القصف الإسرائيلي يحرق الأراضي الزراعية: لا خضار في آذار!

يكاد لا يمرّ يوم لا يُغير فيه الطيران الحربي الاسرائيلي على أطراف بلدة الخيام ومناطق كفرشوبا وسهل الماري ومحيطه، فيكون هذا الخبر عادياً في منطقة تتعرض للاعتداء الاسرائيلي بشكل يومي، لكن تأثيراته تتخطى الخبر بعينه، فالزراعة في الجنوب، في القرى الحدودية منه، خسرت موسمها بشكل كامل، وهذا ما سينعكس حتماً على السوق المحلية.

شح زراعي في سهل الخيام
حرق الفوفسور الأبيض الذي يلقيه العدو الاسرائيلي مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في الجنوب وقضى على عشرات آلاف الأشجار المثمرة، كما قضت الاعتداءات الاسرائيلية على موسم زراعي كامل، قبل أن يولد، ففي سهل الخيام تعطلت أعمال المزارعين منذ أسابيع، وخاصة اولئك الذين يعملون في زراعة القمح، “فمع بداية العام الجديد من دون زراعة القمح، يعني ضياع الموسم بشكل كامل”، يقول أبو حسن خريس، وهو احد مزارعي سهل الخيام.

يُشير الرجل في حديث عبر “المدن” الى أن القمح الشتوي يجب أن يُزرع خلال شهر تشرين الثاني حتى بداية شهر كانون الثاني، وبحال لم يُزرع في هذا الوقت يجب الانتظار للموسم المقبل بعد عام، مشدداً على أن الزراعة لا تعني رمي البذور فقط فهناك تحضير الأرض وتجهيزها وزراعتها، وهذا يحتاج وقتاً.

يزرع أبو حسن ما يُقارب الـ 500 ألف متر مربع من الأرض في الخيام، مقابل استثمار مالي سنوي يصل الى 25 ألف دولار أميركي، وبالتالي فإنه لا يعلم هذا العام كيف سيتمكن من دفع بدل الاستثمار بحال لم يتمكن من الزراعة، مع العلم أن انتاجه السنوي من القمح يصل الى حوالي 180 طناً، وما ينطبق على هذا المزارع ينطبق على كل المزارعين في تلك المنطقة، وهنا لا نتحدث عن مزارع يزرع قرب منزله، إنما عن مزارعين يمتهنون هذه المهنة، ويساهمون بتأمين الانتاج السنوي اللبناني.

لا خضار في آذار
في بداية الصيف الماضي كان مزارعو سهول الماري، سردة، الوزاني والمجيدية يواجهون معاناة في كيفية تصريف محصولهم، ولكن رغم ذلك لم تكن تلك المشكلة أكبر من التي يواجهونها اليوم، والتي سيكون لها تأثير حتميّ على كل اللبنانيين.

تقع تلك المناطق الزراعية الشاسعة في قلب المنطقة التي تستهدفها اسرائيل بشكل شبه يوميّ، وهو ما أدى الى توقف الحياة فيها بشكل كامل، فلا زراعة ولا عمال ولا من يزرعون؛ مع العلم أن تلك المنطقة تؤمن حاجة لبنان من الخضار لفصل من العام يبدأ عادة في شهر آذار، وذلك بسبب الطبيعة الجغرافية والمناخية للمنطقة، والتي تجعل محاصيلها ناضجة قبل محاصيل البقاع وعكار.

“توقفت أعمال الزراعة بشكل كامل وموسم زراعة الخضار انتهى قبل أن يبدأ”، يقول علي فاضل، احد المزارعين الكبار في المنطقة، مشيراً الى أن الخضار التي نتحدث عنها هي الحشائش والخيار والبندورة والباذنجان وغيرها، ولم يعد بالإمكان الحديث عن موسم شتوي من هذه الأصناف، خاصة أن الحرب لا يبدو أنها ستتوقف الآن، متطرقاً الى ازمة اخرى ستواجه الفواكه، كالمشمش والدراق والعنب، كونها تحتاج الى عناية واهتمام في هذه الفترة من السنة، وهو ما لا يحصل بسبب غياب العمال الذين تركوا المنطقة جراء القصف الاسرائيلي.

إذا لا خُضار في السوق اللبناني بداية شهر آذار، الذي يُصادف هذا العام بداية شهر رمضان، حيث جرت العادة أن تلتهب أسعار الخضار في هذا الشهر بسبب زيادة الطلب عليها، فكيف سيكون حال الأسعار هذه المرة بوجود النقص، وضرورة الاعتماد على الاستيراد المتزامن مع ارتفاع كلفته؟

مصدرالمدن - محمد علوش
المادة السابقةبعد طي صفحة التعميم 151 ماذا عن السحوبات المصرفية؟
المقالة القادمةطرابلس الشرقية للفقراء وطرابلس الغربية للميسورين: المدينة المقهورة