الغرب يتأرجح على حبال “SWIFT”

اللامبالاة التي طبعت ردود الفعل الروسية على العقوبات الغربية منذ بدء غزو أوكرانيا، تبدّلت مع أخذ القرار بإقصاء بعض كياناتها المالية من نظام “SWIFT”. فالعقوبات الاقتصادية والمالية التي “تهطل” على روسيا والدائرين في فلك السلطة في كفة، وإخراجها من “جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك”، التي تختصر بـ”SWIFT” في كفة أخرى. عندها، سيصبح من المستحيل للمؤسسات المالية إرسال الأموال إلى داخل أو إلى خارج روسيا، مع ما يعنيه ذلك من وقف تنفيذ الحوالات المالية بين الروس وبقية الكيانات، سواء كانت دولية اقتصادية أو حتى فردية.

يوفر نظام “سويفت”، الذي توسع العمل به منذ العام 1977، وسيلة مضمونة آلياً لتسوية المدفوعات، وذلك بإدخال مقاييس موحدة في العلاقات المصرفية الدولية. ولم يشهد العالم إقصاءً كلياً لدولة عنه إلا في العام 2012، عندما تمّ عزل إيران عن النظام بسبب برنامجها النووي. الأمر الذي أدّى إلى خسارة طهران أكثر من نصف عائدات تصدير النفط، وتضرر علاقاتها التجارية الدولية مع الخارج بشكل هائل.

اليوم يتكرر الأمر نفسه مع روسيا، مع فارق أساسي أن الأخيرة ليست إيران، وأن عزلها كلياً عن نظام سويفت العالمي سيلحق ضرراً كبيراً بشركائها التجاريين، ولا سيما ألمانيا التي تستورد نحو 40% من حاجاتها من الغاز الروسي، هذا إضافة إلى بقية الدول الأوروبية. وفي الوقت الذي يحاذر فيه الكثير من الدول الشريكة تجارياً مع روسيا، إبعاد كيانات الأخيرة المالية بشكل كامل من النظام، أعلنت كل من المفوضية الأوروبية، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، وكندا، والولايات المتحدة في بيان مشترك التزامها بضمان إزالة بنوك روسية منتقاة من نظام “سويفت” (SWIFT) المالي الذي يربط آلاف المؤسسات المصرفية حول العالم. وجاء في البيان أن هذه الخطوة ستضمن فصل البنوك الروسية عن النظام المالي الدولي، وستضر بقدرات عملياتها المالية عالمياً. كما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أنه “سيتم تجميد أرصدة البنك المركزي الروسي بهدف منعه من الوصول إلى احتياطياته، ما يجعل من المستحيل له تسييل أرصدته. وبأن الاتحاد الأوروبي سيعمل على حظر الأثرياء الروس من استخدام أصولهم المالية في أسواق الاتحاد الأوروبي”.

هندسة إخراج بعض الكيانات المالية من النظام المالي العالمي، سيقابله بحسب أحد الخبراء المتابعين “توسع روسيا بالاعتماد على النظام البديل الرديف SPFS الذي أطلقته في العام 2014. وهذا النظام شبيه بـ SWIFT إلا أنه يقتصر على 23 دولة فقط في حين أن السويفت يضم 11 ألف مؤسسة مالية، منها 300 مؤسسة في روسيا وحدها، والنظام يغطي كل دول العالم (200 دولة)، وبعدد مستخدمين وصل إلى 42 مليون مستخدم يومياً. وبالإضافة إلى نظام SPFS، طوّرت الصين نظاماً شبيهاً يعرف بـ CIPS وتم ربطه مع روسيا بوصفها الحليف الاستراتيجي للصين في العام 2019”.

كل هذه العوامل تجعل سلاح العقوبات الاقتصادية الأقوى الممكن استعماله ضد روسيا محدود النتائج، خصوصاً في حال بقيت الدول الغربية تتأرجح على حبل SWIFT، ولم يتم إقصاء روسيا بشكل كلي عنه.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقة10 وقائع تجعل لبنان موبوءاً مالياً
المقالة القادمةاكتشاف حقول غاز جديدة في ثلاث مناطق سعودية