العقوبات تكشف “المستور” وتضع حداً للعبة النفط “السوداء”

لا تأتي العقوبات الاميركية “خبط عشواء”، كـ “منايا” زهير بن أبي سلمى، إلا انها على الأكيد “تميت” اقتصادياً من تصيبه. بكثير من الدقة والمعرفة تنتقي الادارة الاميركية المدرجين على لائحة العقوبات، سواء كان بحجة الفساد وتبييض الاموال أم تمويل الارهاب أو الاثنين معاً. وجديدها لائحة ستصدر قريباً، من المتوقع ان تضم من بين اسمائها النائب جبران باسيل وشركة نفطية شريكاً فيها.

قبل مدة ليست بطويلة، وتحديداً عقب إجراء وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني مناقصة لاستيراد 150 ألف طن من البنزين، برز اسم باسيل كشريك اساسي في شركة LEBNEFT (إحدى الشركتين المتقدمتين إلى المناقصة). وقبلها بعام سرت أخبار شرائه حصة من محطات “كورال” Coral Oil كالنار في الهشيم. الخبران جرى نفيهما جملة وتفصيلاً من قبل الطرفين أي الوزير باسيل، والمساهمين الأساسيين في الشركتين المذكورتين، والممثلين برئيس مجلس ادارة شركة “ذي كورال اويل كومباني ليميتد” أوسكار ألفراد يمين.

كشف المستور

عبثاً حاول المعنيون على مدار العامين الماضيين نفي علاقة جبران باسيل بقطاع النفط. فـ”التطورات المتسارعة منذ تقرير وزارة الطاقة الدخول كشريك في استيراد البنزين، مروراً بـ”انفجار” قضية الفيول المغشوش وتهريب المازوت إلى سوريا، وصولاً اليوم إلى عدم خروج نقطة مازوت واحدة بعد تعطيل عمل المنشآت النفطية، من دون المرور بإحدى أكبر الشركات المستوردة للنفط… تؤشر إلى علاقة وطيدة تجمع باسيل مع هذه الشركة”، يقول أحد المصادر المتابعة للملف. “وبغض النظر ان كان باسيل يملك حصصاً فعلية مخفية فيها أم لا، فانه من المؤكد ان هذه الشركة قدمت وتقدم الرعاية الماسية لمؤتمراته، واسمها دائماً حاضر معه في جولاته”.

التحقيقات التي كان من المفروض ان تكشف الصلات والعلاقات المتشابكة في هذا الملف لم تصل إلى نتيجة، والقطبة الحقيقية ما زالت مخفية ولم يستطع القضاء فكها بعد، إما بسبب نقص الادلة وإما بسبب الضغوطات. فهل تفعلها العقوبات الاميركية وتسمي الشركة النفطية التي يملكها باسيل. المصدر يجزم ان “تسمية الشركة النفطية التي ترتبط بباسيل من شأنها توضيح أو نفي الكثير من الامور التي ترتبط بملف الفيول المغشوش وتهريب المازوت إلى سوريا واحتكاره”.

العقوبات ضربة قاسمة لكل من يتلقاها. وهي تتدرج على الصعيد الفردي من تجميد الحسابات الخارجية وحظر التعامل عبر القنوات المصرفية، مع كل ما تتضمنه من فتح حسابات وإجراء عمليات تحويل، ومصادرة للاموال وتجميد للأصول ومنع السفر إلى بعض الوجهات. أما على صعيد الشركات والكيانات الاقتصادية فتعتبر العقوبات أخطر بكثير. إذ ان إدراج شركة نفطية في العقوبات على سبيل المثال، يعني عجزها عن فتح الاعتمادات وتمويل عمليات الاستيراد وبالتالي افلاسها. أما على الصعيد المصرفي فان العقوبات تعني تصفية المصرف بشحطة قلم. ولعل مثال “جمال ترست بنك” لا يزال حاضراً في الذاكرة القصيرة لدينا.

إيجابيات العقوبات!

الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان يعتبر ان العقوبات تحاط بكثير من التكتم والسرية، ونادراً ما تتكشف الاسماء المدرجة سواء كانت عائدة لأفراد أم لشركات بدقة، إلا بعد صدورها. وبرأي أبو سليمان فان “هذه العقوبات تحمل تداعيات كبيرة على الاقتصاد، خصوصاً ان كانت تطال الشركات والمنشآت الكبيرة. وهي تأتي استكمالاً للضغط الذي فرضه قانون قيصر، وتعرض الاقتصاد لاضرار مباشرة وغير مباشرة نتيجة تأثر علميات الترانزيت عبر الحدود أو جر الكهرباء من سوريا إلى لبنان.

“تداعيات العقوبات التي ممكن ان تطال شركات نفطية متهمة بضلوعها في تهريب المازوت إلى سوريا يمكن احتواؤها. ومن المحتمل ان تكون نتائجها إيجابية”، من وجهة نظر أبو سليمان. “حيث تجبر الدولة على اعادة مسك مفاصل الملف بعد ان تنازلت عنه وسلمته للشركات الخاصة، أو ما يعرف بـ “كارتيل” النفط الذي يتحكم بالسوق. وهكذا تكون العقوبات قد قدمت خدمة للبنان واللبنانيين من خلال اقصاء الوسطاء وتنظيم عمليات الاستيراد بشكل مباشر من الخارج”.

الدولة خارج العقوبات

العقوبات لن تطال الدولة اللبنانية، بل ستتوجه اكثر هذه المرة نحو شخصيات سياسية واعمالهم التجارية في لبنان والخارج. أما على صعيد المصارف ورغم ذكر “وول ستريت جورنال” تحذير الادارة الاميركية حاكم المصرف المركزي رياض سلامة من مغبة التعامل مع شخصيات مشمولة بالعقوبات، فان المصارف تعتبر برأي الخبراء محيدة لعدة أسباب، أهمها: خشية المصارف الكبيرة من اللحاق بـ “اللبناني الكندي” و”جمال ترست بنك” أولاً، وثانياً تحول وظيفتها، برأي أبو سليمان، إلى “معقب معاملات”، وذلك بسبب تضاؤل اعمالها في الخارج. وبالتالي فان العقوبات على المصارف اللبنانية مستبعدة حالياً.

مصدرخالد أبو شقرا - نداء الوطن
المادة السابقة“فيات كرايسلر” تكشف عن شاحنة “رام 1500”
المقالة القادمةترامب: “أمازون” مسؤولة عن خسائر خدمة البريد الأميركي