الـ”توك توك” Tuk Tuk فكرة جديدة تحبو على دواليب ثلاثة لتبعد العوز عن الغارقين فيه، وتنحى بصورة لبنان شرقاً نحو تلك البلدان الفقيرة التي تتهادى فيها الـ”توك توك” ملكة على الطرقات. فكرة أخذت كل أبعادها في البقاع الأوسط وشرعت تجنح نحو بيروت والسواحل فهل بدأ لبنان معها يتخذ وجهاً آخر؟
من كان يسوح بين جبيل وشكا في السنوات الماضية كان يفرح لرؤية تلك العربات الصغيرة “الإكزوتيك”، التي تتجول في المنطقة بين المنتجعات السياحية والمراكز البحرية مبشرة بوجود حركة سياحية زاهرة. حينها كانت الـ”توك توك” رمز إزدهار وبحبوحة وشغل. وبفعل فاعل إنقلبت الأوضاع في لبنان واختفت كل حركة سياحية فيه وغاب الشغل والبحبوحة، لكن الـ”توك توك” لم تغِبْ عنه بل تحولت مهمتها من ترفيهية الى معيشية وصارت الحل البديل في زمن الغلاء والفقر.
في محيط مدينة بيروت وضواحيها لا يزال حضور الـ”توك توك” خجولاً وتثير الدهشة أينما وجدت. هنا تستخدم غالباً لأغراض الدليفري، فصاحب سوبرماركت شعيا في منطقة المنصورية المتنية ولدت لديه الفكرة قبل الأزمة لأنها مفيدة لمصلحته، فالعربة الصغيرة هذه يمكنها أن تتسع لأحمال لا تقوى عليها الدراجة النارية الصغيرة.
سعر الـ”توك توك” حالياً 2400$ والشركة تؤمن قطع الغيار والصيانة بأسعار مقبولة كون القطع هندية الصنع، ولديها وكلاء محلّيون في طرابلس والبقاع حيث تتركز النسبة الأكبر من عمليات البيع. في العام 2013 بدأت الشركة استيراد “البجاج” وكان الطلب متواضعاً جداً عليها ولا سيما من المنتجعات السياحية، ولكن في العام 2020 مع اشتداد الأزمة الاقتصادية ارتفع الإقبال على شراء الـ”توك توك” بشكل كثيف جداً، وارتفعت المبيعات أكثر من 100% بعدما صارت متعددة الاستعمالات، يستفيد منها صاحبها في التنقل بكلفة مقبولة جداً تغنيه عن السيارة او في نقل الركاب أو تأمين خدمة الدليفري، أو حتى تحويلها الى محل لبيع القهوة أو السندويشات بعد إجراء بعض التعديلات عليها، بحيث تؤمن للأسرة مورد رزق لا بأس به وبكلفة قليلة. ويأتي هذا الارتفاع في مبيع الـ”توك توك” بالتوازي مع انخفاض مأسوي في مبيع السيارات الجديدة التي تراجعت نسبته 96,7%عام 2020، بعد انخفاض بلغ 49,89% في العام 2019.
بيروت لا تزال غائبة عن حركة الـ”توك توك”، لا لكونها تتمتع بمستوى معيشة أعلى من سواها من المناطق، فلبنان كله صار سواسية في القلة والعوز، بل لأن شوارع بيروت الضيقة وأزقتها والزحمة فيها تعرقل حركة الـ”توك توك”، وتترك المجال أكثر للدراجات النارية التي تبقى قيادتها اكثر سهولة، وفق ما يخبرنا أمين شعيا الذي يقول ان قيادة الـ”توك توك” أقرب الى السيارة منها الى الدراجة النارية، لا سيما في ما خص التنبه الى المرايا وتغيير السرعة وغيرها.