قَطعُ المصارف المرسلة علاقتها بلبنان ليس بالإجراء الجديد، بل انه توجّه بدأ في العام 2019 عندما قام كلّ من wells fargo, Citibank, standard chartered bank و irving trust بقطع علاقته مع المصارف اللبنانية نتيجة الخلل الحاصل في العلاقة بين الطرفين في مرحلة ما بعد ثورة تشرين، والذي أدّى الى تخلّف عدد من المصارف اللبنانية عن تسديد التزاماتها للمصارف المراسلة مقابل الاعتمادات المفتوحة، ما ادى بالاضافة الى تراجع تصنيف لبنان، الى قيام المصارف المراسلة بما يسمّى بالـ derisking أي خفض تعرّضها للمخاطر. وبالتالي، قطع علاقتها مع المصارف اللبنانية. في حين استمرّت العلاقة الاكثر نشاطاً مع JP Morgan بعد وضع شروط على المصارف اللبنانية تنصّ على تأمين 100 في المئة من قيمة الالتزامات مسبقاً.
في النتيجة، ما حذّر منه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في مذكّرة وجّهها إلى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، من أن المصارف المُراسلة في الخارج بدأت تقطع علاقاتها المالية مع البنك المركزي، هو أمر غير مستغرب نظراً لوضع المصرف المركزي والشبهات التي تحوم حوله والدعاوى القضائية التي تطاله محلياً وخارجياً، والتدقيق الجنائي المطلوب في حساباته، جميعها عوامل تجعل المصارف المراسلة في الخارج تجد نفسها معرّضة لمخاطر كبيرة إثر تعاملها معه، خصوصاً انّ لبنان من وجهة نظر المصارف الاميركية بلدٌ موبوء ومشبوه وسبق ان وُجهت الى قطاعه المصرفي اتهمات بتبييض الاموال.
في هذا الاطار، أكد الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود لـ»الجمهورية» انّ قطع عدد من المصارف المراسلة علاقته بالبنك المركزي لا يعود الى أزمة سيولة وعدم تسديد الالتزامات على غرار ما حصل مع المصارف منذ عام ونصف، بل الى أزمة ثقة ولّدها تصويب السهام كافة بشكل علني على مصرف لبنان وحاكمه مما شوّه سمعته ووضعيته، لافتاً الى انّ المصارف المراسلة قامت بعملية derisking لحماية سمعتها ضد أي عمليات مشبوهة كتبييض الاموال وغيرها، و
واشار حمود الى انّ قيام بعض البنوك المراسلة مثل wells fargo و HSBC بقطع علاقته مع مصرف لبنان ليس حالياً بالامر المهمّ، لأن المصارف المراسلة الاساسية، مثل Irving trust و JP morgan و Citibank، ما زالت تتعامل مع البنك المركزي.
وشرح حمود التداعيات الكارثية لقطع المصارف المراسلة الاخرى الاساسية علاقتها مع البنك المركزي وبالتالي مع كافة البنوك التجارية في لبنان، ما سيؤدي الى اقفال حسابات المصرف المركزي والمصارف التجارية في الخارج، والى تعذّر القيام بالتحويلات الخارجية من والى لبنان للاستيراد او لأي أمر آخر. لكنّه رأى ان هذا القرار لا يمكن ان يحصل من دون وجود قرار سياسي دولي اقليمي بخنق لبنان للحدّ الأقصى، خصوصاً ان لبنان بلد يعتمد على التحويلات المالية الواردة، وعلى الاستيراد.