الفرّوج بالقطعة واللحمة بـ5 آلاف والخضار بالأوقية والفاكهة بالحبّة

لم يكن يتخيّل أحد أن تصل الأمور إلى حدّ شراء المواطن “العييش” – كما كان يسمّى – الفّروج بالقطعة، واللحمة بخمسة آلاف، وأن يتحوّل معاشه إن وُجد؛ أوراقاً نقدية بلا قيمة لا تكفي لأكثر من 3 أو 4 أيام من بداية كل شهر. تروي الحاجة سهيلة (أم محمود) أوضاعها هذه الأيام فتؤكد أنها تشتري البيض “كل 5 بيضات على حدة، والخضار بالأوقية والفاكهة بالحبات، بينما تخلّيت عن اللحم والدجاج والحلوى ومن يدري قد يأتي يوم ونتخلّى عن الأكل بالكامل، لأنه سيصبح ممنوعاً على الفقير”.

وإذا ما نظرنا إلى أوضاع الشمال وأوضاع مدينة طرابلس، فالناس تعيش في جهنّم حقيقي كما وعدت السلطة. فعدا عن الطرقات المقطوعة في كل اتجاه والمناطق المعزولة، لا كهرباء ولا إشتراك في طرابلس ولا بنزين ولا مازوت، لا ماء ولا دواء، لا مستشفيات ولا طبابة.. لا شيء أبداً من مقوّمات الحياة. وبالإضافة إلى كل ذلك غلاء فاحش في أسعار السلع والمواد الغذائية تلهب الناس أكثر من لهيب الصيف. وفي وقت تزداد فيه حرارة الصيف ولهيبها. فلهيب الأسعار كوى جيوب الناس بعدما فتحت بعض المحلات والسوبرماركت أبوابها يوم أمس في طرابلس ومناطق شمالية أخرى، وكانت الصدمة المتوقعة أن الأسعار ارتفعت بشكل كبير عن الأيام السابقة التي كان فيها سعر صرف الدولار مستقرّاً عند الـ15 ألف ليرة لبنانية. وكُتب على المواطن الطرابلسي أن يعيش بلا كهرباء بعدما أُطفئت معظم المولدات أو مارست تقنيناً كبيراً يشبه تقنين الدولة في تيارها، في أكثر الأوقات التي تزداد فيها حاجة الناس إلى الكهرباء في فصل الصيف والحر.

عكار ليست بأفضل حال من طرابلس؛ ومآسي الناس لا تتوقّف عند حدّ، يضاف إلى هذا كله معاناة المستشفيات التي تفقد كوادرها الطبية والتمريضية بفِعل الهجرة، والمأساة اليومية بسبب الفوضى الجهنمية. وفي جديد المعاناة لدى القطاع الطبي، صعوبة تأمين المازوت، وأشار رئيس مجلس إدارة مستشفى خلف الحبتور في حرار – عكار الدكتور ربيع الصمد لـ”نداء الوطن”، إلى أنّ “المعاناة مستمرة لدينا كمستشفيات ويتم تأمين المازوت أسبوعاً بأسبوع ويوماً بيوم، ونعاني في تأمين معدّات المختبر وهناك نقص كبير في الأدوية المخبرية والكواشف وكل شيء على الدولار أيضاً وهذه معاناة إضافية”، وتمنّى أن “تكون هناك تقديمات من مادة المازوت للمستشفيات الخاصة، وعدم قطع الطرقات لأنه يؤثر على عمل المستشفيات، لا سيما لجهة وصول الإحتياجات الخاصة بها في أوقاتها، في أصعب مرحلة تمر بها الناس والبلد على كافة المستويات”.