الضمان يناقش فاتورة المستلزمات الطبية: الأولوية للمستوردين أو للمضمونين؟

تنعقد اليوم جلسة مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وسط اتجاهات متباينة بشأن مشروع تصنيف وإعادة تسعير المستلزمات الطبيّة.

ففيما تحصد اللجنة الفنية مساندة من عدد كبير من الأعضاء الذين يؤيدون اقتراحها للجم فاتورة المستلزمات الطبية في ضمان المرض والأمومة، يصطدمون باقتراح الإدارة الذي جاء في سياق «مسايرة» مستوردي المستلزمات الطبية ومنح الأولوية لـ«زعلهم» على حساب مصلحة الضمان والمضمونين. فاقتراح اللجنة الفنية يخفض الفاتورة وفق قواعد علمية، بينما الثاني يخفض حصّة الضمان في تغطية المستلزمات إلى 60% ويرفعها على المضمون إلى 40%. الأول يخفض الفاتورة على حساب أرباح غير مشروعة كان يتقاضاها المستوردون والموردون، بينما الثاني يسايرهم من جيب المضمون.

ويعود الخلاف إلى نقطة أساسية على جدول أعمال الجلسة، تتعلق بمناقشة تصنيف وإعادة تسعير المستلزمات الطبيّة وفقاً للدراسة التي تقدمت بها اللجنة الفنيّة، والتي توفر أكثر من نصف فاتورة المستلزمات إذا اعتمدت لوائح التسعير الجديدة وتغلق الباب أمام الابتزاز الذي كانت تمارسه المستشفيات الخاصة وإداراتها المصرّة على فوترة المستلزم الطبي من خارج فاتورة الضمان.

وكان الاقتراح ليناقَش بسلاسة لولا خضوع إدارة الضمان لابتزاز مستوردي المستلزمات الطبية، والسعي إلى «فركشة» دراسة اللجنة الفنيّة عبر تقديم اقتراح فجائي مضاد وفرضه على جدول الأعمال. وكان ممكناً مناقشة الاقتراحين لولا أن اقتراح الإدارة صُمم ليكون على حساب المضمون ومصلحته مع خفض بسيط في فاتورة المستلزمات.

اقترحت اللجنة الفنية سيناريوهين بعد دراسة مفصلة من 75 صفحة؛ الأول يؤدّي إلى خفض فاتورة المستلزمات بنسبة 53.8% في حال «اعتماد مبدأ التسعير وفقاً لبلد المنشأ»، ويؤدي الثاني إلى خفض بنسبة 52% إذا اعتمد «مبدأ التسعير وفقاً لنوع الشهادات التقنيّة والتنظيميّة».

وفي المقابل أتى مقترح إدارة الضمان في خمس خطوات في بضعة أسطر، وكأنه أعدّ على عجل أو بهدف آخر غير علمي أو معرفي، لأنه يخلص إلى تحميل المضمون 40% من ثمن أي مستلزم طبّي، والضمان نسبة 60% وفقاً للوائح وزارة الصحة للمستلزمات الطبيّة وتسعيرتها. واللافت في اقتراح إدارة الضمان المعدّ من اللجنة الفنية في الصندوق، أنه يوسّع استهلاك المستلزمات الطبية لأن الضمان اكتشف فشلاً بنيوياً في عملية إعداد وحفظ اللوائح.

فهذه اللوائح التي اعتمدت في الضمان في عام 2007 ثم حدّثت في عام 2014 فيها الكثير من الشوائب التي تجعلها غير صالحة للاعتماد، إذ «اللائحة تحوي أسماء وعناوين مستلزمات دون تفصيل فيها، فوصف الرمز لأي مستلزم وحده يحوي ما يزيد على 100 مستلزم يشبهه وتوفّره شركات متعدّدة المصادر، فكان من غير المنطقي على المراقبة الطبية استبعاد مستلزمات وإبقاء أخرى…».

إذاً، تقرّ مديرية المراقبة الطبية التي كلّفها المدير العام للضمان محمد كركي تحديث وتطوير وتسعير لائحة الأدوات والمستلزمات الطبية المعتمدة لدى الصندوق، بأنها ليست قادرة على القيام بمهمتها بسبب فشل إدارة جسيم في الضمان. لذا، تقترح «المراقبة الطبية» برنامجاً من خمس خطوات منها إنشاء منصة رقمية وآلية عمل تقديم المستشفيات الطلبات، ثم وضع لايبل وستيكرز المستلزمات على الفاتورة، وكلها خطوات لا معنى لها، باستثناء الخطوة ما قبل الأخيرة التي تقترح «مساهمة الصندوق بنسبة 60% من السعر الأقصى المحدّد من قبل وزارة الصحة العامة والمدرج على اللوائح المرفقة».

إذاً، سيدفع المضمون ثمن فشل الضمان في إعداد وحفظ اللوائح وتحديثها وتطويرها، لذا سيتم توسيعها إلى ما لا نهاية ومن دون أي معيار واضح سوى ما يتعلق بصحّة الصندوق من السعر. ألم ينشأ الصندوق لغاية الرعاية الاجتماعية؟ أهكذا تكون الرعاية الاجتماعية؟

وكان هذا النقاش قد بدأ يوم الإثنين الماضي في مجلس الضمان، وسُجّل فيه رفض لعدد من أعضاء مجلس الإدارة أصل فكرة تحميل المضمون نسبة تزيد على 10% في أيّ إجراء طبّي. وسألوا عن سبب تحميل فرع المرض والأمومة نسبة 60% فقط، ولماذا لا يتحمل 70% مثلاً؟ إنّما بقيت الأسئلة من دون أجوبة.

وهذا يعود إلى «عشوائية اقتراح الإدارة» بحسب وصفهم. وفي جلسة اليوم يقول بعض الأعضاء إنهم سيشدّدون على «تنفيذ قانون الضمان كما هو، أي تحميل الصندوق نسبة 90% من أيّ إجراء طبّي». وفي حال احتجّت إدارة الضمان بعدم قدرة الصندوق المالية على تحمّل الكلفة، عندها «يجب رفع الاشتراكات للمحافظة على نسبة 90% من مساهمة فرع المرض والأمومة، وهذا ما يؤكّده قانون الضمان».

مصدرجريدة الأخبار - فؤاد بزي
المادة السابقةتحذير من مصرف لبنان بشأن رابط إلكتروني مزيف… ماذا جاء فيه؟
المقالة القادمةجابر بحث ألية تنفيذ قراري مجلس الوزراء حول إيرادات الدولة من “كازينو لبنان”