من المقرر أن يحاول مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون دفع تخفيضات كبيرة في الإنفاق هذا الأسبوع التي يبدو أن احتمال تحولها إلى قانون ضعيف، ما قد يفرض إغلاقاً جزئياً للحكومة الأميركية بحلول يوم الأحد المقبل في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) مع بدء السنة المالية الجديدة.
ومن المتوقع أن يصوّت مجلس النواب، على حزمة من مشاريع القوانين لتمويل أجزاء من الحكومة، لكن ليس من الواضح على الإطلاق أن مكارثي لديه الدعم اللازم للمضي قدماً في خطته.
في غضون ذلك، يعد مجلس الشيوخ، الذي يحاول تجنب الإغلاق الفيدرالي، خطته الخاصة من الحزبين لإجراء إنفاق قصير الأجل على أمل شراء بعض الوقت والحفاظ على التمويل بعد الموعد النهائي، يوم السبت، مع استمرار العمل في الكونغرس.
وتواجه خطط الحصول على مساعدات إضافية لأوكرانيا مشكلات، حيث يعارض عدد من الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ إنفاق المزيد من الأموال على المجهود الحربي، حسب «أسوشييتد برس».
ومساء الاثنين، نقلت «بلومبرغ» عن شخص مطّلع على المحادثات بين الجمهوريين والديمقراطيين، أن الحزبين يقتربان من الاتفاق بشأن إجراء إنفاق قصير الأجل يهدف إلى تجنب إغلاق الحكومة الأميركية.
ومن شأن التشريع تمديد التمويل لمدة أربعة إلى ستة أسابيع، وفقاً للشخص الذي لم يذكر اسمه.
ومع ذلك، يؤكد بعض الجمهوريين المتشددين في مجلس النواب أنهم سيرفضون التصويت الإيجابي على الاتفاق المؤقت.
وإذا حدث إغلاق حكومي، فسوف يكون الإغلاق الـ14 تاريخياً.
وكان آخر إغلاق حكومي قد حصل بين ديسمبر (كانون الأول) 2018 ويناير (كانون الثاني) 2019، والذي استمر 35 يوماً، أي أطول بمقدار الثلثين من الرقم القياسي السابق البالغ 21 يوماً في 1995-1996.
بايدن يناشد الجمهوريين عدم التراجع عن صفقة الديون
وحذر الرئيس جو بايدن المحافظين الجمهوريين من تكتيكاتهم المتشددة، قائلاً إن «تمويل الحكومة الفيدرالية هو إحدى أهم المسؤوليات الأساسية للكونغرس».
وناشد الجمهوريين في مجلس النواب عدم التراجع عن صفقة الديون التي أبرمها في وقت سابق من هذا العام مع مكارثي، والتي حددت مستويات تمويل الحكومة الفيدرالية وتم توقيعها لتصبح قانوناً بعد موافقة كلٍّ من مجلسي النواب والشيوخ.
«لقد توصلنا إلى اتفاق، وتصافحنا، وقلنا إن هذا ما سنفعله. الآن، يتراجعون عن الصفقة»، قال بايدن في وقت متأخر من يوم الاثنين.
«إذا لم يبدأ الجمهوريون في مجلس النواب في أداء وظائفهم، يجب أن نتوقف عن انتخابهم»، أضاف.
ومن شأن إغلاق الحكومة أن يعطل الاقتصاد الأميركي وحياة ملايين الأميركيين الذين يعملون في الحكومة أو يعتمدون على الخدمات الفيدرالية -من مراقبي الحركة الجوية الذين سيُطلب منهم العمل من دون أجر لنحو 7 ملايين شخص في برنامج النساء والرضع والأطفال، بما في ذلك نصف الأطفال المولودين في الولايات المتحدة، الذين قد يفقدون الوصول إلى المخصصات الغذائية، وفقاً للبيت الأبيض.
ترمب للجمهوريين: أغلقوها!
يأتي ذلك على خلفية انتخابات 2024 حيث يحثّ دونالد ترمب، الجمهوري الرائد الذي يتحدى بايدن، الجمهوريين في الكونغرس على «إغلاق» الحكومة الفيدرالية والتراجع عن الصفقة التي أبرمها مكارثي مع بايدن.
كما يتم تشجيع الجمهوريين من مسؤولي ترمب السابقين، بما في ذلك أولئك الذين يستعدون لخفض الحكومة والقوى العاملة الفيدرالية إذا استعاد الرئيس السابق البيت الأبيض في انتخابات 2024.
ومع بقاء خمسة أيام قبل الموعد النهائي، يوم السبت، تتكشف الاضطرابات، حيث يعقد الجمهوريون في مجلس النواب أول جلسة استماع لتحقيق عزل بايدن هذا الأسبوع للتحقيق في التعاملات التجارية لابنه، هانتر بايدن.
«ما لم تحصل على كل شيء، أغلقه!» كتب ترمب بجميع الأحرف الكبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي. «لقد حان الوقت لتعلم الجمهوريين كيفية القتال!».
وكان مكارثي قد وصل إلى مبنى الكابيتول في وقت مبكر من يوم الاثنين، بعد أسبوع صاخب نسف فيه عدد قليل من الجمهوريين اليمينيين المتشددين خططه الأخيرة لدفع مشروع قانون تمويل الدفاع الشعبي عادةً.
لقد كان مكارثي يأمل بعد اجتماع لجنة القواعد في مجلس النواب يوم السبت تحضيراً للتصويت هذا الأسبوع، في أن تُستهل العملية بخطة حزمة من أربعة مشاريع قوانين، لتمويل الدفاع والأمن الداخلي والزراعة والعمليات الحكومية والخارجية.
قال مكارثي: «لنبدأ هذا… دعونا نتأكد من أن الحكومة تبقى مفتوحة، بينما نُنهي مهمتنا بتمرير جميع الفواتير الفردية».
لكنّ حليفاً واحداً على الأقل من ترمب، وهي النائبة مارغوري تايلور غرين، والمقربة في الوقت نفسه من مكارثي، قالت إنها ستقول: «كلا» للتصويت على المناقشة المفتوحة لأن حزمة مشاريع القوانين لا تزال توفر ما لا يقل عن 300 مليون دولار للحرب في أوكرانيا.
وقد يحذو المحافظون اليمينيون المتشددون وحلفاء ترمب حذوها.
في حين أن أعدادهم ليست كثيرة، يتمتع الفصيل الجمهوري اليميني المتشدد بنفوذ كبير لأن أغلبية مجلس النواب ضيّقة ويحتاج مكارثي إلى كل تصويت تقريباً من جانبه لمشاريع القوانين الحزبية دون دعم ديمقراطي.
ويريد الجمهوريون المتشددون من مكارثي التخلي عن الصفقة التي أبرمها مع بايدن والالتزام بالوعود السابقة بتخفيضات الإنفاق التي قطعها لهم في يناير (كانون الثاني) للفوز بأصواتهم لمطرقة رئيس مجلس النواب، مشيرين إلى ارتفاع عبء الديون في البلاد.
وكان الجدل حول الديون قد تفاقم هذا العام، وتخللته مواجهة ممتدة حول رفع سقف الاقتراض في البلاد. وانتهت تلك المعركة باتفاق بين الحزبين الرئيسين لتعليق حد الديون لمدة عامين وخفض الإنفاق الفيدرالي بمقدار 1.5 تريليون دولار على مدى عقد من الزمن عن طريق تجميد بعض التمويل الذي كان من المتوقع أن يزداد العام المقبل، ثم الحد من الإنفاق إلى نمو بنسبة 1 في المائة في عام 2025.
ووسط الصراع حول الإنفاق الفيدرالي، تجاوز إجمالي الدين القومي الأميركي 33 تريليون دولار للمرة الأولى.
وقال النائب الجمهوري مات غايتز من فلوريد، وهو حليف رئيسي لترمب يقود الجناح الأيمن، على قناة «فوكس»، إن الإغلاق ليس هو الأمثل، لكنه «أفضل من الاستمرار في المسار الحالي الذي نحن فيه إلى الخراب المالي لأميركا».
ويريد غايتز، الذي هدد أيضاً بالدعوة إلى التصويت للإطاحة بمكارثي، أن يفعل الكونغرس ما نادراً أن يفعله بعد الآن: مناقشة والموافقة على كل مشروع من مشاريع القوانين السنوية الـ12 اللازمة لتمويل الإدارات الحكومية المختلفة -وهي عادةً عملية تستغرق أسابيع، إن لم تكن أشهراً.
وقال: «أنا لست مؤيداً للإغلاق»، لكنه أضاف أنه يريد أن يلتزم مكارثي بـ«كلمته».
حتى إذا كان مجلس النواب قادراً على إكمال عمله هذا الأسبوع بشأن بعض مشاريع القوانين هذه، وهو أمر غير مؤكَّد إلى حد كبير، فسيظل بحاجة إلى دمجها مع تشريع مماثل من مجلس الشيوخ، وهي عملية طويلة أخرى.
في غضون ذلك، قام أعضاء مجلس الشيوخ بصياغة إجراء مؤقت، يسمى «القرار المستمر»، للحفاظ على تمويل الحكومة يوم السبت الماضي، لكنهم واجهوا مشكلات في محاولة معالجة طلب بايدن الحصول على تمويل إضافي لأوكرانيا. فهم يواجهون مقاومة من حفنة من الجمهوريين للمجهود الحربي.
«موديز» تُحذر
وفي هذا الوقت، حذّرت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني من أن إغلاق الحكومة الأميركية سيضر بتصنيفها السيادي.
وكانت «فيتش» قد خفّضت قبل نحو شهر تصنيف الولايات المتحدة درجة واحدة على خلفية أزمة سقف الديون.
وقال محلل «موديز» وليام فوستر، لـ«رويترز» إن الإغلاق المحتمل سيكون دليلاً آخر على مدى إضعاف الاستقطاب السياسي في واشنطن لعملية صنع السياسات المالية فيما تتزايد الضغوط على قدرة تحمل ديون الحكومة الأميركية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.
وأضاف: «إذا لم تكن هناك استجابة فعالة في السياسة المالية لمحاولة تخفيف تلك الضغوط… فسيكون هناك احتمال حدوث تأثير سلبي متزايد على الوضع الائتماني. وقد يؤدي ذلك إلى نظرة مستقبلية سلبية، وربما خفض التصنيف في مرحلة ما، إذا لم تُعالج هذه الضغوط».
وتصنف «موديز» ديون الحكومة الأميركية عند «إيه إيه إيه» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وهي أعلى جدارة ائتمانية تخصصها للمقترضين.
وقال متحدث باسم وزارة الخزانة إن تقرير «موديز» قدم «دليلاً إضافياً على أن الإغلاق يمكن أن يقوّض القوة الدافعة لاقتصادنا» في وقت تراجع فيه التضخم والبطالة عن 4 في المائة.
ويتوقع كبير الاقتصاديين في «إي – بارثينون» غريغ داكو، أن «يؤدي إغلاق الحكومة إلى تأخير إصدار البيانات الاقتصادية حيث ستعلّق الوكالات جمع البيانات ومعالجتها ونشرها».
ففي ديسمبر (كانون الأول) 2018، ويناير (كانون الثاني) 2019، أدى إغلاق الحكومة لمدة 35 يوماً إلى نضوب البيانات مع تأجيل أكثر من 10 إصدارات لبيانات اقتصادية رئيسية بما في ذلك بيانات التجارة والإسكان والإنفاق الاستهلاكي.
ونظراً إلى الحالة الراهنة للاقتصاد وحالات عدم اليقين التي تَلوح في الأفق، فإن غياب البيانات يمكن أن يكون ذا تكلفة كبيرة على الاقتصاديين في القطاع الخاص والمستثمرين وصناع السياسات في «الاحتياطي الفيدرالي» الذين قد يتغافلون جزئياً في أثناء تقييمهم لأداء الاقتصاد الأميركي.