القيود المصرفية حرّكت القطاع العقاري..حجم المبيعات ناهز المليار دولار 

سبق لصندوق النقد الدولي ان حذّر سابقاً من مخاطر انكشاف ​المصارف​ ال​لبنان​يّة على مخاطر ​القطاع العقاري​، خصوصاً أنّ 90% من القروض المصرفيّة الممنوحة مرتبطة بالقطاع العقاري، إمّا بشكل مباشر من خلال القروض السكنيّة والقروض الممنوحة للمطوّرين العقاريين، أو بشكل غير مباشر من خلال القروض المرتبطة بضمانات عقاريّة. والتأزّم الموجود في السوق العقارية يعني ببساطة، انخفاض قيمة الضمانات العقاريّة التي تحتفظ بها المصارف مقابل قروضها، بالإضافة إلى ارتفاع نسب التعثّر في القروض التي منحتها المصارف سابقاً لتجّار البناء و​العقارات​.

اما في هذه المرحلة ، لا يبدو ان هذه المخاطر مازالت قائمة بفعل القيود المصرفية الصارمة على ​العمليات المصرفية​ وسيما منها سحب الودائع والتحاويل ، هذا لأنّه يبدو ان توجيه الودائع نحو القطاع العقاري يساهم في حلّ جزء من أزمة المصارف عبر تحسين موازناتها من خلال خفض حجم القروض الهالكة، وإدخال سيولة نقدية فعلية تساعدها في معالجة مشكلة عدم التطابق في تواريخ الاستحقاق بين موجوداتها ومطلوباتها، وهو الأمر الذي أشارت اليه “ستاندرد اند بورز” في تقاريرها .

“ربة ضارة نافعة ” . نعم، هذه القيود المصرفية غير المسبوقة في عمل ​القطاع المصرفي​ وفرت الانفراج للقطاع العقاري الذي يعاني ركودا مزمنا منذ العام 2011،هذا لأنه مع تحريك عمليات البيع في السوق وقبول الشيكات المصرفية لتعذّر تحريك ​السيولة​ يكون أصحاب الرساميل قد أمّنوا على مدّخراتهم وحوّلوها من سيولة في المصارف الى ممتلكات عقارية رغم انّ ​أسعار العقارات​ قد تشهد انخفاضاً، إلّا انّ التعويل يبقى على تعافيها في المدى الطويل.

الى اي مدى ما زالت تنطبق اليوم مقولة “شراء العقار اكثر امانا من ابقاء المال في المصرف” في ضوء القيود المصرفية ؟

فارس

برأي أمين سر جمعية مطوري العقار في لبنان مسعد فارس ان هذه المقولة قائمة و لا تزال تنطبق، واليوم أكثر من قبل ، رغم الضوابط المصرفية. فالناس أصبحت على استعداد أكثر للاقبال على شراء العقارات.

واذ لم ينف وجود التخوّف من اخضاع المبالغ المقبوضة بواسطة الشيكات المصرفية لعملية ال Hair Cut في حال اتخذ القرار ، لفت الى ان الذي يبيع هو الم​ديون​. وهو يبيع تسديد ديونه ، فلذلك لن يتأثر بهذه العملية .

وعن تأثير الخطو ة الجديدة بقبول المطوّرين الشيكات المصرفية في عمليات البيع ونسبة التحرك يقول فارس ” للاقتصاد” من المؤكد أن عمليات البيع تحركت ، وهذه الحركة العقارية نلحظها أكثر عند المصارف، إذ إن المودعين المعنيين يفضّلون العقارات لضمانة أموالهم. وأصحاب العقارات المديونة سوف يلجأون الى البيع . لذلك تقوم المصارف بالتشجيع على الشراء من زبائنها المديونين أي أنها تحاول القيام بــ “Matching” او المطابقة لإتمام الصفقات. والوسطاء العقارييون والمطوّرون العقاريون يحاولون الاستفادة من هذه العمليات.

ويمكن القول انه منذ تشرين الثاني 2019 تحسّن السوق بنسبة 20%.

صحيح انه من المبكر تحديد عدد عمليات البيع ، لكن من خلال ما يتم تناقله عن السوق يمكن استبيان ان ثمة ما بين 5 الى 6 عمليات تقوم بها المصارف يوميا . لكن الرقم الأكثر دقّة لحجم المبيعات فهو ما يقارب المليار دولار من أول تشرين الثاني 2019 الى آخر كانون الثاني 2020، علما ان عمليات البيع هذه ليست فقط مرتبطة بشقق بل بمكاتب ومحلات وأراض.

المناطق المحرّكة للبيع

اما اكثر المناطق الأكثر طلبا فهي الواقعة في جغرافيا في الأشرفية، ورأس بيروت وضواحي بيروت ، الى جانب تحرك عمليات البيع ايضا في مناطق المتن ، وخلدة ، وضهور العبادية، وطريق الصياد واللويزة، التي تشكل نقطة مهمة لقربها من بيروت.

الأسعار الى تراجع ام اسقرار ؟

رغم ​الوضع الاقتصادي​ المأزوم في البلاد و​الانكماش​ المخيم على كل القطاعات يبقى السؤال حول هذه التداعيات على الاسعار المعروضة في السوق العقاري خصوصا ان العرض يفوق الطلب بكثير .

وهنا يؤكد فارس ان الاسعار تتماشى دائما بحسب العرض والطلب، وبحسب وضع البائع والشاري، والمديون وغير المديون. الاسعارلا تزال نفسها. أما المرونة في الحسومات فبدأت بالتراجع .

واذا كان الطلب متفاوتا بين منطقة وأخرى ، هل ينطبق ذلك على عملية التفاوض على الاسعار المعروضة ؟

برأي فارس ان دائماً التفاوض موجود ومقبول. أما النسبة فتكون بحسب المنطقة، والمشروع، وبالتالي وضع المطّور العقاري.

ويبد ان السوق اكتفت بهذا الحجم من التسهيلات . وهي تتجّه من Buyers Market الى Sellers Market .

وسط ​المؤشرات الاقتصادية​ غير المطمئنة ، والتي تتمثل في ​الركود​ في القطاع العقاري الذي بدأ في 2011 ليبلغ ذروته في 2019 ، بات الاستثمار في القطاع انتحارا .ولكن رغم الواقع السوداوي يسجل اليوم ورش بناء جديدة . فهل هناك تراجع فعلي في الاستثمار العقاري ؟

يلفت فارس هنا الى ان الركود بدأ فعليا في أواخر 2011 . وظهر مع الشقق الفخمة والكبيرة . واستمر ليطال كل الشقق في لبنان. القطاع العقاري تراجع كثيرا . اما اليوم بسبب القيود التي فرضتها المصارف عادت الحركة الى القطاع . ولكن في المقابل ، لم يعد السبب الوحيد للاستثمار؛ فمثلا لا نرى اليوم مطوّرين يشترون أراض للقيام بمشاريع جديدة. لذلك بالامكان القول أن العقارات ستتراجع قريبا، مما قد يؤثر على الاسعار.

المنصة العقارية والمضاربة

ويقول فارس : نحن كجمعية مطوّري العقار في لبنان REDAL، كنّا دائماً نراقب السوق ونعمل لتحفيز الشاري و​المستثمر​. واليوم ، ليصبح هناك هدوء في سوق جديّ وله معنى يجب على المصارف أن تعيد برمجة ديون ​المطورين​ العقاريين، وتخفيض الفوائد لترك مجال للتنفس ، و لتكون عملية البيع منطقية وعلمية بدل أن تكون ردة فعل على حدث معين.

أما بالنسبة للمنصة العقارية ، فلقد واجهنا العديد من المضاربة من المصارف بسبب الفوائد العالية التي جذبت العديد من المستثمرين.

وكنا قد نبهنا مرارا عدة ونصحنا بتوزيع الاموال للتخفيف من المخاطر، لتفادي الوضع الذي نحن فيه اليوم. أما بالنسبة للمستثمرين الذين ساهموا في المنصة فهم لم يتوقعوا أن نقوم ببيع في فترة وجيزة الشقق الموجودة لدينا.

نعم، المنصة لا تزال موجودة وطورناها لتصبح عدة منصات صغيرة تتطابق مع متطلبات المستثمرين.

وتركيزنا هو أكثر على العقارات التي لها مردود سنوي فيكون للمستثمر منفعة من هذا المردود.

شح السيولة في المصارف ضرب انتاجية قطاعات بالكامل ، ومد قطاعات قليلة بالاوكسيجين ومنها القطاع العقاري . ولكن هذا المنفذ لا يعتبر كافيا لاخراج السوق من الركود بشكل كامل، سيما وان العرض فاق الطلب بكثير. ومهما بلغ الطلب من مستويات متقدمة فهو لن يحقق التوازن، حتى بغياب سياسة اسكانية مدروسة مبنية على الاحتياجات الفعلية الى جانب تحفيزات واقعية.

مصدررولى راشد - النشرة الاقتصادية
المادة السابقةبالفيديو- حاول إشعال زجاجة بنزين داخل فرع “الإعتماد اللبناني” بالحمرا
المقالة القادمةإقفال “LEMALL” – سن الفيل نهاية آذار المقبل