“العمل”: لا مع العمال بخير ولا مع المؤسسات بخير

التقبّل، هو سمة مرحلة الإنهيار التي يمر بها لبنان. مئات الألوف من العمال والمستخدمين تقبّلوا منذ أيلول العام 2019 تخفيض رواتبهم، وصرفهم إفرادياً أو جماعياً من دون بدلات عادلة، فبنظرهم، تعويض مجحف في اليد، خير من تعويض عادل، قد يحصلون أو لا يحصلون عليه، بعد سنوات من الدعاوى واستمرار التعويضات بخسارة قيمتها الشرائية.

من حق المؤسسات في الأوضاع القاهرة، كالتي يمر بها لبنان، صرف مستخدميها. ولكن هذا لا يتم بحسب القوانين إلا بالعودة إلى وزارة العمل، التي يجب أن تدقق بدفاتر الشركة، وحقيقة مرورها بظروف قاهرة تجعلها مجبرة على تخفيض عدد العمال، أو حتى صرفهم جماعياً، والاقفال. ومن بعدها يصار إلى تسوية أوضاعها، والسماح لها بعمليات صرف مقابل دفع التعويضات والبدلات التي تقرها القوانين. وهذا ما لم يحدث منذ انفجار الأزمة الاقتصادية، بحسب ملاحظات المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين.

يقدّر عدد المصروفين من عملهم بين نهاية العام 2019 ومطلع العام الحالي بحوالى 550 الف عامل. أما أكثرية المتبقين في المؤسسات فيتقاضون من وجهة نظر ديراني جزءاً بسيطاً من أجرهم الشهري يتراوح بين ربع ونصف راتب. “وهو ما يجعل من أي قرار تتخذه وزارة العمل عاجزاً عن إحداث فرق كبير يعوض عن العمال والمستخدمين هذه المأساة”.

يتصدر القطاع التجاري المركز الأول من حيث عمليات الصرف وتخفيض الرواتب ويحل القطاع السياحي بعده مباشرة. ومع هذا الحجم الهائل من التجاوزات أصبح على وزارة العمل ان “لا تكتفي باصدار القرارات إنما عليها تعزيز هيئات التفتيش في الوزارة، والتأكد من مدى إلتزام الشركات في إجراءات الوقاية وبتنفيذ القوانين بشكل صحيح”، يقول سمور. “خصوصاً في ما يتعلق بالدوامات والأجور ومقارنة المعطيات مع الضمان الاجتماعي”.

بين إحباط العمال وانعدام ثقتهم برأي “المرصد”، وبين إعتبار موقف العمال متفهماً لظروف أصحاب العمل والوضع الاقتصادي، وتكافلهم اقتصادياً… هناك مأزق حقيقي. فالمؤسسات تعمل من دون أفق واضح، وبخسارة ملموسة. والعمال يعملون بنصف راتب وبتهديد دائم بخسارة مصدر عيشهم. على هذا المنوال فانه من الصعب على الطرفين البقاء والاستمرار.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةإمبراطورية المصارف العارية
المقالة القادمةهارون: عاجلاً أم آجلاً يجب رفع تعرفة الإستشفاء