أصدر الاتحاد العمالي العام بياناً يطالب فيه الحكومة بالإسراع في إصدار 15 مرسوماً تطبيقياً لقانون التقاعد والحماية الاجتماعية بدلاً من «فتح باب الحوار والجدل حول بعض المواد، ما يقتضي تعديلاً قانونياً في مجلس النواب يطيل زمن التنفيذ ويقضي على هذا القانون في المهد». لكن الاتحاد يغفل مسألة أساسية يشير إليها رئيس الاتحاد العمالي السابق وعضو مجلس إدارة الضمان غسان غصن، وهي أن هذا القانون صُمّم بشكل خاص لإعفاء أصحاب العمل من تسويات نهاية الخدمة بعدما «قضى الانهيار على قيمة تعويضات نهاية خدمتهم».وفق بيان الاتحاد، فإنه كان يفترض صدور مرسوم «الهيئات الأكثر تمثيلاً»، وأن يصدر مجلس الخدمة المدنية لائحة خاصة بفئة «الخبراء» الذين يفترض أن يمثّلوا الدولة وأصحاب العمل والأجراء في نظام التقاعد والحماية الاجتماعية، وأن يتم تعيين مجلس إدارة الضمان الجديد وأن يحدّد مقدار التعويضات المالية للأعضاء، وكذلك تعيين رئيس وأعضاء لجنة الاستثمار والمدير التنفيذي للاستثمار والتعويضات المالية لهم، وتعيين لجنة للمراجعات، وتحديد نسب الاشتراكات… واللائحة تطول لتضم 15 بنداً متصلة بقانون التقاعد والحماية الاجتماعية الذي صدر في 22/12/2023 الذي يلغي نظام تعويض نهاية الخدمة ليحلّ محلّه نظام التقاعد.
بحسب غصن، فإن النظام الذي أقرّ يتطلب تنفيذه 37 مرسوماً تطبيقياً، ومن دونها هو «غير قابل للتنفيذ»، أي أن المسألة لا تتعلق بـ 15 مرسوماً مطلوب صدورها فقط، مشيراً إلى أن بعض المراسيم التي يجب صدورها «هي متناقضة مع بعضها البعض». وبمعزل عن أهمية الانتقال من نظام تعويض نهاية الخدمة إلى نظام التقاعد والحماية الاجتماعية «وهذا الانتقال مطلوب ومستعجل بهدف التغطية الصحية للمضمونين وتأمين شيخوخة لائقة لهم»، إلا أن المسار السليم يفرض أن يكون النظام الجديد «مستداماً وقابلاً للحياة والتطبيق والاستمرار» وفق غصن، لذا يرى بأن مشروعاً كهذا ينطوي على فكرة أساسية واحدة تتعلق بـ«إعفاء أصحاب العمل من تسويات نهاية الخدمة» لا يمثّل هدفاً استراتيجياً، إذ يجب «إطلاق النقاش في هذا الأمر وتطويع المراسيم التطبيقية حتى تصبح في خدمة المضونين بدلاً من أن تكون في خدمة أصحاب العمل». ويلفت إلى أن هذا القانون أتى بعدما «حُرم عمال لبنان من تعويضات نهاية الخدمة التي قضى عليها انهيار قيمة العملة اللبنانية، وها هم الأجراء يحرمون من حسابات تسوية نهاية الخدمة بفعل غياب النقاش وإلغاء عملية التطوير في القانون. فما سيحصل هو أن الأجراء سينتقلون إلى النظام الجديد ضمن رواتب سقوفها القصوى نهاية 2023، أي أن التعديلات على الرواتب التي ستأتي لاحقاً لن تحتسب في حسابات المضمونين المنتقلة من نظام تعويض نهاية الخدمة إلى نظام التقاعد والحماية الاجتماعية، وبالتالي ستفقد قيمة كبيرة منها، كما أن الرواتب التي ستسجّل في حسابات المضمونين في النظام الجديد (التقاعد) ستكون وفق الرواتب الجديدة، وبالتالي أين ستذهب حسابات التسوية التي يفترض على أصحاب العمل تسديدها، ويفترض على القانون الجديد أن ينقلها إلى حسابات المضمونين في النظام الجديد؟».
وهذه واحدة من مجموعة ملاحظات يشير إليها غصن باعتبارها الملاحظة الأساسية على هذا القانون والتي يجب إطلاق النقاش فيها وإخضاعها لتعديل يتناسب مع أهداف العدالة الاجتماعية، بدلاً من التلهي بملاحظات شكلية. فما لم يقله غصن، هو أن التركيز على لجان الاستثمار وتعويضاتها المالية متعلق برغبة لدى جهات تسيطر على الضمان بإلغاء هيئة المكتب والانتقال إلى اللجنة لحصد مكتسبات مالية. فقد سبق أن رصدت مطالب بإلغاء هيئة المكتب التي يشغلها أعضاء في الضمان غير مرغوب فيهم من قبل هذه الجهات المسيطرة مثل فضل الله شريف وغسان غصن، كما تشارك اللجنة الفنية في الضمان في جلسات الهيئة، أي أنها الجهة الرقابية التي تشارك ما يشي بأن المطلوب الهروب من «منشار» الرقابة. لكن هذا المطلب لم يبصر النور بعدما أبطله رأي من هيئة التشريع والاستشارات يشير إلى وجوب بقاء هيئة المكتب إلى حين صدور المراسيم التنفيذية للقانون الذي خلق نظام التقاعد. المشكلة أنه بدلاً من ملاحقة حقوق الأجراء والمضمونين، تتسارع البيانات في سبيل التعجيل بلجنة استثمار لأموال التقاعد بعدم حُرم الأجراء من التسويات. وكل ذلك يحصل على ظهر ضمان يعاني من عجوزات ضخمة في السيولة والملاءة دفعته إلى خفض نسب التغطية إلى 10% ولم تنجح إدارته في إعادتها إلى ما كانت عليه قبل الأزمة.