أكّد المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم لـ”الأخبار” أن رئيس بلدية الجية (ساحل الإقليم) جورج القزي مثل أمامه للتحقيق معه في “قضايا تتعلق بهدر المال العام”، وخصوصاً في ما يتعلق بطريقة إدارة ملف النفايات. وبحسب مستندات حصلت عليها “الأخبار”، جرى الاتفاق بين القزي والمتعهد ج. القزي، في نيسان عام 2017 من دون العودة إلى المجلس البلدي، على نقل نفايات الجية إلى وادي الدبية في 22 شاحنة مقابل 19 مليوناً و800 ألف ليرة، أي بمعدل 900 ألف ليرة لكل شاحنة، “وهو رقم خيالي، علماً أن الجية تنتج فقط بين 12 و16 طناً بحسب بيانات شركة سيتي بلو، إلى جانب النفايات الموجودة في المكب العشوائي ضمن نطاق البلدة”، بحسب مصادر في المجلس البلدي، أشارت الى أن “هذه الشاحنات كانت تنقل النفايات من دون وزنها حتى منتصف العام 2018، الأمر الذي يفتح الباب أمام شبهات هدر”.
وبقي الأمر في عهدة ج. القزي حتى 30 كانون الثاني 2019، عندما كلف المجلس البلدي رئيسه توقيع عقد مع “مؤسسة حبيب للتجارة والتسويق” لرفع النفايات من “المكب المؤقت في البلدة إلى مكب الشركة الخاص خارج نطاق القضاء” (في بر الياس) مقابل 63 ألف ليرة “سعر تحميل ونقل للطن الواحد”. ويكشف هذا الفارق السعر المبالغ فيه الذي كانت تدفعه البلدية للمتعهد السابق، علماً بأن الدبية أقرب بما لا يقاس من بر الياس. كما أن المجلس البلدي رفض الانضمام الى القرى والبلدات في قضاءي الشوف وعاليه التي انضوت في خطة الطمر في مطمر “كوستا برافا” بحجة أن المتعهد، شركة “سيتي بلو”، لا تزن النفايات قبل نقلها. لكن “الأخبار” حصلت على كتابٍ صدر من الشركة رداً على مراسلة من بعض أهالي المنطقة، يؤكد “ألّا مانع من مراقبة البلدية عملية الجمع والتوزين عبر أحد موظفيها”. القزي، من جهته، أوضح لـ”الأخبار” أن “طن النفايات الواحد يكلف البلدية 52 دولاراً، بينما تصل الكلفة مع سيتي بلو إلى إلى 120 دولاراً للطن”.
الى ذلك، حصلت “الأخبار” على مستندات تشير الى تجاوزات قامت بها البلدية، من بينها عقد تأجير العقار الرقم 178بين رئيس البلدية ونجله داني الذي قام، بدوره، بتأجيره لعدد من الأشخاص، علماً بأن العقار ملك عام، وفقاً لما ورد في سند الإيجار الممهور بتوقيع رئيس البلدية وختمه. وتؤكد مصادر داخل البلدية أنّ “العقد صوَري ولم يُسجّل في البلدية”، لافتة الى أنّه “لا يحق للمستأجر أن يقوم بتأجير الأملاك العامة لطرف ثالث”. لكن القزي نفى ذلك، مشيراً الى أن «العقار استفاد منه أحد أبناء البلدات المجاورة”.
ولفتت المصادر الى أن البلدية أعفت عدداً من مرفقات منتجع الجية مارينا (الفندق – المارينا البحرية – المواقف) من الرسوم البلدية من عام 2014 حتى 2016، ثم خفّض في السنوات التالية الرسم من 98 مليوناً و500 ألف ليرة إلى 17 مليون ليرة سنوياً. وهو مثل خلال الشهرين الماضيين أمام القاضية إيمان عبد الله لدى النيابة العامة المالية للتحقيق في الأمر. فيما أكّد رئيس البلدية لـ«الأخبار» أنّ المنتجع سدّد بموجب قرارٍ قضائي رسوم الأعوام 2014 و2015 و2016، والتي بلغت 18 مليون ليرة عن كل عام، وهو يدفع سنوياً حتى الآن 35 مليون ليرة».
وكما سبلين والجية، فإن ملفات هدر المال العام برزت أيضاً في شحيم وكترمايا. وبحسب المعلومات، فإن المجلس البلدي في شحيم سيطرح الثقة برئيسه زيدان الصغير بعد إثارة ملف صرف مبلغ تجاوز 4 مليارات ليرة خلال السنوات الثلاث الماضية، علماً بأنّ البلدية تعاني من ركود كبير في الأعمال. وعلمت “الأخبار” أنّ المدعي العام المالي استدعى الصغير للإدلاء بشهادته بشأن العديد من الشكاوى المقدمة ضده.
الصغير أوضح لـ”الأخبار” أنّ “عدداً من أعضاء المجلس البلدي يلوّحون برفع الثقة عني، لكن هذا الأمر يقرره المجلس البلدي مجتمعاً”. وأكد أنّ “في موازنة البلدية نحو 2.5 مليار ليرة، وقد تأكدت النيابة العامة المالية من هذا الأمر، من خلال الاطلاع على الكشوفات المصرفية”. وأشار الى أنه تقدم بدعوى جزائية ضد “الأشخاص الذين قالوا إنني صرفت 6 مليارات ليرة، علماً بأنّ حدود الصرف كلها كانت ضمن الاعتمادات المنصوص عليها قانوناً، وهذا ما تبيّن لدى التحقيقات أمام الادعاء العام المالي، وعليه تمّ حفظ الملف لعدم ثبوت أي تهمة موجهة ضدي”.
وفي بلدة كترمايا، قالت مصادر في المجلس البلدي إنّ “البلدية تواجه ديناً مالياً تصل قيمته إلى 400 مليون ليرة، فضلاً عن هدرٍ كبير في الأموال والتوظيف العشوائي عبر رئيس البلدية محمد نجيب حسن، المحسوب على الحزب التقدمي الاشتراكي، والمقرّب من النائب السابق علاء ترو”. فيما عزا حسن الديون إلى عدم توافر أموال لعدم حصول البلدية على عائداتها من الصندوق البلدي المستقل، مقابل الضغط المتزايد بسبب رواتب العمال والموظفين.
وعلمت “الأخبار” أن عدداً من رؤساء بلديات إقليم الخروب، مدعومين من النائب السابق علاء الدين ترو، يسعون الى “الانقلاب” على رئيس الاتحاد الحالي زياد الحجار، وتعيين رئيس بلدية كترمايا محمد نجيب حسن محله. مصادر مطلعة أوضحت أنّ “ترو يريد وصول حسن إلى رئاسة الاتحاد لتفعيل أعمال شقيقه المتعهد ماجد ترو بعدما استعان الحجار في الفترة السابقة بمتعهدين من خارج المنطقة، ما أدى إلى تحجيم أعمال ترو فيها”. في هذا الصدد، شددت مصادر في الحزب الاشتراكي على أنّ “القرار يعود حصراً للبلديات في كل شؤونها، وسيد القرار في الحزب لناحية أي ملف هو رئيسه وليد جنبلاط ولا أحد يتخطّاه”.