العراق يُحدّد موعد شحنة الفيول الأولى: ما بين 3 و5 أيلول

أزمة المحروقات والكهرباء قطعت سبل العيش، بالنسبة إلى كل القاطنين في هذه البقعة الجغرافية. الموت البطيء تسارع في نهاية الأسبوع. أزمة الكهرباء مستمرة. الدولة تكاد تفقد سلطتها على الأطراف، كما على المركز. لا هيبة للمكلفين بالحفاظ على الأمن. مصادرة شاحنات الفيول واقتحام محطات التحويل نموذجاً. القوى الأمنية لن تستطيع أن تحرس أكثر من مئة محطة تحويل، ولن تستطيع أن تحرس كل الطرقات لمنع مصادرة شحنات الفيول، ولن تستطيع توزيع المازوت على المطاحن والمستشفيات. وحتى عندما توحي بأنها تتولى زمام المبادرة لتساعد الناس، تكون النتيجة مزيداً من الفوضى. عشرات الإشكالات التي تشهدها محطات البنزين ومحطات توزيع الغاز والأفران تعود إلى سبب واحد: السلطة تخلت عن الناس وتركتهم لمصيرهم

لم يعد السؤال عن الكهرباء يجدي. كل المعنيين في وزارة الطاقة وكهرباء لبنان يكادون يستسلمون. انقطاع شامل للكهرباء ثلاث مرات خلال يومين ليس أمراً بسيطاً. وهو يمكن أن يتكرر عشرات المرات، إن لم تتحرر محطات التوزيع من الاعتداءات المتكررة. ملف الصيانة لا يزال، بدوره، عالقاً بانتظار موافقة مصرف لبنان. مرت خمسة أشهر من دون إجراء أي نوع من الصيانة للمعامل، في ظل رفض المصرف تأمين الدولارات التي تحتاج إليها المؤسسة وفي ظل لامبالاة كل المسؤولين بسياق سيؤدي قريباً إلى إطفاء المعامل، أسوة بما يحصل في معملَي الزوق والجية (يعملان بـ 10 في المئة من طاقتهما، بسبب الحاجة إلى قطَع الغيار والزيوت). سبق للمؤسسة أن أعلنت مراراً أنها تملك الأموال، لكنها كمؤسسة عامة لا يمكنها طلب الدولار من السوق، فمصرف لبنان هو مصرف القطاع العام، وهو الملزم بتأمين حاجة هذا القطاع. هذا ما يؤكده رياض سلامة أيضاً، لكنه لا ينفذه.

أمام قتامة المشهد، ثمة ضوء لا يزال يأتي من العراق. حتى اليوم، وبالرغم من التأخير في تنفيذ الاتفاق، إلا أن وزارة الطاقة تؤكد أن وصول أول باخرة فيول لن يتأخر عن الأسبوع الأول من أيلول. وفي التفاصيل، أبلغت شركة «سومو» العراقية وزارة الطاقة أن الشحنة الأولى ستكون جاهزة بين 3 و5 أيلول، وستحمل 83 ألف طن من الفيول الأسود. وعملياً، فإن تحديد الموعد كان الخطوة الأخيرة المنتظرة، بعد موافقة الجانبين اللبناني والعراقي على ثلاثة طلبات لشركات عالمية أبدت رغبتها في المشاركة في المناقصات، علماً بأن شركتين أخريين عادتا وقدّمتا طلباً للمشاركة.

وإذا صدقت مصادر الوزارة، فإن إطلاق المناقصة سيجري بين اليوم وغداً، بحيث يعمد من تقدم بالعرض الأفضل للحصول على الفيول العراقي بدلاً من الفيول المطلوب لمؤسسة كهرباء لبنان. ما يحصل اليوم يؤكد أنه لا يمكن الاعتماد على المولدات الخاصة كمنتج أساسي للطاقة. الشح في مادة المازوت جعل أغلب المناطق تعيش عتمة قاسية وتقنيناً غير مسبوق. الأسوأ أن المخزون المتوفّر من المازوت والبنزين لن يكفي لأكثر من أربعة أيام، بحسب وزارة الطاقة، فيما لم تُحسم بعد مسألة رفع الدعم، وبالتالي فإن شركات النفط لم تتمكن بعد من فتح اعتمادات لشحنات جديدة. الجديد أن مصادر مسؤولة في وزارة الطاقة أكدت أنها لن تُصدر جدول الأسعار حتى لو تبلّغت من قبل المصرف المركزي بالسعر الجديد للدولار. فوزير الطاقة هو عضو في الحكومة التي يرفض رئيسها قرار وَقف الدعم، كما يرفضه رئيس الجمهورية، وبالتالي لا يمكنه التغاضي عن موقفهما والذهاب إلى تنفيذ قرار صادر عن مصرف لبنان.

تختصر المصادر موقف الوزارة بالإشارة إلى أن السعر الحالي للمحروقات سيبقى معمولاً به إلى حين صدور الجدول الجديد. والأخير لن يصدر إلا وفق الآلية التي صدر فيها الجدول عندما رفع مصرف لبنان السعر من 1500 ليرة إلى 3900 ليرة، أي بعد أن يصدر رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة قراراً استثنائياً، يقضي بالاقتراض من مصرف لبنان الأموال التي تنقل دعم المحروقات من 3900 ليرة إلى سعر منصة «صيرفة».

مصدرجريدة الأخبار - إيلي الفرزلي
المادة السابقةعراجي: على قيادة الجيش عند مصادرة المحروقات تقديمها الى المستشفيات
المقالة القادمةأزمة الكهرباء: قرصنة وغياب تام للأجهزة الأمنية