حذرت وكالة الطاقة الدولية من احتمال ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي إلى مستويات قياسية جديدة، مدفوعة بزيادة معدلات الاستهلاك في الصين. وقالت الوكالة في تقريرها الذي نُشر في باريس، أمس الثلاثاء، بشأن سوق الغاز، إنه على الرغم من انخفاض الأسعار في الأشهر الأخيرة، فإنه من الممكن أن يتغير ذلك في العام الحالي في ظل زيادة الطلب بآسيا، ولا سيما في الصين. وأشار التقرير إلى أن الصين، باعتبارها أكبر مستورد للغاز الطبيعي في العالم، رفعت مؤخرا القيود المتعلقة بمكافحة تفشي فيروس «كورونا» التي كانت قد تسببت في تقليل الطلب المحلي في العام الماضي. وأشارت وكالة الطاقة إلى أن نمو استهلاك الغاز الطبيعي في الصين بأكثر من التوقعات أخطر على تدفق الإمدادات في أوروبا من التوقف التام للإمدادات من روسيا خلال العام الحالي.
وأضافت أنه في حين يسيطر الغموض على الطلب الصيني على الغاز، فإن سيناريو نمو هذا الطلب يشير إلى زيادة واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال خلال العام الحالي بنسبة 35 في المائة سنويا، إذا استمر تراجع الأسعار ونمو الاقتصاد الصيني بسرعة.
هذا السيناريو سيؤدي إلى زيادة التنافس العالمي على شراء الغاز مما يمكن أن يدفع الأسعار للارتفاع إلى المستويات غير المقبولة التي وصلتها في الصيف الماضي؛ وفق الوكالة. وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن الصين تخلت عن القيود الصارمة لاحتواء فيروس «كورونا» المستجد، والتي كبحت الطلب الصيني على الطاقة في العام الماضي مما ساعد أوروبا في استيراد كميات قياسية من الغاز الطبيعي المسال من مختلف أنحاء العالم. وساهم هذا التطور مع إجراءات ترشيد استهلاك الطاقة والطقس المعتدل نسبياً في الشتاء الحالي ومشتريات الغاز الطبيعي المسال في تجنيب أوروبا أزمة طاقة حادة خلال الشتاء، مع النقص الحاد في إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى القارة على خلفية الحرب الروسية ضد أوكرانيا. وأدى هذا إلى تراجع أسعار الغاز الطبيعي العالمية بأكثر من 80 في المائة مقارنة بمستوياتها القياسية في الصيف الماضي.
في الوقت نفسه، فإن تسارع النمو الاقتصادي في الصين خلال العام الحالي، سيؤدي إلى زيادة احتياجاتها من الطاقة، لكن السؤال هو هل سيؤدي ذلك إلى ارتفاع مشتريات الصين من الغاز إلى المستويات العالية التي تم تسجيلها في السنوات السابقة. وأشارت وكالة الطاقة إلى أن الفارق بين الحد الأقصى والحد الأدنى لتقديرات صافي واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال خلال العام الحالي يصل إلى 40 مليار متر مكعب، وهو ما يعكس حالة الغموض التي تحيط بالطلب الصيني على الغاز. وسيكون الحد الأقصى لتقديرات واردات الصين من الغاز الطبيعي أعلى من المستوى القياسي السابق المسجل في 2021، وتعادل الفجوة بين الحدين الأقصى والأدنى لتقديرات الطلب الصيني نحو 8 في المائة من إجمالي استهلاك أوروبا من الغاز الطبيعي خلال العام الحالي.
في الأثناء، قال الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الإيطالية «إيني إس بي إيه» كلاوديو ديسكالزي إن أمام أوروبا فترة تتراوح بين عامين وثلاثة أعوام حتى تتمكن من الاستغناء عن الاعتماد على الغاز الطبيعي الروسي بشكل كامل، مشيرا إلى أن الأسعار ربما تعاود الارتفاع مجددا، حسبما أفادت وكالة «بلومبرغ». وقال ديسكالزي إن أسعار الغاز تراجعت في الأشهر الأخيرة، لكنها قد تعاود الارتفاع مرة أخرى «بمجرد البدء في إعادة ملء المستودعات الأوروبية».
وفي مقابلة مع تلفزيون «بلومبرغ» أمس الثلاثاء، قال ديسكالزي إن مجموع ما ستستورده أوروبا من روسيا هذا العام سيبلغ نحو 60 مليار متر مكعب أقل مما استوردته في عام 2022، وإن «التحدي الكبير الذي سيبدأ اعتبارا من مارس (آذار) المقبل هو تمكنها من إيجاد الغاز الذي سيحل محله».
ونقلت صحيفة «فيدوموستي» الاقتصادية اليومية أمس، عن مصادر مطلعة على إحصاءات وزارة الطاقة الروسية أن إنتاج روسيا من الغاز الطبيعي انخفض في يناير (كانون الثاني) 10.7 في المائة على أساس سنوي إلى 62.7 مليار متر مكعب. وقال أحد المصادر للصحيفة، إن الجزء الأكبر من التراجع كان من نصيب شركة «غازبروم» التي لديها نحو 15 في المائة من احتياطيات الغاز العالمية.