القرض ما بعد الأخير للبنان للفقراء… هل يأتي؟

الموضوع هو كيف تتصرف الحكومة لتحمي الناس من الجوع الجماعي، بعد رفع الدعم، أو الحد منه من جيوب المودعين. أمرالغاء الدعم او ابقائه بشكل محدود لم يتضح بعد، فالمشادة قائمة بين الرئيسين عون ودياب (على تفاوت مواقفهما في اكثر من موضوع) من جهة وبين رياض سلامة الذي استفاق ان لديه ودائع للناس والمصارف، التي تبني احلاماً على نهوضها من ركام ودائع ليست لها. في غياب تام للمودعين وشبه استسلام للقدر. باستثناء عدد من الاحكام التي لا تسمن. موضوع مكافحة الفقر في لبنان ليس جديداً ولا طارئاً ولكن وتيرة الافقار تسارعت بشكل درامي بفعل النزوح السوري بدءاً من 2011 ومع الازمة السياسية المستمرة وانهيار سعر صرف العملة الوطنية وشبه افلاس البنوك وجائحة الكوفيد.

لغاية العام 2016 كان الحديث يدور عن حوالي 60 ألف اسرة تعيش في الفقر المدقع وبدأت الأعداد بعدها ترتفع بمتوالية هندسية الى ان بلغت اعداد الأسر التي ستواجه مصيرها بعد رفع الدعم حوالى 800 الف اسرة، 160 ألف اسرة منها تقرر استفادتها من قرض البنك الدولي الذي ضمر من 600 م.د. الى 246 م.د والمنح الألمانية والاوروبية تستفيد منها 50 الف اسرة لمدة سنة تقريباً . بناء عليه تبقى حوالى 600 ألف أسرة تنتظر حلاً في ظل رفع الدعم الداهم. ربما زيارة دياب للدوحة لم تؤت ثماراً وليست اكثر من اختبار غير ناجح!. أما منصة الـ 400الف ليرة لا يمكنها الاستمرار، سواء كان المورد من اموال المودعين ام من طباعة مليارات جديدة.

منذ اكثر من سنة اقترح البنك الدولي على حكومة دياب -عكر قرضاً ميسراً لدعم الأسر الأكثر فقراً وكانت مسودة وثيقة القرض منجزة بعد ذلك بشهرين، من قبل فريق البنك الدولي بالتعاون مع بعض الخبراء المحليين بطريقة احترافية. الى ان جاء خبراء الحكومة اللبنانية لاجراء التعديلات التي تضمن “السيادة” التي لا تعني الا سيادة غرورهم وقلة معرفتهم، فأعملوا نهشاً في الوثيقة .

رغم كل التشوهات مرّ المشروع الى اللجان النيابية لبته بشكل طارئ لـ160 ألف اسرة لمدة سنة ومضت سنة وشهران على الانتهاء من تحضيره. وفي سياق آخر أيّد النواب ايقاف وزارة الشؤون الاجتماعية كل إنفاق إجتماعي له طابع المساعدة او الخدمات لأن الاولوية المطلقة للغذاء لأنها منشغلة حالياً بوضع استراتيجية الحماية الصحية؟ نعم صدق لا انفاق إجتماعياً وشد احزمة واستراتيجية حماية صحية في وزارة الشؤون الاجتماعية لا وزارة الصحة ولا الضمان والنتيجة المعتادة ورقة وخبراء وخزائن ملأى بشبيهاتها منذ التأسيس.

وفي اطار التشاطرعلى برنامج الغذاء العالمي لخفض نفقاته التشغيلية والذي لولا إذلال حكوماتنا لشعبنا لما كان لهذا البرنامج موطئ قدم في بلادنا، ويستمرّ المجلس في إظهار حرص غير صادق على مصالح الفقراء فيقترح التقتير على برنامج الغذاء العالمي بالسماح له بانفاق 0.5 في المئة كلفة تشغيلية بعد إنزالها من نسبة 6 في المئة مدّعياً أنه وفّر البطاقة الغذائية لـ 14000 اسرة اضافية. كل ذلك ولا قرض بالجيب لغاية اليوم وربما لن يكون هناك قرض طالما تفاوض الحكومة بخبراء لا معرفة لهم بامور الطوارئ ولا الفقر ولا حتى بأعمالهم ومهامهم. ربما من حسن حظّ البعض انهم لم يوكلوا الدولة بأولادهم ومن سوء حظ فقراء القرض انهم اوكلوا الدولة باولادهم. بئس القدر.

مصدرنداء الوطن - بشير عصمت
المادة السابقةرئيسة “البنك المركزي الأوروبي”: أزمة تغير المناخ تؤثر على إستقرار الأسعار
المقالة القادمةالكهرباء: 100 ألف دولار يومياً في البحر