يتحرّك ممثلو القطاع التجاري على مختلف الجبهات لنقل معاناتهم ومطالبهم للمعنيّين جرّاء تدهور اعمالهم نتيجة الانكماش الاقتصادي والقيود التي فرضتها المصارف.
زار وفد من جمعية تجار بيروت مصرف لبنان لنقل هواجسهم ومطالبهم. كما بعثت جمعية تجار بيروت بكتاب الى جمعية المصارف ممثلة برئيسها سليم صفير، شرحوا فيها «مقدار الترابط بين التجار والمصارف ومدى تأثير حسن العلاقة بينهم على النمو في الاقتصاد اللبناني، الأمر الذي يُحتّم على الطرفين الحفاظ على علاقة إيجابية مستدامة مما ينعكس أثراً مباشراً على صحة وعافية الأوضاع الاقتصادية والمالية الوطنية».
وجاء في الكتاب: «إنّ الظروف الراهنة التي تمرّ بها البلاد هي ظروف صعبة وعصيبة، ولا بدّ في هكذا أوضاع بالذات أن نحافظ على التعاون الإيجابي والتكاتف بين المصارف والتجار بما فيه مصلحة الفريقين خاصةً، ومصلحة لبنان بصورة عامة».
وأضاف: «لا بدّ من الإشارة هنا الى ما يؤكّده حاكم مصرف لبنان، ولا سيما ما جاء على لسانه من أنّ السيولة اللازمة لمعالجة الصعاب الراهنة متوفرة للمصارف بهدف تلبية إحتياجات السوق، إلاّ أنّ ما تمّ إختباره في الأيام الماضية هو أنّ المصارف تقوم بإتخاذ تدابير تقييد لا تعكس السياسة المعلنة للبنك المركزي، وتتجاهل مقتضيات حسن العلاقة ولا سيما في تيسير مطالب عملائها من المؤسسات التجارية، المبنية كما تدرون على حسن النية في التعامل، وهو أمر لا يمكن ان ينطبق فقط في الأيام العادية بل يجب أن يتميّز بالإستمرارية، لا بل أن تكون المصارف أكثر ليونة وتجاوباً مع العملاء وعلى الأخص التجار خلال الفترات الصعبة».
وتابع: «لذلك، وفي ضوء المعطيات التي تقدّم بها حاكم مصرف لبنان في مؤتمره الصحافي الأخير، نطلب من حضرتكم إجراء المقتضى والتعميم على كافة المصارف أن تتّبع سياسة أكثر مرونة في تعاملها، بالأخص مع التجار الذين يشكّلون الركن الأساس للإقتصاد الحر في لبنان. كما نطلب أن تُترجم هكذا ليونة في كافة العمليات، بما فيه الحفاظ على التسهيلات وتسهيل عمليات التحويل إلى الخارج فيما يخصّ المستوردين، وأن تمتنع المصارف عن تطبيق سياسة مموّهة للـ Capital Control الأمر الذي يخالف المبادئ التي يقوم عليها الإقتصاد الحر المبني على حرّية المعاملات وعلى حق التصرّف بذمة المرء المالية دون قيود».
ولفت: «وفي الوقت الذي يعي فيه التجار لدقة وخطورة هذه المرحلة، نُشير إلى أنّهم، وفي حال تعذّر العودة إلى كامل التسهيلات والتحويلات التي كانت قائمة بين كل جهة مع مصرفها، من الممكن أن تلجأ المصارف الى تطبيق قيود تدريجية ومبرمجة لهذه أو تلك (أي التخفيض التدريجي فيها من 90% إلى 75% ألخ…)، سهراً وحفاظاً على ديمومة علاقات التجار مع الخارج من جهة، وإعطاء فرصة للسوق والمستهلكين من جهة أخرى للتأقلم مع الواقع الجديد، والأهم، تأميناً لإستمرارية حرية الإقتصاد اللبناني.
لذا، فإنّ هذا النوع من التعامل القاسي وغير المألوف الذي ساد في الآونة الأخيرة ينبغي ان يتغيّر في أسرع وقت ممكن خشية حصول إنهيار كامل في الإقتصاد اللبناني والقطاع التجاري بصورة خاصة. ويجب أن لا تكون المصارف جزءاً من المشكلة، بل من الحل، وأن تمدّ يد المساعدة لكل التجار للاستمرار بنشاطهم وان تفعل كل ما من شأنه ان يوصل لهذه النتيجة، علاوة على تفادي التسبّب بأزمة قريباً جداً لناحية تأمين المنتجات، ولا سيما المعيشية والضرورية منها، لدى المحلات ونقاط البيع، وإطلاق أزمة تموين تؤذي الأُسر والمستهلك اللبناني، بالإضافة إلى الأثر الكارثي الذي تُحدثه هكذا حالة على العلاقة بين المؤسسات العريقة والشركات العالمية الموكّلة والموردة لهم، وهي علاقة بُنيت على أساس الثقة والإستقامة على مدى سنين طويلة».
وتابع: «انّ كل ما يؤدي الى إصابة القطاع التجاري في لبنان بالضرر سينعكس سلباً على المصارف أولاً، ولكن أيضاً على كل إيرادات الدولة وعلى تلبية حاجاتها وحاجات المواطنين كما وعلى سمعتها تجاه المجتمع المالي الدولي ومؤسسات التصنيف، والتي تبيّن اليوم انّها أقدمت على خفض تصنيف لبنان، الأمر الذى سينعكس سلباً على تداول الأسهم العائدة للمصارف بصورة خاصة.
أما في ما يتعلق بالعملات الأجنبية، نرجو الرجوع إلى ما نصّت عليه المادة /192/ من قانون النقد والتسليف المعطوفة على المادة /319/ من قانون العقوبات في حال توفر شروط تطبيقها، بمعنى الرجوع الى الصيارفة بدل المصارف للحصول على العملة الأجنبية، وهذا ما ينعكس مباشرةً على أسعار السلع النهائية للمستهلكين».
وطلبت جمعية تجار بيروت من جمعية المصارف العمل على إتخاذ التدابير التالية:
– الرجوع إلى سقوف التسهيلات الممنوحة الى التجار، ومباشرة القيام بتخفيضها، بإتفاق بين الفريقين، بصورة تدريجية ومبرمجة وفقاً للإحتياجات الملحّة لكل تاجر أو مؤسسة.
– القبول بالسداد بالليرة اللبنانية، وهي العملة الوطنية، وتحويلها الى دولار أميركي عند السداد للسندات والمتوجبات، لانّ التجار لا يمكن ان يرفضوا قانوناً تسديد قيمة مبيعاتهم للغير بالليرة اللبنانية، وان استحالة تحويلها الى دولار يعني عدم إمكانية اجراء أي استيراد لاحق لتأمين حاجات السوق.
– فتح كافة مجالات التحاويل للموردين في الخارج مع إمكانية التخفيض التدريجي منعاً لفقدان التجار وكالاتهم ولا سيما الحصرية منها مما يؤدي الى تدني قيمة مؤسساتهم التجارية.
– إمتناع المصارف عن ردّ أي شيكات صادرة بالدولار الأميركي عن عملائها من التجار، ومعالجة الحالة بما تقتضيه الظروف الآنية لكل تاجر أو مؤسسة.
– تُعتبر كافة الحوالات الخارجية الواردة بعد تاريخ ١٧/١٠/٢٠١٩ بمثابة «مال طازج» (Fresh Money)، وأن تكون قابلة لإعادة التحويل بنسبة ١٠٠٪ أو السحب نقداً بالدولار، وذلك لديمومة إستمرار عمليات التصدير من قِبل قطاع التجار المصدّرين اللبنانيين والذين يلعبون دوراً مهماً جداً في هذه المرحلة لناحية إدخال العملة الصعبة الى البلاد.
– عودة العمل باللجوء الى تقسيط ديون التجار لدى المصارف مقابل ضمانة عقارية، والتوقّف التام عن إقامة دعاوى إفلاسية بحقّهم، عملاً بالمرسوم الإشتراعي الصادر عام ١٩٧٧ والذى يقضي بذلك، سماحاً للتجار بإلتقاط أنفاسهم في الظروف الراهنة الى حين أن تستقرّ الأوضاع المالية والإقتصادية في البلاد.
وختم: «واخيراً، ليس لدينا أدنى شك بأنّ جمعية المصارف تتفهم جيداً كل تلك المطالب، وأنّها لن تدّخر جهداً في السعي على تأمينها في أقرب فرصة ممكنة والاستجابة الى صرختنا المحقة هذه».
في هذا السياق، علمت «الجمهورية»، انّه رغم هذه المساعي والشروحات، لم ينجح التجار في الحصول على تطمينات في شأن تسيير أعمالهم في المرحلة المقبلة، وبدا انّ الاولوية هي حالياً للحفاظ على الكتلة النقدية وعدم المجازفة بمزيد من النزف النقدي في اتجاه الخارج.