المكشوف بوضوح بمثابة القشة الأخيرة بالنسبة إلى يي – وهذه ليست المرة الأولى التي تُقيل فيها الصين رئيس هيئة تنظيم الأوراق المالية الصينية خلال انهيار السوق. ويشير هذا التغيير إلى رغبة القادة في تغيير مسار السوق».

وارتفعت العقود الآجلة لمؤشر «فوتسي الصين إيه 50» بعد الإعلان، بمكاسب بنسبة 0.2 في المائة اعتباراً من الساعة 10:27 (بتوقيت غرينتش).

تجدر الإشارة إلى أن المستثمرين الأجانب باعوا صافي 18.2 مليار يوان (2.5 مليار دولار) من الأسهم الصينية الشهر الماضي، ليسجلوا تدفقات خارجة للشهر السادس على التوالي، في حين يواصل المصرف المركزي دعم عملة اليوان باستمرار.

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةالدولار يتراجع مع عوائد السندات… والذهب يترقب تصريحات لمسؤولين في «الفيدرالي»
المقالة القادمةبعضها يتهدده الإفلاس… كيف ستدفع الديون دولاً إلى «موت مالي بطيء»؟