سجلت العملة اللبنانية الاثنين أدنى مستوياتها على الإطلاق أمام سلة العملات الرئيسية وخاصة الدولار، وهو ما يزيد الضغوط على الدولة التي تعاني من أزمات مالية خانقة بفعل سوء إدارة الطبقة السياسة للأوضاع الاقتصادية.
وسجّلت الليرة أسوأ أداء لها مقابل العملة الأميركية في السوق الموازية، تزامناً مع بدء المصارف الاثنين إقفالا لمدة ثلاثة أيام احتجاجاً على عمليات اقتحام طالت عدداً من فروعها خلال الأسبوع الماضي.
ووفق تطبيقات عبر الإنترنت وصرافين لامس سعر صرف الدولار عتبة 38.6 ليرة في مستوى هو الأدنى منذ بدء الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ قرابة ثلاثة أعوام ويصنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم.
ومنذ صيف عام 2019 خسرت الليرة قرابة 95 في المئة من قيمتها أمام الدولار، فيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتا عند 1507 ليرات. ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار.
ويربط محللون بين تدهور قيمة الليرة وازدياد الطلب على الدولار، خصوصا مع رفع المصرف المركزي الدعم تدريجيا عن استيراد سلع رئيسية آخرها المحروقات في الأسبوع الماضي.
ويدفع ذلك كبار التجار إلى شراء الدولار من السوق الموازية لتأمين كلفة الاستيراد.
وقال الخبير المصرفي صائب الزين لوكالة الصحافة الفرنسية إن تدهور الليرة “يتواصل منذ فترة، منذ رفع الدعم، وهو ما يخلق طلبا إضافياً على الدولار (…) وفوق ذلك كله لا توجد إصلاحات” يشترط المجتمع الدولي تنفيذها من أجل تقديم الدعم للبنان.
وتُعتبر الأزمة الاقتصادية المتمادية الأسوأ في تاريخ لبنان، وتترافق مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ خطوات إصلاحية تحدّ من التدهور وتحسّن نوعية حياة السكان الذين يعيش أكثر من ثمانين في المئة منهم تحت خط الفقر.
ولم تنجح السلطات بعد في تنفيذ إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي لتقديم الدعم من أجل وقف النزيف الحاصل.
وتزامن السقوط الحر لليرة مع زيارة وفد من صندوق النقد الدولي بيروت حيث يلتقي عددا من المسؤولين، للاطلاع منهم على مسار تنفيذ الخطوات الإصلاحية المطلوبة.
وأعلن الصندوق في أبريل الماضي توصله إلى اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات.
لكن تطبيقها مرتبط أيضاً بالتزام الحكومة بتنفيذ إصلاحات مسبقة وإقرار مشاريع قوانين بينها قانون كابيتال كونترول الذي يقيّد عمليات السحب وتحويل العملات الأجنبية من المصارف.
كما أنها مرتبطة بمشروع قانون موازنة 2022، إضافة الى إقرار تشريعات تتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعديل قانون السرية المصرفية.
وقال المتحدّث باسم الصندوق جيري رايس لصحافيين الأسبوع الماضي “كان هناك تقدم بطيء في تنفيذ بعض الإجراءات الملحة التي نعتقد أنها مطلوبة للمضي قدماً في برنامج” دعم لبنان.
وشهد الأسبوع الماضي سبع عمليات اقتحام لفروع مصارف، طالب خلالها مودعون بالحصول على ودائعهم. وحصلت خمس منها خلال يوم واحد. واحتجاجاً على ذلك، أعلنت المصارف إقفالاً لمدة ثلاثة أيام.
وتظاهر العشرات من اللبنانيين الاثنين أمام مقر وزارة العدل في بيروت، مطالبين بإطلاق سراح شابين تم توقيفهما على هامش مشاركتهما في اقتحام مصرف الأسبوع الماضي.
وقال خالد الديك، أحد المحتجين، لوكالة الصحافة الفرنسية “هما موقوفان لأنهما قالا كلمة حق”، مطالباً بالإفراج عنهما تحت طائلة التصعيد في أنحاء لبنان.
إلا أن مصدراً قضائياً أفاد بأن مواصلة احتجازهما مرتبطة بمذكرات توقيف سابقة صادرة بحقهما في قضايا أخرى.