القيود على الليرة باقية.. رغم أزمتي الصحة والغذاء

الأمن الغذائي مُهدّد والأمن الصحي أيضاً، وعلى جبهات عدّة، نتيجة تعميم مصرف لبنان الذي ألزم مستوردي السلع الاساسية المدعومة (محروقات، أدوية، معدات طبية، مواد غذائية) تأمين السيولة النقدية بالليرة لتمويل المستوردات. كذلك الامر بالنسبة لمستوردي مختلف السلع الغذائية والاستهلاكية غير المدعومة، والذين يعجزون عن شراء العملة لتمويل المستوردات بسبب خفض السحوبات بالليرة اللبنانية بالقطاع المصرفي.

هذه السياسة المتّبعة من مصرف لبنان لخفض الضغط الحاصل على الليرة اللبنانية في السوق السوداء ولجم انهيار سعر صرفها، تهدف أيضاً الى لجم الاستهلاك المحلي من اجل خفض حجم الاستيراد وخفض وتيرة الاستنزاف الحاصل لاحتياطي البنك المركزي من العملات الاجنبية، وتمديد مهلة وقف الدعم عن السلع الاساسية لاطول فترة ممكنة، على أمل التوصل الى توافق سياسي وتأليف حكومة تبدأ بالإصلاحات وتؤمّن الدعم المالي الخارجي المطلوب لإعادة ضبط الوضع المالي والاقتصادي.

إلاّ انّ سياسة شراء الوقت باتت تهدّد الامن الصحي والغذائي للمواطن اللبناني، بعد تراجع حجم الاستيراد بنسبة 93 في المئة، حيث انخفضت قيمة الإعتمادات المستنديّة المفتوحة للاستيراد خلال الاشهر التسعة الاولى من العام الحالي من 5 مليارات و678 مليون دولار في ايلول 2019 الى حوالى 547 مليون دولار فقط في ايلول 2020 وفقاً لإحصاءات مصرف لبنان، أي انّ عمليات الاستيراد منذ عام ولغاية اليوم باتت تقتصر على المواد الغذائية الاساسية والمحروقات والادوية والمعدات الطبية، وانقرضت كافة السلع الاستهلاكية المصنّفة كماليات.

ولكن بغض النظر عن ضرورة وجود الكماليات، فإنّ مستوردي المواد الغذائية يقولون انّ تعميم مصرف لبنان سيخفّض حجم استيراد المواد الغذائية الى النصف، مما يهدّد الامن الغذائي، كذلك الامر بالنسبة لمستوردي الادوية والمعدات الطبية، الذين يحذّرون من تراجع مخزونهم ونقص مرتقب في الادوية والمستلزمات الطبية، في حال لم يتمّ تأمين السيولة النقدية بالليرة من قِبل القطاع المصرفي. إلّا انّ مصادر في مصرف لبنان أكّدت لـ»الجمهورية»، انّ سياسة خفض السحوبات النقدية بالليرة وإلزام المستوردين تأمين السيولة النقدية للاستيراد، مستمرّان الى حين تأليف حكومة جديدة، يتمّ التوافق معها على خطة واضحة للأزمة المالية والاقتصادية.

واوضح المصدر المصرفي، انّ هدف ودور البنك المركزي الاساس اليوم هو ضبط سعر العملة المحلية ولجم الانهيار الحاصل بسعر صرفها، في ظلّ الأزمة السياسية القائمة، وقد اتخذ هذا الاجراء من اجل امتصاص الكتلة النقدية الضخمة الموجودة في السوق والبالغة 24 ألف مليار ليرة، وذلك عبر التجار والمستوردين. مشيراً الى انّ المستوردين والتجار ما زالوا قادرين على تأمين السيولة النقدية بالليرة من السوق، «والبنك المركزي يعمل جاهداً لمساعدتهم، ولن يسمح بتهديد الأمن الغذائي والصحي». لافتاً الى انّ تقييد السحوبات النقدية سيؤدي حتماً الى ترشيد الإنفاق والاستيراد.

مصدررنى سعرتي- الجمهورية
المادة السابقةالصناعيون والتجّار: لن نلتزم بالإقفال
المقالة القادمةعجز ميزان المدفوعات: الأرقام غير دقيقة؟