العالم في معركة معقدة لتنظيف صناعة البلاستيك

أصدر رئيس محادثات التوصل إلى معاهدة دولية للحد من التلوث الناجم عن البلاستيك وثيقة الجمعة تحدد التدابير التي قد تشكل الأساس لاتفاقية، في محاولة لتحفيز المناقشات مع اقتراب الموعد النهائي في الأول من ديسمبر.

ومع ذلك أكد بعض المندوبين ومنظمات المجتمع المدني خلال قمة في مدينة بوسان الكورية الجنوبية على ما اعتبروه أوجه “قصور في الوثيقة”، بما في ذلك الحيز المتاح للحد من إنتاج البلاستيك.

ويدخل البلاستيك المشتق من النفط في تركيبة كل شيء تقريبا كالأغلفة وألياف الملابس ومواد البناء والأدوات الطبية وغيرها. وازداد إنتاجه السنوي بأكثر من الضعف خلال عقدين ليصل إلى 460 مليون طن.

وتشكل مخلفاته نقطة شائكة مركزية أخرى في جهود التحول النظيف وذلك في خضم سعي الحكومات إلى تنفيذ برامجها لحماية المناخ، خاصة وأن الاستثمار في هذا المجال لا يزال يحمل في طياته المخاطر مع أنه يبدو أقل تهديدا قياسا بالفحم.

ويشكل إنتاج البلاستيك قرابة 5 في المئة من الغازات الدفيئة، ويمكن أن يرتفع إلى 20 في المئة بحلول عام 2050 ما لم يكن محدودا، وفقا لتقرير صدر قبل أشهر عن مختبر لورانس بيركلي الوطني الفيدرالي الأميركي.

وتدخل نحو 13 ألف مادة كيميائية في صناعة البلاستيك، 3200 منها ذات خصائص خطيرة تؤثر على صحة الإنسان والبيئة، دون إغفال أن هناك مواد أخرى لم يتم تقييمها بعد، بحسب منظمة غرين بيس.

وعندما اتفقت الدول قبل عامين على التفاوض على معاهدة ملزمة قانونا بحلول نهاية 2024، دعت إلى معالجة دورة الحياة الكاملة للمواد البلاستيكية من الإنتاج والاستخدام إلى النفايات.

والآن تتعرض الدول لضغوط أكبر لإحراز تقدم بشأن أول معاهدة عالمية على الإطلاق بخصوص البلاستيك هذا الأسبوع، لكنها تواجه مفاوضات متوترة في كوريا الجنوبية مع انقسام الأطراف بشدة حول ما يجب أن تتضمنه المعاهدة مع بدء المحادثات الثلاثاء الماضي.

وتستضيف كوريا مندوبين من نحو 175 دولة في الاجتماع الخامس والأخير للجنة التفاوض الحكومية الدولية التابعة للأمم المتحدة للاتفاق على قواعد ملزمة عالميا بشأن البلاستيك، لكن محادثات هذا الأسبوع كانت بطيئة للغاية.

ويشارك المئات من المندوبين، بمن في ذلك مفاوضون وجماعات ضغط ومراقبون لا يهدفون إلى الربح، في هذه الجولة قبل التوصل إلى اتفاق يسبق نهاية العام الحالي، ما يجعلها أحد أسرع الجهود الرامية إلى التوصل إلى معاهدة بقيادة الأمم المتحدة حتى الآن.

وتضمنت الوثيقة، التي أصدرها رئيس لجنة المفاوضات لويس فاياس فالديفيسو، أفكارا مثل قائمة عالمية للمنتجات البلاستيكية التي تتعين إدارتها وآلية مالية للمساعدة في تمويل عمل الدول النامية بشأن المعاهدة.

وتطرقت الوثيقة إلى أن “المستويات المرتفعة والمتزايدة بسرعة من تلوث البلاستيك… تمثل مشكلة بيئية وصحية خطيرة.”

وذكرت الوثيقة، لكنها لم تؤكد، بعض المهام الأكثر إثارة للانقسام، مثل ما إذا كانت المعاهدة ستحدد هدفا عالميا لخفض إنتاج البوليمرات البلاستيكية الأولية أو تخطيها تماما.

وقد تركت الأمر لقرارات الدول الطوعية لاتخاذ مجموعة من الإجراءات الممكنة بشأن المنتجات البلاستيكية وتركت دون تحديد كيفية مساهمة الدول الغنية في صندوق يدعم هذا المجال.

كما بدا أنها تفتقر إلى معايير ملموسة بشأن فحص المواد الكيميائية المثيرة للقلق، وكذلك بخصوص حماية الصحة البشرية، وفق بعض الخبراء.

وقال أنتوني أغوثا، سفير المناخ والبيئة في خدمة العمل الخارجي الأوروبي، إن “تنظيف الأرض عندما يكون الصنبور مفتوحا أمر لا طائل منه،” مشيرا إلى أن القيود المفروضة على إنتاج البلاستيك وتصميمه يجب أن تكون في الاتفاق النهائي.

وتعارض الدول التي تنتج البتروكيماويات، مثل السعودية، الجهود الرامية إلى الحد من إنتاج البلاستيك، على الرغم من احتجاجات الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي تتحمل العبء الأكبر من تلوث البلاستيك.

وفي حين تدعم معاهدة دولية، كانت صناعة البتروكيماويات صريحة أيضًا في حث الحكومات على تجنب وضع حدود إلزامية لإنتاج البلاستيك لصالح الجهود الرامية إلى الحد من النفايات البلاستيكية، مثل إعادة التدوير.

وقال المتحدث باسم المجلس الدولي للجمعيات الكيميائية (آي.سي.سي.أي) ستيوارت هاريس إن “المجلس يدعم جهود الحكومات لإتمام الصفقة،” مؤكدا أن الهيئة تريد تسريع الاقتصاد الدائري للبلاستيك.

وجاء إصدار الوثيقة بعد أن أعرب الكثير من المشاركين عن إحباطهم من بطء وتيرة المحادثات، وسط خلافات حول الإجراءات والمقترحات المتعددة وبعض الجهود للعودة إلى الأرض المغطاة في الماضي.

وقال خوان مونتيري رئيس وفد بنما الذي قاد اقتراحا حظي بدعم أكثر من 100 دولة “معظم الدول… جاءت إلى هنا (بوسان) بفكرة إدراج هدف رقمي (للحد من استخدام البلاستيك)، ولكن… قدمنا اقتراحا لا يتجاوز خطوطنا الحمراء فحسب بل ويدوس عليها.”

وأضاف “لذا فإننا نسعى إلى إقناع جميع الوفود الأخرى التي لم تتحرك ولو سنتيمترا واحدا… بالالتقاء بنا في منتصف الطريق.”

وإذا تمكنت الحكومات من الاتفاق على معاهدة ملزمة قانونا لا تتناول فقط التخلص من المواد البلاستيكية، بل أيضا الكمية التي يتم إنتاجها واستخدامها، فقد يصبح أهم اتفاق لمعالجة الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري العالمي منذ اتفاق باريس عام 2015.

ومع اتجاه إنتاج البلاستيك إلى زيادة ثلاثة أضعاف بحلول عام 2060، يقول المؤيدون لفكرة إقرار المعاقدة إن بروز بعض الالتزامات هو خطوة أولى أساسية في السيطرة على النفايات البلاستيكية الضارة.

وتنتهي الغالبية العظمى من البلاستيك إلى قمامة تشوه المناظر الطبيعية أو تسد الممرات المائية، أو إلى مدافن النفايات. وتضر بالصحة العامة.

وفي حين يتم حرق ما يقرب من خُمس النفايات البلاستيكية في العالم، ما يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من انبعاثات الكربون، تتم إعادة تدوير أقل من 10 في المئة منها، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالبنوك الخليجية تجني فوائد ارتفاع أسعار الفائدة
المقالة القادمةالطلب العالمي على الوقود يحدد مسار انتعاش أسعار النفط