العراق ينتظر مكاسب افتتاح المعبر الوحيد مع السعودية

تتوقع الحكومة العراقية قفزة كبيرة في المبادلات التجارية مع بلدان الخليج العربي مع إعادة تدشين المنفذ الوحيد مع السعودية، رغم أن الخطوة تأخرت لأسباب فنية. ويقول محللون إن بغداد ستكون من أكبر المستفيدين بسبب حجم السوق الاستهلاكية في تلك الدول وبالتالي قطع الطريق تدريجيا عن إيران المسيطرة على شرايين اقتصادها.

رجح مسؤولون عراقيون بأن تشهد الحركة الاقتصادية بين بغداد ودول الخليج نشاطا ملموسا بعد افتتاح معبر عرعر الحدودي أمام التبادل التجاري وحركة الأفراد.

ولكن حتى الآن، لا يزال العراق يترقب تدشين المعبر أمام الحركة التجارية في الاتجاهين بعد عام من الاتفاق مع السعودية على إعادة هذا المنفذ للنشاط بعد توقف دام لسنوات طويلة.

ويتساءل محللون حول الأسباب، التي جعلت عملية تدشين المعبر تتأخر كل هذا الوقت خاصة وأن بغداد في أمسّ الحاجة إلى متنفس يجعلها تصل إلى “رئة الشرق الأوسط”، وبالتالي تعبيد الطريق للابتعاد عن فلك طهران، التي تسيطر على كافة المنافذ مع العراق.

ويمثل العراق، وهو ثاني أكبر منتج للنفط ضمن منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، إحدى ساحات التنافس على النفوذ الإقليمي بين السعودية وإيران، المرتبطة بعلاقات وثيقة مع معظم القوى السياسية الشيعية في بغداد، والتي تحاول عرقلة سياسة الانفتاح على الرياض.

ومع ذلك تمكنت بغداد خلال السنوات الست الأخيرة من التقرب إلى أكبر جارتها العربية في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يقول خبراء إنه سيمهد لتعزيز الروابط التجارية والاستثمارية أسرع مما هي عليه اليوم، حتى لو تأخرت عملية تدشين المعبر لفترة أخرى.

وبينما يريد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الاستفادة من سلسلة ملفات، منها الربط الكهربائي والاستثمار في قطاعات الزراعة والنقل والبتروكيمياويات وغيرها، يرى السعوديون أن هناك فرصا لبناء علاقة أفضل مع العراق، لكن لكي يفعلوا ذلك يحتاجون إلى تجنب المكاسب قصيرة المدى ووضع استراتيجيات طويلة الأمد.

وعقد البلدان اجتماعات موسعة لفرق الخبراء في مقر وزارة النقل السعودية في الرياض خلال يوليو 2019، وأسفرت عن اتفاقات تحدد المعايير الجمركية للتبادل التجاري بين البلدين والآليات التي سيتم اعتمادها في منفذ عرعر الحدودي.

واعتبر خبراء هذا الاتفاق تتويجا لحركة دبلوماسية نشطة بين الطرفين بعد أن استأنفت الرياض العلاقات الدبلوماسية مع بغداد في ديسمبر 2015، بعد ربع قرن من انقطاعها جراء الغزو العراقي للكويت عام 1990.

وأكد وزير النقل العراقي ناصر حسين الشبلي الشهر الماضي أن بلاده تسعى لتسريع افتتاح منفذ عرعر. وقال حينها إن “لجنة النقل والمنافذ الحدودية والموانئ المنبثقة عن اللجنة التنسيقية العراقية السعودية اجتمعت لمناقشة المسألة”.

ويعتبر المعبر المنفذ الوحيد مع السعودية وخصص طيلة السنوات الماضية لتفويج الحجاج العراقيين فقط، ولم يسمح عبره بنقل البضائع أو سفر الأشخاص. وكان من المقرر أن يفتتح معبر عرعر الحدودي أمام الحركة التجارية في أكتوبر الماضي، غير أن عملية الافتتاح تأجلت لأكثر من مرة.

وتُرجع الهيئة العامة للجمارك العراقية التأخير في افتتاح معبر عرعر بين العراق والسعودية للأغراض التجارية إلى عدم استكمال الإجراءات الفنية وليس لذلك علاقة بالتوترات السياسية.

ونسبت وكالة الأناضول إلى المتحدثة باسم الهيئة غفران عبدالله قولها إن “التأخير في افتتاح المعبر يتعلق بأنظمة التبادل التجاري، وتهيئة الأماكن الخاصة بمواقف المركبات وأبنية جديدة، ومساحات كافية بحركة التجارة ضمن الحدود الإدارية للمنفذ”.

وأوضحت أن “التأخير في موعد افتتاح منفذ عرعر أمام الحركة الاقتصادية في البلاد ليس سياسيا، وإنما يتعلق بالإجراءات الواجب استكمالها من طرف العراق في المنفذ”. ولا يمتلك العراق أي منفذ بري يربطه مع دول الخليج باستثناء منفذ عرعر، إذ يحدو التجار الأمل بأن يسهم افتتاحه في تنشيط الحركة الاقتصادية بين العراق ودول الخليج.

وقال فيصل العيساوي عضو البرلمان العراقي عن اللجنة الاقتصادية، إن “افتتاح معبر عرعر للتبادل التجاري سيكون ذا تأثير اقتصادي كبير على العراق”. وأضاف “سيقلص تدشين المعبر الزخم الحاصل على المعابر الأخرى في العراق، سواء الجنوبية أو الشمالية، وسينشط الحركة الاقتصادية والتجارية بين البحر الأحمر والعراق والخليج العربي”.

وأوضح العيساوي أن المعبر سيوفر فرص عمل كبيرة للجانب العراقي، الذي عليه أن يتفق مسبقا حول “السلع والبضائع الواجب على العراق تصديرها إلى السعودية أو دول الخليج الأخرى”.

وتشير التقديرات إلى أن حجم التبادل التجاري بين العراق والسعودية بلغ مليار دولار خلال عامي 2018 و2019، وفق قحطان الجنابي السفير العراقي لدى السعودية. في المقابل تقول بعض التقديرات الرسمية إن حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران يصل حاليا إلى 12 مليار دولار سنويا، وهو يجري باتجاه واحد حيث لا يصدّر العراق شيئا يذكر إلى إيران.

وهناك مساع إيرانية إلى زيادة ذلك المبلغ إلى حوالي 20 مليار دولار، وهو ما قد يفاقم الضغوط أكثر على بغداد. واقترحت السلطات العراقية في يوليو الماضي على الجانب السعودي، إلغاء تأشيرة الدخول لرجال الأعمال بين البلدين، ضمن الإجراءات الخاصة بتسهيل عمليات التبادل التجاري.

ويرى الخبير الاقتصادي والمالي عبدالحسين المنذري أن افتتاح معبر عرعر سيمتص الضغط الحاصل على الاستيراد من باقي الدول بضمنها المعابر مع إيران. وذكر أن معبر عرعر سيكون خاضعا للرقابة الإدارية والأمنية للحكومة الاتحادية، بخلاف باقي المعابر التي بدأت الحكومة استعادة السيطرة عليها.

وكان من المقرر أن يجري الكاظمي، زيارة رسمية إلى الرياض مطلع الشهر الجاري، لكنها تأجلت لأجل غير مسمى بسبب تعرض العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى طارئ صحي.

وبعد عقود من التوتر بدأت العلاقات تتحسن، عقب زيارة لبغداد في 25 فبراير 2017، قام بها وزير الخارجية السعودي آنذاك عادل الجبير. وكانت هذه أول مرة يصل فيها مسؤول سعودي رفيع المستوى إلى العاصمة العراقية منذ العام 1990، وهو ما مهد الطريق لمزيد من الزيارات المتبادلة.

ودخلت العلاقات بين البلدين مرحلة مهمة في أبريل من العام الماضي بتوقيع 13 اتفاقية تشمل الكثير من القطاعات الاقتصادية والاستثمارية خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي إلى الرياض.

وسبق أن جرى توقيع اتفاقات مبدئية لاستثمار شركات سعودية في عدد كبير من القطاعات بينها استثمار الملايين من الهكتارات من الأراضي الزراعية في بادية محافظتي الأنبار والمثنى.

وفي نهاية مايو 2019 قطعت بغداد خطوة كبيرة بإقرار مجلس الوزراء مشروع قانون لتشجيع وحماية شركات الاستثمار السعودية، الأمر الذي يتوقع أن يعزز ثقة تلك الشركات بضخ أموال في العراق رغم الصعوبات الكبيرة.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالشرق الأوسط يترقب قدوم طلائع المركبات المتصلة
المقالة القادمةمؤسس شركة ناشئة يمنح موظفيه أسهما بـ230 مليون دولار!