ثلاثة أضعافٍ هي نسبة الزيادة في مبيع أدوية الأمراض المزمنة في الفترة الأخيرة. التّهافت على الصيدليات وتخزين الأدوية، خشية الحرب، أعادا مشهد عام 2020 مع انفجار الأزمة الاقتصادية – المالية و«هجوم» المرضى على تخزين الأدوية خشية انقطاعها.
الزيادة، وفق أحد الصيادلة، تأتي في توقيتٍ غير صائب، في «عز استمرار أزمة الدواء»، ما أحدث إرباكاً لدى كثير من الصيادلة الذين وجدوا أنفسهم، في الأيام الأولى، أمام «طلبيات» لم يكن في الإمكان الاستجابة لها من دون أخذ الاحتياطات اللازمة.
ويعود ذلك إلى أنّ «هذه الأدوية لا يمكن صرفها بكميات كبيرة، ولا مخزون كافياً لدى معظم الصيدليات. وهنا، يكمن لبّ المشكلة، إذ إنه في السنوات الثلاث الماضية من عمر الأزمة، فُقد الكثير من أصناف الأدوية، ولا سيما أدوية الأمراض المزمنة، ما دفع معظم الصيدليات إلى التصرّف بـ«المخزون» الذي لم يعد في الإمكان إعادته إلى ما كان عليه في ظل «ترشيد» أصحاب المستودعات ومستوردي الأدوية للتوزيع. والأسوأ هو استحالة ملء المخازن كما في السابق بسبب فرض أصحاب المستودعات والموزعين ومستوردي الدواء على الصيادلة الدفع الفوري عند تسليم الطلبية، ما يدفع هؤلاء إلى شراء حاجتهم، لا أكثر. إذ يؤكد أحد الصيادلة أنه بات يشتري من الشركة أو الموزّع أدوية الأمراض المزمنة بحسب أعداد المرضى لديه «وأي مريض جديد، هو وحظّو».
وإذا كانت الأزمة الأكبر اليوم تكمن في أدوية الأمراض المزمنة، إلا أنّ هناك أصنافاً أخرى من الأدوية والمستلزمات، ولا سيما أدوية ومستلزمات الأطفال، كأدوية خفض الحرارة والالتهابات والحليب والحفاضات وعلاجات الحروق والجروح.
وقد دفع ذلك بنقابة الصيادلة إلى اتخاذ إجراءات طارئة تحول دون الوقوع في أزمة جديدة، فطلبت من أصحاب الصيدليات ترشيد صرف الوصفات الطبية بعدم إعطاء المريض أكثر مما يحتاجه، «كي نضمن تأمين الدواء لأكبر عدد من المرضى من جهة ومنعاً لاحتكارها وتخزينها من جهة أخرى، وخصوصاً أنّ التجربة السابقة في ما يخص تخزين الدواء لم تكن جيدة»، وفق نقيب الصيادلة جو سلوم، مشيراً إلى أن الخشية ليست فقط من تلف الأدوية في البيوت بسبب التخزين، وإنما أيضاً «من استغلال بعض النافذين وأصحاب المستودعات خوف المرضى لتخزين الدواء وبيعه في وقتٍ لاحق بأسعار احتكارية أو تهريبه إلى الخارج، وهو ما جرى سابقاً وبمليارات الدولارات». أضف إلى ذلك أن «الصيدليات لا تملك رأس المال الكافي لإعادة ترتيب المخزون لديها». وفق سلوم، ثمة حاجة ملحّة اليوم إلى ضبط السوق، ليس فقط حفاظاً على ما هو متبقٍّ، وإنما أيضاً «لأننا لا يمكننا أن نتّكل على المساعدات التي تأتي وفق أجندة معينة».
لكلّ هذه الأسباب، دعت النقابة إلى «عدم التهافت على تخزين الأدوية، لأن هذا الأمر سيخلق نقصاً حاداً، وسيمنع العديد من المرضى من تأمين أدويتهم، ما قد يُدخل لبنان في الأزمة ذاتها التي مرّ بها أواخر عام 2020».