العتمة الكهربائية ليست قدراً

يبدو أن تأمين المصلحة العامة ووقف إنهيار الوطن ومؤسساته، وحل مشاكل المواطن اللبناني وأزماته المالية والصحية والاجتماعية والاقتصادية لا مكان لها في أجندة الطبقة السياسية فهم في وادٍ والحلول في وادٍ آخر، اذ لا هم لهم في إصلاح القطاعات او المؤسسات التي تنهار الواحدة تلو الاخرى.

ولعل قطاع الكهرباء خير دليل على ذلك، فهذا القطاع المهم والذي تتأثر به كافة القطاعات الحيوية والاقتصادية من ماء واتصالات وانترنت يكاد يكون في أسفل اهتماماتهم متناسين ان معامل مؤسسة كهرباء لبنان لا تستطيع تلبية حاجات اللبنانيين وذلك لأسباب عدة، اهمها:

• غياب فكرة الدولة التي تحفظ حقوق اللبنانيين بعيداً من المنازعات والحسابات السياسية، ولعل عدم تطبيق القانون 462 الذي أقر في العام 2002 خير دليل على ذلك خصوصاً ان حجة ضرورة تعديله قبل تطبيقه لم تعد تنطلي على أحد، فتطوير القانون وإصلاح الشوائب فيه وإدخال ما غفل عنه النص الاساسي لمراعاة التطور الفني والتقني والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المضمار، هو أمر أكثر من ضروري.

• السبب الثاني هو عدم بناء معامل انتاج جديدة منذ العام 1998 باستثناء مَعملين في الذوق والجية طاقتهما القصوى لا تتجاوز الـ 280 ميغاواط في حال مدّهما بالمشتقات النفطية المناسبة، وحالياً لا يتوفر لهما ولبقية المعامل القديمة سوى النزر اليسير الذي يمنعها من التوقف نهائياً بحيث تؤمن كهرباء لبنان ما لا يزيد عن ست ساعات تغذية من أصل 24 ساعة، اذا لم تكن هنالك اعطال على الشبكات والمحطات والمعامل والتي لا يتوفر المال لإصلاحها أصلاً.

ولمن لا يدري فإن خط الغاز بين بانياس في سوريا وطرابلس قد تم بناؤه وضخت كمية من الغاز السوري فيه لصالح معمل دير عمار لانتاج الكهرباء، بعد أن تمّ تجهيز المعمل لينتج الكهرباء بواسطة الغاز الطبيعي وتم تشغيل إحدى مجموعاته لمدة تقارب الثمانية أشهر على هذا الاساس.

كما أن خط الغاز الذي ينطلق من مصر عبر الاردن وصل الى جنوب دمشق في سوريا ويمكن ضخ الغاز المصري فيه، ويمكن بالتالي اجراء عملية تبادل (سواب) بين الغاز المصري والغاز السوري لمصلحة محطة دير عمار على الأقل، وفي هذا الاطار فان مصر سبق ان عرضت على لبنان استجرار الغاز المصري من دون التوصل الى نتيجة.

ولا بد أن يترافق هذا السعي مع إقفال القعر المفتوح لهذا القطاع بوقف الهدر والسمسرات والصفقات المشبوهة وسوء الإدارة والتوظيفات العشوائية والزبائنية السياسية في توظيفات كهرباء قاديشا ومنشآت النفط وغب الطلب، كما اجراء مناقصات شفافة لصيانة وتشغيل المعامل، حيث أصبحت قيمة هذه الصفقات مع الرواتب والأجور تتجاوز واردات المؤسسة الذاتية.

 

مصدرنداء الوطن - رودي ادوار بارودي
المادة السابقةالمياومون في الوظيفة العامة: عندما يصبح الحزب ربّ العمل
المقالة القادمةلجنة الصحة تقر مشروع قانون إنشاء نقابة للمحللين النفسانيين