تُصوّر سلفة الخزينة للكهرباء “المعلقة” بما تبقى من أموال المودعين في “المركزي”، و”المربّطة” بقوانين عدم إقرار الموازنة، وكأنها الخلاص، فيما هي في الحقيقة المقدمة لمشاكل أكبر بكثير. ولو سلّمنا جدلاً بحصول الطاقة على 1500 مليار ليرة قبل نهاية آذار لشراء الفيول، فان الكمية لن تكفي لنهاية العام بل لأيام قليلة. الأمر الذي أصبح يحتم الخروج من الحلول الموقتة والانتقال إلى الدائمة… وهي متوفرة، وأوفر بكثير.
مبلغ 1500 مليار ليرة المخصص لشراء الفيول، يساوي اليوم بحسب سعر الصرف 158 مليون دولار، في حين ان الحاجة الشهرية بلغت في السنوات الماضية 84 مليون دولار. وعليه فان كمية الفيول التي ستحصل عليها الكهرباء من هذه السلفة ستكفي لأقل من شهرين. وعندها نعود للعتمة من جديد، من دون أن يكون هناك أي دولار جديد نعوّل عليه.
سياسات الطاقة الحالية لا يمكن أن تستمر. فعدا عن مساهمتها في إفلاس البلد وهدر الأموال العامة والخاصة ورفع نسب التلوث، فقد أصبح تمويلها مستحيلاً. وفي ظل صعوبة التوصل في الأمد القريب إلى حل سياسي يفضي إلى تشكيل حكومة مهمة، تعمل على إصلاح الكهرباء، فان الحل يبدأ بخصخصتها، “عبر تشريع مولدات الاشتراك”، يقول مارديني. و”لكن شرط تحويل الإنتاج من المولدات العاملة على المازوت إلى بطاريات تخزين الطاقة الشمسية”. وهذه العملية من الممكن ان تتم برأيه عبر “تركيب الألواح الشمسية على سطوح المشتركين مقابل تأمين الكهرباء بنصف السعر أو حتى أقل. ويجري تخزين الفائض في البطاريات المخصصة. وبذلك نكون قد حلينا مشكلة تأمين الكهرباء ونقلها من جهة، والجباية من الجهة الأخرى”.
المشكلة الوحيدة التي قد نواجهها في الإعتماد بنسبة كبيرة على الطاقة المتجددة هي رفض القوى المتحكمة بالقطاع. فهذه العملية التنموية المستدامة والبيئية، تعري هذه القوى من استعمال مرافق الكهرباء للتوظيف والتمويل السياسي، وتحرمهم من سمسرات بملايين الدولارات تذهب إلى جيوبهم بشكل مباشر. لكن في حال الإصرار على السياسات التقليدية، والتوسع في بناء المعامل، سواء كانت على الفيول أويل أو الغاز الطبيعي، فان النتيجة ستكون واحدة من اثنين: إما لا كهرباء، وإما كهرباء بكلفة باهظة يستحيل على 95 في المئة من الشعب اللبناني تحمل فاتورتها.