القطاع الصحي… من متفوّق إقليميّاً إلى “متسوّل” دولياً

تناول التقرير الأخير للبنك الدولي عن لبنان وضع القطاع الصحي قبل الأزمة وبعدها. وكان التقرير صدر أوائل الشهر الماضي مستعرضاً تاريخ الازمة المالية وأسبابها، وخصص أجزاء اساسية للخدمات العامة مثل الكهرباء والماء والنقل والتربية والتعليم…

وعن القطاع الصحي قبل الأزمة أكد أن لبنان سجل اتجاهات إيجابية في نتائج الرعاية الصحية الرئيسية في العقد الماضي (2010-2019)، فعلى سبيل المثال كانت نسبة وفيات الأطفال الرضّع متدنية مقارنة مع دول المنطقة. وارتفع متوسط العمر من 63.2 في عام 1960 الى 78.9 في عام 2019، كما انخفضت نسبة وفيات الرضّع من 56 لكل 1000 مولود في عام 2010 الى 7.2 في 2019. هذا وقد ساعد تحسين تقديم الخدمات على دفع عجلة التطور في النتائج الصحية. ويوفر النظام الصحي اللبناني مستويات مرتفعة من الجودة والفعالية والحصول على خدمات الاستشفاء والرعاية الصحية الأولية، حيث احتل لبنان المرتبة 33 من اصل 195 دولة في مؤشر الحصول على الرعاية الصحية والجودة، وتؤمن شبكة من المستشفيات الخاصة والعامة 112 وحدة رعاية للمرضى بينما تؤمن المستشفيات العامة 18% من اسرّة الاستشفاء المتوفرة في الدولة. وتشرف وزارة الصحة على شبكة وطنية تضم حوالى 245 مركزاً للرعاية الصحية الأولية، منها 68% تنتمي الى منظمات غير حكومية و13% منها حكومية بينما ينتمي باقي المراكز الى البلديات. ويبلغ عدد متوسط السكان الذين يتلقون الرعاية في كل مركز من مراكز الرعاية الصحية حوالى 25 ألف نسمة. وفي اطار نموذج فريد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص خلال العقود الماضية، كانت وزارة الصحة تدعم شبكة الرعاية الصحية الأولية عبر توفير الادوية الأساسية واللقاحات وبناء القدرات. مما مكّن مراكز الرعاية الصحية من تقديم مجموعة متكاملة من الخدمات. وأدى التوسع في خدمات الرعاية الصحية الأولية من خلال هذه الشبكة الى زيادة فرص الحصول على الرعاية الصحية الأولية لعلاج اللبنانيين وغير اللبنانيين، حيث يمثل اللاجئون السوريون ما لا يقل عن 35% من المستفيدين من مراكز الرعاية الصحية.

الى ذلك، أصبحت الامراض غير المعدية أهم سبب للوفيات، وفي عام 2019، كانت أمراض القلب والسكتة الدماغية وسرطان الرئة وأمراض القلب المتعلقة بالضغط أهم أربع أسباب للوفيات في الدولة. ولا يزال انتشار مخاطر الامراض غير السارية الرئيسية مرتفعاً مع تعاطي التبغ وارتفاع ضغط الدم وارتفاع مؤشر كتلة الجسم ونسب الجلوكوز في البلازما أثناء الصيام، والمخاطر الغذائية كونها أهم 5 مخاطر تساهم في العدد الإجمالي لمعدل العمر.

ومن المتوقع أن يزيد العبء الناجم عن الامراض غير السارية كما أن النظام الصحي في لبنان، كان يميل تقليدياً نحو الرعاية العلاجية مع تركيز أقل على خدمات الرعاية الوقائية والتي هي أكثر أهمية بالنسبة للأمراض غير السارية المزمنة والتي يمكن الوقاية منها ومكلفة العلاج.

أثر تدفّق النازحين

ومن التحديات المزمنة أيضاً للقطاع الصحي هي تدفق النازحين السوريين الى لبنان منذ عام 2011 بشكل كبير. وقد ارتفع اجمالي عدد سكان لبنان بأكثر من 38% بين عامي 2010 و2019. وأدى التدفق السوري الى ارتفاع غير مسبوق على الخدمات الصحية مما وضع ضغطاً كبيراً على موارد الدولة والخدمات العامة، ومن المرجح أن يكون ضعف الوصول الى خدمات الرعاية الصحية للامهات من بين اللاجئين السوريين قد ساهم في ارتفاع نسبة الوفاة بينهن في لبنان، من 23 وفاة مقابل كل 100 ألف مولود في عام 2010 الى 29. ومن المتوقع أن يزداد عبء الأمراض غير السارية حيث يميل النظام الصحي في لبنان تقليدياً نحو الرعاية العلاجية مع تركيز أقل على خدمات الرعاية الوقائية والتي يمكن الوقاية منها وتكلفة علاجها تعتبر مرتفعة.

إنفاق مرتفع ومنذ عام 2018، أنفق لبنان 8.3% من ناتجه القومي الإجمالي على الصحة، وهذه النسبة أعلى من البلدان الأخرى المماثلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وارتفعت نفقات الصحة للفرد خلال العقد الماضي من 515 دولاراً في عام 2009 الى 686 دولاراً في عام 2018 ما يمثل 6.99% و8.35% من الناتج القومي، وفقط 55.6% من السكان المقيمين في لبنان مشمولون بأي نوع من التأمين الصحي.

جهات التغطية

وقد قام صندوق الضمان الاجتماعي بتغطية 45.5% والجيش وقوى الامن الداخلي 20.1% والمفوضية العامة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 11.5% وتعاونية موظفي الخدمة المدنية 5.6%. في حين كانت 15.3% تتم تغطيتها إما من خلال التأمين الخاص (10.5%) أو صناديق الاستثمار المشتركة (4.8%)، تعمل وزارة الصحة العامة كملاذ أخير للرعاية في المستشفيات لأولئك الذين يفتقدون الى التغطية الصحية الرسمية. ويميل القطاع الصحي نحو الرعاية العلاجية حيث تنفق وزارة الصحة العام 73.3% من ميزانيتها على الرعاية في المستشفيات وتدعم الوزارة تكلفة المستشفيات التي يدفعها مقدمو الخدمات من القطاعين الخاص والعام للمواطنين غير المؤمن عليهم. ففي 2019 تم دعم 225,115 حالة دخول الى المستشفيات، منهم 63% تمت معالجتهم في المستشفيات الخاصة و37% في المستشفيات العامة. وقد سجلت أكبر نسبة من الدخول المدعوم الى المستشفيات في منطقة جبل لبنان التي هي أيضاً المنطقة التي تضم أعلى نسبة من الفقراء.

إنفاق باهظ على الدواء

 

الى ذلك، كان الانفاق على الادوية محركاً كبيراً وبشكل غير متناسب لارتفاع تكاليف الرعاية الصحية التي تقوض قدرة النظام الصحي على توفير الحماية المالية، وشكلت الادوية 45% من اجمالي النفقات على الرعاية الصحية (1.8 مليار دولار) في عام 2018 وهو ما يمثل 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، واحد من أعلى المعدلات في المنطقة؛ وشكّلت الادوية حصة أكبر من النفقات الشخصية على الصحة بمعدل 53% في عام 2017. ويرجع ذلك أساساً الى أن معظم الادوية غير مغطاة من قبل الضمان اما غير مدعومة من قبل مصرف لبنان؛ وقد استوردت الدولة تقريباً 95% من منتجات الدواء في حين دعم مصرف لبنان استيراد الادوية بقيمة تقدر بنحو 200 مليون دولار سنوياً قبل الازمة؟ ويمكن أن يعزى هذا العبء المالي المرتفع الى العديد من العوامل لا سيما عدم وجود سلطة تنظيمية للأدوية وعدم وجود تشريعات وطنية لسياسة الادوية وغياب نظام التسعير لها وفق الوصفة الطبية مع الاعتماد على الادوية المستوردة ذات الماركات التجارية المعروفة…

آثار الازمة على القطاع

أثرت الازمات الثلاث، جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت والانهيار المالي بالقطاع الصحي وموارده. فقد ألحق انفجار مرفأ بيروت في عام 2020 أضراراً بـ292 مرفقاً صحياً من أصل 813 تقدر قيمتها بـ95 الى 115 مليون دولار. وكنتيجة لذلك، انخفضت فرص الحصول على الرعاية الى حد كبير لا سيما بالنسبة لمحدودي الدخل. بالإضافة الى ذلك، أثرت الازمة المالية بشكل كبير على عمليات المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية. وأيضاً فان انهيار العملة المحلية وما تلاها من نقص في النقد الأجنبي في الاقتصاد، ادى الى زيادات في الأسعار بشكل مضاعف بثلاث مرات والى نقص حاد في الامدادات الطبية الهامة والخدمات المساعدة، حيث أن المستشفيات اللبنانية تعتمد بشكل كبير على الأدوات المستوردة. وعلى وجه التحديد، أدى إيقاف الدعم عن الوقود الى ارتفاع تكلفة النقل للعاملين في المجال الطبي وكذلك امدادات الطاقة للمستشفيات، وأدى عجز الحكومة عن مواصلة دعم واردات الادوية بمستويات ما قبل الازمة، الى ارتفاع تكاليفها وقد أدى ارتفاع معدلات البطالة الى زيادة عدد المواطنين غير المؤمن عليهم والذين يحتاجون الى مساعدة حكومية لدفع تكاليف الخدمات الصحية، وكان الأثر العام عبئاً مالياً ضخماً على نظام الرعاية الصحية وانخفاضاً حاداً في توافر الادوية واللوازم الطبية. وقد عانى الأطفال والسكان الضعفاء أكثر من غيرهم على الرغم من أن الأثر الكامل للأضرار الناجمة عن الازمة غير معروف بعد. ونظراً للاضطراب الحاصل في الرعاية الصحية وزيادة الحاجة الى المساعدة، تشكّل الازمات المركبة خطراً كبيراً يتمثل في عكس الاتجاهات الايجابية على النتائج. وقد تمّ الإبلاغ عن حدوث انخفاضات كبيرة في تغطية عمليات التحصين الروتينية للأطفال مع انخفاض 43% و31% في العيادات الخاصة وعلى المستوى الوطني على التوالي. وفي الوقت نفسه لا يتلقى 30% من الأطفال خدمات الرعاية الصحية الأولية الأساسية ومن المتوقع أن تزداد حالات سوء التغذية الحادة. فقد ذكرت اليونيسيف أن 30% من الاسر لديها على الأقل طفل واحد قد تخطى تناول وجبة أو ذهب الى الفراش جائعاً، كما أن عدم توفر المياه النظيفة يشكل عاملاً مساعداً في تفاقم الوضع حيث يفيد 20% من الاسر عدم حصولهم على مياه كافية للشرب، وقد تم الإبلاغ عن آثار مماثلة لدى الفئات السكانية الضعيفة الأخرى مثال اللاجئين والنساء وكبار السن. وقد واجه الأشخاص المصابون بالأمراض غير السارية تحدياً مزدوجاً يتمثل في زيادة خطر الإصابة بجائحة كورونا وبأنهم اكثر عرضة للوفاة بسببها، مع اضطرارهم أيضاً الى التخلي عن الخدمات الصحية الوقائية للأمراض غير السارية. بالإضافة الى ذلك، كشفت الجائحة أيضاً عن الحاجة الهائلة لخدمات الصحة النفسية بسبب الاضطرابات في خدمات الصحة النفسية وزيادة حالات الصحة العقلية.

نقل التكاليف الى المرضى

وعندما عصفت الازمة بقطاع الصحة الهش مالياً تم نقل تكاليف الرعاية المتزايدة بحد كبير الى المرضى، مما قلل من إمكانية الوصول الى الخدمات وزيادة نسبة الفقر بين الاسر، وعندما ظهرت الجائحة كانت المستشفيات اللبنانية تفتقد الى خطط إدارة المخاطر ولم تكن مستعدة للعمل تحت ظروف الطوارئ. ونتيجة لذلك، ومن اجل الاستجابة الى الظروف التي أوجدتها الجائحة، كان على وزارة الصحة أن تتعاقد مع المستشفيات الخاصة لتأسيس مراكز رعاية مكلفة للعلاج من الجائحة، ما أدى الى تحويل أموال الحكومة بعيداً عن المستشفيات العامة ومراكز الرعاية الصحية الأولية، وكان لا بد من تعليق العمليات الجراحية الاختيارية. بالإضافة الى ذلك، ادت الازمات المتفاقمة من عام 2020 الى عام 2021 الى زيادة بنسبة 73% في عدد المستفيدين من الخدمات الأساسية في شبكة وزارة الصحة دون زيادة مقابلة في التمويل. ولجأت المرافق الصحية بشكل متزايد الى موازنة الفواتير وزيادة بالأسعار أو إعطاء الأولوية للمرضى الذين يسددون نقداً. وقد أدت آليات المواجهة هذه الى زيادة نفقات الجيب مما أوجد حواجز مالية أمام الفئة الضعيفة من السكان.

نقص القوى العاملة

وقد أدت الازمة الى نقص في القوى العاملة في القطاع الصحي، ونتيجة للازمة عانى العاملون في مجال الرعاية الصحية من انخفاض حاد في قدراتهم الشرائية مما تسبب في نزوح المهارات الطبية، حيث تقدر منظمة الصحة العالمية أنه على الأقل 30 الى 40% من الأطباء والممرضين قد غادروا الدولة بشكل دائم أو مؤقت. ومن المرجح أن تكون الازمة قد أثرت أيضاً على القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية الأولية حيث انه من المعروف أن مؤسسات الرعاية الصحية الأولية على وجه الخصوص تواجه عقبات في توظيف الموظفين والمحافظة عليهم، لان أغلبها يعتمد على المنظمات غير الحكومية للحصول على تمويل بدلاً من الحكومة.

توصيات على المدى القصير

يمكن نشر موارد إضافية في حالات الطوارئ على وجه السرعة عبر المرافق الصحية الخاصة والعامة، أي المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية لاستعادة الخدمات الأساسية والحفاظ عليها؛ فالمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية مكتظة، ودعم قدراتها على علاج المرضى هو أمر بالغ الأهمية. وقد يشمل الدعم الفوري لضمان استمرار الخدمات، اعتماد حلول موفرة للطاقة مثل الطاقة الشمسية لتقليل الاعتماد على شبكة الطاقة غير الموثوقة، وضمان أولوية الحصول على الوقود بشروط معقولة وشراء معدات الصيانة الضرورية وتوفير قنوات مبسطة لتوزيع الامدادات الطبية.

كما يمكن للحكومة تقديم حوافز لجذب العالمين في مجال الرعاية الصحية والاحتفاظ بهم في الدولة، وتشمل هذه التدابير تقديم اعانات نقدية ومزايا غير نقدية للقوى العاملة، والاعتماد السريع على مدارس التمريض والتوظيف من الجامعات والمدارس لملء الشواغر في مرافق الرعاية الصحية. وأيضاً يمكن أن تشمل الحوافز العينية الخضوع الاختياري لبرامج التدريب في الخارج، الامر الذي يمكن تحقيقه عبر عقد اتفاقيات بين المستشفيات المحلية والمراكز الدولية والتي يمكن تيسيرها من قبل شركاء التنمية الدوليون، وذلك وفق شروط مفادها أن العاملين الحاصلين على هذه الامتيازات يتوجب عليهم ممارسة المهنة في لبنان لعدد محدد من السنوات تحت طائلة المسؤولية بسداد المستحقات التي حصلوا عليها، في حال لم يتم هذا الامر.

كما يمكن ادخال أنظمة ونظم طوارئ ضمان شراء الادوية في الوقت المناسب وبشكل كاف. وتتمثل الخطوة الأولى في جمع معلومات دقيقة عن قوائم جرد الادوية في المرافق الصحية ومراكز التخزين لتحديد أولويات التوزيع في حالات الطوارئ عبر تطبيق أدوات المعلومات السريعة، وينبغي تحديد مصادر بديلة للأموال مثل التبرعات والمعونة الدولية وتطبيق إجراءات مبسطة لاستيراد وتوزيع الادوية لمواجهة الحالات الكارثية وتفعيل إدارة الامراض غير المعدية، ويمكن إعطاء الأولية للمستشفيات العامة ومراكز الرعاية الصحية الأولية التي تواجه نقصاً أو المناطق ذات التركيزات العالية من السكان الضعفاء للحصول على الدعم.

تقدير تكلفة حزمة الرعاية الصحية الشاملة الأساسية

لقد أجريت هذه المحاكاة لتقدير تكلفة حزم الرعاية الصحية الأساسية التي ستغطي الخدمات التالية: التحصين واختبارات الفحص والتشخيص واختبارات المتابعة في حالة الامراض المزمنة واستشارات مقدمي الرعاية الصحية من أطباء وغيرها، والمشورة ذات الصلة والتثقيف الصحي والأدوية عند الاقتضاء كتكملة لتغطية خدمة المرض في المستشفيات كما تقدمها وزارة الصحة:

1. حزمة العافية: ستغطي هذه الحزم الخدمات الوقائية الأولية والثانوية التي يجب تقديمها لاي فرد بحسب عمره وجنسه وعلى أساس المجموعات المستهدفة التالية.

1.1- حزمة صحية للأطفال والمراهقين من الجنسين، من الولادة حتى سن 18 سنة (تقدير التقسيط السنوي 1.37 دولار)

1.2- حزمة صحية للإناث البالغات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 19 و64 عاماً ( تقدير القسط السنوي 0.95 دولار)

1.3- حزمة صحية للذكور الراشدين من عمر 19 الى 64 عاماً (تقدير القسط السنوي 0.69 دولار)

1.4- حزمة صحية لكبار السن الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما ( تقدير القسط السنوي 15.52 دولار).

حزمة الامراض غير المعدية: حزم صحية للأمراض غير السارية تغطي ارتفاع ضغط الدم وداء السكري ومرض الانسداد الرئوي المزمن ومرض الشريان التاجي، وتغطي هذه الحزم الخدمات الوقائية الثانوية وتضمن مراقبة وإدارة هذه الامراض المزمنة بشكل أفضل لمنع حدوث مضاعفات في المستقبل، وحزمة الامراض غير السارية هي حزمة سنوية وتقدر نسبة السكان المستهدفين 30% من الافراد الذين تزيد أعمارهم عن 15 عاماً ( تقدير القسط السنوي 68.16 دولاراً).

حزمة الامومة: وتغطي هذه الحزمة خدمات ما قبل الولادة التي سيتم تقديمها للنساء الحوامل بالإضافة الى زيارة واحدة بعد الولادة الى الطبيب. وهي أيضاً حزمة شاملة مع عناصر تندرج تحت حزم العافية للبالغين، وتشمل هذه الخدمات خدمات تنظيم الاسرة ووسائل منع الحمل الحديثة وتحديد جنس الجنين. والسكان المستهدفون هم 4% من النساء اللواتي تزيد أعمارهن عن 15 عاماً (تقدير القسط السنوي 151،1 دولاراً).

توصيات على المدى المتوسط

يمكن للحكومة أن تبدأ عملية اصلاح لإعادة التوازن الى النظام الصحي نحو الرعاية الوقائية الأولية؛ وكخطوة أولية يمكن للجهات المعنية أن تطرح للمناقشة نموذجاً وطنياً شاملاً للرعاية الصحية ينص على رؤية تستند الى مبادئ الرعاية التي تنطبق على جميع مقدمي الخدمات العامة وشبه العامة والخاصة الذين يتلقون أموالاً عامة. وينبغي لهذا النموذج، الذي يجب أن يتضمن الرعاية الوقائية والاولية في جوهره، أن يحدد الموارد التقنية والمالية وغيرها من الموارد اللازمة لقابلية الخدمات للتوسع واستدامتها؛ كما ينبغي له أن يحدد مسارات واضحة لإحالة الخدمات واستمراريتها وتكاملها وتحديد مصادر تمويل واضحة وتخصيص سنوي من الميزانية الوطنية. لان معظم خدمات الرعاية الصحية الأولية الحالية يمولها مجتمع المانحين وتعتمد على توفر هذه الموارد. كما يمكن مراجعة وتحديث قائمة تسعير وزارة الصحة وآليات الدفع للمستشفيات لتحسين الحماية المالية. وسوف يساعد تحديث قائمة الأسعار على تقليل ممارسات فوترة الرصيد للمرضى المؤمن عليها وأيضاً الفئة الضعيفة في المجتمع وتحسين العلاقة بين المستشفيات ووزارة الصحة، الامر الذي سيساعد بدوره في الحفاظ على تقديم الخدمات الصحية. وسوف تساعد أيضاً مراجعة آليات الدفع على تحسين الكفاءة وخفض التكاليف على وزارة الصحة وبالتالي زيادة الاستدامة مع تحقيق نتائج صحية مقبولة للسكان.

توصيات على المدى الطويل

يمكن اعتماد استراتيجية لاحتواء النفقات العامة على الرعاية الصحية وتحسين الاستدامة المالية للنظام الصحي مع التركيز على القطاع الصيدلي؛ فبالإضافة الى زيادة التركيز على خدمات الرعاية الصحية الأولية، بما أنها عادة ما تكون فعالة من حيث التكلفة، ينبغي للحكومة أن تنظر في آليات الميزانية المحتملة والشراء المركزي للأدوية العالية التكلفة واستراتيجيات احتواء التكاليف لشراء الادوية وتوزيعها، مع اطار محدث للإدارة وآليات الاشراف على أصحاب المصلحة. وينبغي أيضاً تشجيع وضع استراتيجية لتحسين انتاج الادوية محلياً مع التركيز على الادوية الأساسية بدون براءات وذلك بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة.

يمكن الحد من تشرذم النظام الصحي لتسريع التقدم نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة، فمن شأن اعتماد نموذج وطني للرعاية وقواعد موحدة لأصحاب المصلحة أن يضمن استمرار الخدمات وعدم تعرض السكان للمعاناة. وعلى النموذج أيضاً أن يتضمن أنظمة محدثة لسوق التأمين الخاص والحد من التأمين المتعدد للتغطية الصحية بالإضافة الى استراتيجيات لتحسين الحماية المالية. وينبغي أن يعطي هذا النموذج الأولوية لأكثر السكان ضعفاً من خلال اعتماد سياسات استهداف تستند الى دعم الطلب وخطط تقاسم المخاطر وتجميع الموارد وتحسين خطط الاستحقاقات (القوائم الإيجابية والسلبية)، وتنفيذ سياسة لصالح الفقراء من المدفوعات المشتركة والتأمين المشترك واجراء تقييمات دورية للتكنولوجيا الصحية والإجراءات والأدوية والأجهزة.

يمكن للاستثمارات في القطاع الصحي أن تعطي الأولوية لتوسيع نطاق مجموعة من خدمات الرعاية الصحية الأساسية. وقد وضعت تقديرات أولية لتكلفة مجموعة شاملة مكملة للتغطية الحالية التي توفرها وزارة الصحة العامة للسكان غير المؤمن عليهم، وتشير التقديرات الى أن التكاليف المتوقعة لحزمة الرعاية الأساسية الشاملة تبلغ 1.37% من الناتج المحلي الإجمالي مع اتجاه سنوي متزايد مع تقدم السكان في السن.

 

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةتصفية المصارف… ووضع اليد عليها
المقالة القادمةهل ينجح الإتفاق مع صندوق النقد؟