الغرب للبنان: إنّه الانتحار!

بكثير من الدهشة والذهول ينظر الدبلوماسيون الغربيون في بيروت الى ما يدور على المسرح السياسي اللبناني من تجاذبات وانقسامات ونكايات سياسية تكاد تطيح البلد من أسسه، والانكى على ما يقولون، ان اللاعبين الاساسيين هم اهل البيت انفسهم من الساسة المفترض انهم قيّمون على شؤون البلاد وساهرون على ادارتها ورفعها من الكبوة التي تغوص فيها، ومن بينهم من هم معنيون اكثر من غيرهم كونهم ” اسياد” المرحلة السياسية.
احد الدبلوماسيين المشار اليهم يصف عبر “المركزية” ما يجري في لبنان بـ”الانتحار”، ويقول لا يمكن توصيف الواقع الذي تتخبط فيه البلاد جراء السياسة “الرعناء” بأقل من الدفع المتعمد الى انتحار جماعي، عن قصد او عن غير قصد، لا اعرف، بيد ان الاكيد ان الاستمرار في هذا النهج وفي الممارسة السياسية الحالية لا يقود الا الى قعر هاوية غير الممكن الخروج منها. ويضيف اذا كان ما يقوم به هؤلاء نتيجة قلة وعي وغياب حس المسؤولية فتلك مصيبة، اما اذا كان مخططا له في اعتقاد منهم ان هذا المسار يمكن ان يقودهم الى مراكز ومناصب يتطلعون اليها فتلك امّ المصائب. فهل يعقل، يسأل الدبلوماسي ان من يقودون عملية توتير وتسميم الاجواء السياسية لا يدركون ان نهاية هذا الدرب هي الفشل الحتمي على المستوى الشخصي والعام والى ما يتطلعون من خلال نسف التسوية وتعطيل الحكومة ودكّ اسس الوحدة الوطنية وضرب المصالحات التي اخرجت البلاد بصعوبة من براثن تداعيات الحرب الاهلية وكرّست واقعا جديدا عنوانه العيش المشترك؟
ويسأل الدبلوماسي القادة اللبنانيين عن اسباب ترك وطنهم يصارع الموت، في وقت تبدو دول خارجية حريصة عليه اكثر من بعضهم، فتقدم النصائح وتعقد مؤتمرات الدعم والمساعدة وتدعو الى تنفيذ اصلاحات تحدّ من الهدر والفساد المعشش في الدولة، وهم عوض الانكباب على تنفيذ الواجب لانقاذ الوطن يمعنون في خلافاتهم وارتكاباتهم الى درجة اطلاق بعضهم رصاصة الرحمة عليه من دون تردد.
ويعرب الدبلوماسي عن قلقه من ان يكون خلف ما يجري هدف وحيد، هو فرض الشلل التام على البلاد ونسف ركائز النظام ايحاء بأنه اصبح منتهي الصلاحية، والولوج تاليا الى آخر جديد مفصل على قياس بعض القوى السياسية او الحزبية التي تفقد اوراقها تباعا جراء المتغييرات في الاقليم. ويدعو المسؤولين اللبنانيين الحريصين على لبنان الدولة الى التنبه للمخططات التي تحاك خلف الكواليس والاستنفار لمواجهتها بعدم الانزلاق الى مجاراة هذه اللعبة، بل الدفع نحو تعويم التسوية وتدعيم الحكومة وتحصين الوحدة والتمسك بسياسة الني بالنفس وتحييد لبنان عن نيران الاقليم والتزام مندرجات “اعلان بعبدا”.
واذ يرفض الدبلوماسي الغربي الغوص في شؤون لبنان الداخلية وتأكيد ان اقصى ما يمكن ان يقدمه الخارج الى قادته هو النصح والمشورة، يستغرب عدم التزام الجميع سقف القانون والعمل بهديه، اذ عوض القانون اخترعوا بدعة “الديموقراطية التوافقية” وهي الوجه الآخر للصفقات السياسية من خلال التلطي خلف التوافق واعتباره ضرورة لتوفير الحلول فيما لا مخارج للازمات الا بالتزام الجميع سقف القانون، بعدما بلغ الوضع حدا لم يعد يحتمل المضي في الترقيع والتسويات والمعالجات بالمسكّنات بما اساء الى سمعة لبنان وصورته ونظامه الديموقراطي داخليا وخارجيا، وتعطل مفهوم القانون لمصلحة من يملك فائض القوة بحجة التوافق والميثاقية والمشاركة في السلطة. ويحذر من ان الهدف الاساس خلف بدعة الديموقراطية التوافقية قد يكون فرض المثالثة بدل المناصفة وتغيير المعادلة التي ارتكزاليها اتفاق الطائف.
مصدرالمركزية
المادة السابقةتفاصيل جريمة القبيّات المروّعة… هكذا قتل شقيقته
المقالة القادمةالحريري للبنانيين: لا تحبطوا