القمة الأميركية ـ الأفريقية تناقش فرص الانتعاش الاقتصادي بعد «كورونا»

تواصلت بمراكش، أمس، أشغال القمة الأميركية – الأفريقية، في يومها الثاني، بجلسات عامة ركز معظمها على آفاق الانتعاش الاقتصادي خلال فترة ما بعد «كوفيد19»، بإلقاء الضوء على التداعيات السلبية للجائحة على الدول الأفريقية، مع الحديث عن عدد من الإيجابيات التي أمكن بها تحويل عدد من أوجه الأزمة الصحية إلى فرص للنمو وتطوير الأداء.

وبما أن برنامج وأهداف القمة تتعدى النقاش الذي يميز جلساتها العامة، فقد شكلت الطاولات المستديرة واللقاءات الثنائية بين المشاركين فرصة للتداول وتبادل الآراء حول أولويات القارة الأفريقية وطموحات دولها، من حيث الأمن الغذائي والصحة والزراعة وانتقال الطاقة والتكنولوجيا الجديدة والبنيات التحتية واندماج المنظومات الصناعية… وغيرها. وقد كانت للمسؤولين المغاربة، في هذا السياق، لقاءات مكثفة ونوعية؛ حيث أجرى عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية، أول من أمس، مباحثات مع أليس أولبرايت، رئيسة «هيئة تحدي الألفية»، والوفد الأميركي الرسمي المشارك في القمة، تناولت مختلف أوجه الشراكة والتعاون بين المغرب و«الهيئة»، مع تدارس سبل وآليات مواكبة ختم برنامج «تحدي الألفية» الذي انخرط فيه المغرب قبل سنوات، والذي سينتهي العمل به في مارس (آذار) 2023.

وعبرت أولبرايت عن ارتياح «الهيئة» لمستوى التعاون القائم مع المملكة، فيما أشار أخنوش إلى استمرار المغرب في تنفيذ التزاماته فيما يخص برنامج «تحدي الألفية»، منوهاً، في الوقت نفسه، بالتقدم الملحوظ لمستوى تنفيذ مختلف المشروعات التي يشملها برنامج التعاون.

من جهتها، تباحثت غيثة مزور، وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، مع ناردوس بيكلي توماس، الرئيسة التنفيذية لـ«وكالة تنمية الاتحاد الأفريقي (نيباد)»، حول سُبل بث الدينامية في صفوف الفاعلين الرقميين الأفريقيين، خصوصاً عبر مواكبة الشباب حاملي المشروعات.

وأظهرت جلسة «تأجيج الانتعاش والنمو الاقتصادي»، التي ناقشت، أمس، السياسات وبناء القدرات والوصول إلى الأسواق والتقنيات والأدوات المالية التي تستخدمها الحكومات والمؤسسات وكيانات القطاع الخاص لتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة الأفريقية من الازدهار وتغذية الانتعاش الاقتصادي، أن هذه الشركات تبقى حجر الأساس للاقتصادات؛ إذ تسهم في الابتكار وخلق فرص العمل والنمو الاقتصادي العالمي.

ووفقاً للبنك الدولي، «تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة نحو 90 في المائة من الأعمال وأكثر من 50 في المائة من العمالة في جميع أنحاء العالم. كما أنها حساسة للصدمات، وقد عانت أكثر من غيرها أثناء تفشي «كورونا». ومع إعادة إطلاق الاقتصادات في جميع أنحاء العالم؛ خصوصاً في أفريقيا، تبقى هناك حاجة لاهتمام خاص بهذا الفاعل الاقتصادي المهم، والمهمل في كثير من الأحيان».

وأظهرت جلسة «الاستفادة من ابتكارات النظام التنظيمي الأفريقي لتعزيز قطاع الصحة» أن الشبكة المعقدة من العمليات التنظيمية عبر القارة تتقارب تدريجياً من خلال جهود متعددة؛ «بما في ذلك تنسيق العمليات التنظيمية على الصعيدين الإقليمي والقاري. ومع الوباء الأخير، كان هناك بعض الابتكارات التي أدت إلى الموافقة العاجلة على المنتجات الصحية للاستخدام، مما أدى إلى زيادة الوصول إلى المنتجات الصحية اللازمة».

وركزت جلسة «تسريع تبني التكنولوجيا: سد فجوة البنية التحتية» على الكيفية التي «يمكن بها للتكنولوجيا أن تسرع من تطوير البنية التحتية في أفريقيا وتساعد على تقليص فجوة قدرها 100 مليار دولار سنوياً». ووفقاً لـ«المنتدى الاقتصادي العالمي»، تشير الثورة الصناعية الرابعة إلى «مجموعة من التقنيات شديدة الاضطراب، مثل الذكاء الصناعي والروبوتات والطباعة ثلاثية الأبعاد، التي تعمل على تحويل الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية».

وفي جلسة «التحديات والفرص الرئيسية للشركات الناشئة في أفريقيا»، قدم المتحدثون رؤى حول أفضل الممارسات وما قد يكون مطلوباً من حيث الأدوات والموارد لتطوير القطاعات الرئيسية في القارة والاستفادة من الزخم الكبير الذي تحقق في رأس المال الاستثماري خلال السنوات القليلة الماضية؛ «فالنظام البيئي لريادة الأعمال في أفريقيا ينمو بشكل كبير. ويتبنى العديد من أسواق القارة تقنيات مبتكرة، كالمدفوعات عبر الهاتف الجوال، وتكنولوجيا التعليم، والاقتصاد التشاركي».

وكانت جلسة «من التعدين إلى التصنيع» فرصة لأخذ وجهات نظر حول الكيفية التي سيبدو عليها شكل قطاع التعدين الأفريقي في السنوات المقبلة، وكيف يمكن للشركات والبلدان أن تتعاون لجعل أفريقيا جزءاً مفيداً من سلسلة إمداد الطاقة العالمية الناشئة. وأكدت الاضطرابات المرتبطة بـ«كوفيد» في الشحن العالمي والتأخيرات المسجلة، على «أهمية كل من إمدادات المعادن الأكثر أهمية التي تأتي إلى الأسواق العالمية، والحاجة إلى مزيد من مرافق المعالجة».

وتهتم البلدان الأفريقية بالاستفادة من مواردها المعدنية لدعم الانتعاش الاقتصادي بعد الجائحة، ولوضع الأساس للانضمام إلى سلاسل توريد الطاقة المتجددة العالمية الناشئة؛ بما في ذلك زيادة المعالجة والاستهلاك. وأدخل العديد من البلدان في أفريقيا «تغييرات مهمة على مواثيق التعدين وغيرها من اللوائح المصممة لجذب استثمارات القطاع الخاص التي تشتد الحاجة إليها».

من جهتها، استعرضت جلسة «ازدهار أفريقيا: الاستثمار في مستقبل أفريقيا» سياق إطلاق مبادرة «ازدهار أفريقيا»، و«كيف ساعدت الحكومة الأميركية في إبرام 800 صفقة تجارية واستثمارية عبر 45 دولة أفريقية بقيمة إجمالية تناهز 50 مليار دولار». وعرضت الجلسة الأدوات الجديدة في مجموعة أدوات «ازدهار أفريقيا»، وتبادل المعلومات حول الأولويات والبرامج الجديدة للحكومة الأميركية؛ بما في ذلك البرامج الجديدة لتعزيز الاستثمارات في قطاعي الصحة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةكركي شرح آلية معالجة السلفة الممنوحة على غلاء المعيشة
المقالة القادمةتباينات حادة في أسواق الأسهم العالمية