يستمر موظفو القطاع العام بتنفيذ إضراب منذ أشهر، مطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية من خلال زيادة الرواتب وتقديم تحفيزات، غير ان إضراب موظفي القطاع العام لا ينطبق على زملائهم في وزارة المال، وتحديداً في مديرية الصرفيات. فالأخيرة فيما لو شاركت فعلياً بالإضراب لما تمكّن باقي موظفي القطاع العام من تقاضي رواتبهم منذ شهر كانون الثاني 2022 وحتى اليوم.
يعمل موظفو مديرية الصرفيات في وزارة المال من 3 إلى 4 أيام أسبوعياً مُكرهين لا مخيّرين، ذلك لتنفيذ جداول رواتب موظفي القطاع العام، فلا إمكانية لديهم للإمتثال إلى تحركات زملائهم المطلبية وإلا لبدوا كمن يطلق رصاصة على قدميه.
الحضور مُكلف
وبعد تخلّف وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل عن تنفيذ وعوده التي قطعها لمديرية الصرفيات في وزارة المال على مدار الأشهر السابقة، عمد موظفو المديرية إلى تنفيذ إضراب منذ 21 حزيران، وقرّروا حينها التوقف عن تنفيذ جداول الموظفين، حسب ما يؤكد أحد موظفي المديرية في حديث إلى “المدن”، ذلك قبل أن تتكثف الاتصالات وتتجدّد الوعود من قبل الوزير بتنفيذ مطالبهم أو البحث بحلول بأقل تقدير، ما استدعى من موظفي مديرية الصرفيات استئناف عملهم لعدة أسباب، منها عدم إلحاق الضرر بزملائهم البالغ عددهم نحو 250 ألف موظف وإفساحاً في المجال لتنفيذ مطالبهم.
وإذا كانت الخسائر التي يُلحقها إضراب موظفي القطاع العام بالإقتصاد الوطني تقدّر بمليارات الليرات، فإن استمرارهم بالعمل برواتبهم الحالية يُلحق الضرر بهم وبقدرتهم المعيشية في حال حضورهم إلى مراكز عملهم.
فالرواتب تتراوح بين مليونين و3 ملايين ليرة فقط. وهي لا تكفي لحضور الموظف إلى مقر عمله لأكثر من 4 أيام فقط، علماً أن موظفي مديرية الصرفيات لا يمكنهم اعتماد مبدأ المداورة في الدوامات ذلك لأنهم ملزمون بالحضور 15 يوماً بالشهر بالحد الادنى للحصول على المساعدات الإجتماعية بالدرجة الأولى ولإتمام جداول كافة موظفي القطاع العام ثانياً.
الرواتب صُرفت!
أما عن رواتب القطاع العام التي لم يتم صرفها حتى اللحظة، فقد أكدت مديرة مصلحة الصرفيات في وزارة المالية رانيا دياب في حديث إلى “المدن” أن المديرية أحالت الرواتب كاملة (عسكريين فعليين ومتقاعدين وإداريين والمساعدات الإجتماعية) يوم أمس 30 حزيران إلى مديرية الخزينة المسؤولة عن تحويلها الى مصرف لبنان، ما يعني أن الرواتب سيتم صرفها وتحويلها إلى الحسابات المصرفية للموظفين في وقت قريب جداً.
ولفت مصدر في مصرف لبنان إلى إحتمال اعتماد تحويل الرواتب لموظفي القطاع العام بالتدرّج، أي لكل فئة منفردة بين تواريخ 1 تموز و5 تموز على التوالي، وعزا المصدر أسباب هذا التوجه إلى محاولة مصرف لبنان ضبط عملية ضخ الليرة تجنّباً لأي تذبذبات كبيرة في سعر الصرف.
مطالب موظفي “الصرفيات”
وتوضح دياب بأن لموظفي مديرية الصرفيات حيثية خاصة، ووضعهم مختلف عن باقي موظفي القطاع العام وحتى عن باقي موظفي وزارة المالية، وتقول “مشكلتنا محصورة بنا ونحن مضطرون للحضور الى الوزارة بين 3 أيام و4 أيام كي نتمم أعمالنا. وهذا أمر مكلف جداً بالمقارنة مع الرواتب المتدنية، لافتة إلى أن مديرية الصرفيات رفعت مطالبها لوزير المال أكثر من مرة وهي تقتصر على تأمين بدلات اقل منصفة إن من خلال توفير صفائح بنزين أو بدل مالي أو أي آلية أخرى تضمن حضور الموظفين إلى مركز عملهم على مدى 3 أيام إلى 4 أيام أسبوعياً.
ونظراً لعدم تجاوب وزارة المال مع مطلب مديرية الصرفيات، وتكبّد موظفيها أعباء كبيرة منذ أشهر، فإنها تتجه إلى عدم صرف رواتب القطاع العام في الأشهر المقبلة إلى حين تلبية مطالبهم، وتأمين حضورهم إلى مراكز عملهم، وتختم دياب حديثها بالقول “لم يعد بإمكاننا تحمّل الخسارة لوقت أطول”.