بداية سنة 2023 الصحيّة والإستشفائية لن تكون كما نهاية 2022 لناحية قيمة التعرفات المسدّدة بالدولار النقدي والأقساط التأمينية التي تراجعت في العام 2022. فالفاتورة الإستشفائية ولو لم يتمّ تقاضيها نقداً وبالعملة الخضراء من شركات التأمين، إلا انها ستشهد قفزات لتصل الى القيمة التي كانت تسجّلها في العام 2019 قبل اندلاع الأزمات وتهاوي القطاعات الإقتصادية كافة.
فالطبيب على سبيل المثال سيرفع “كشفيته” بالدولار النقدي الى ما كانت عليه سابقاً فإذا كان متوسّط كلفة زيارة الطبيب المتفاوتة حالياً وتصل لدى أشهر الأطباء الى 40 أو 50 دولاراً فسترتفع الى 75 دولاراً العام المقبل وصولاً الى التعرفة التي كان يعتمدها الأطباء سابقاً. وعلمت “نداء الوطن” من مصادر مطلعة أن نقابة الأطباء أرسلت كتابا الى شركات التأمين أعلمتهم فيه أنها “سترفع أجر الطبيب الى التعرفة التي كانت معتمدة في العام 2019”.
وهكذا ستنسحب تلك الزيادة على فاتورة المستشفيات المتوقّع أن ترتفع بنسبة تتراوح بين 10 و 15% في بداية العام الجاري، الأمر الذي سيلامس بدوره أقساط بوالص تأمين الشركات الخاصة التي ستزيد بنسبة نحو 10% أو 12% بعد أن تراجعت قيمة الدولار التأميني بنسبة “تراوحت بين 30% و45% العام الماضي وقت تحوّلت البوالص الى “فريش” دولار”، كما اوضح رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان ايلي نسناس لـ”نداء الوطن”.
ولفت نسناس الى أن “هذا التدبير يأتي التزاماً بالإتفاق القائم بين المستشفيات وشركات التأمين على رفع قيمة الفاتورة الإستشفائية والأقساط التأمينية بالدولار النقدي تدريجياً لفترة عامين، وصولاً الى الأرقام التي كان معمولاً بها في العام 2019″، عازياً أسباب تلك الزيادة أيضاً الى “تفاقم التضخّم بنسبة 10% الناجم عن القفزات التي حقّقتها أسعار المحروقات عالمياً ومحلياً والمستلزمات الطبّية والأدوية”.
وحول سبب التوافق على رفع التعرفة الإستشفائية والتأمينية وزيارة الطبيب في ظلّ ارتفاع قيمة الدولار عن الفترة التي كانت عليه في العام 2019، في ظلّ شحّ معروض العملة الخضراء وتقاضي الموظفين رواتبهم بالليرة اللبنانية المنهارة مقابل حصولهم على أوراق معدودة من العملة الخضراء على شكل bonus، قال نسناس إن “ذلك التصحيح سيحدّ من هجرة الكفاءات والأطباء علماً أن غالبية الشركات الخاصة باتت توفّر التأمين الطبي والإستشفائي للموظفين، عدا عن أن من كان يشتري بوليصة الـfirst Class، خفّض درجة طبابته الى الثانية للتمكن من تسديد قسط البوليصة وضمان التغطية الإستشفائية له ولعائلته”، لأن الأهم بالنسبة الى المواطن اليوم بات تمكّنه من الدخول الى المستشفى في الحالات الطارئة وتلقّي العلاج أو إجراء عملية جراحية، بغض النظر عما إذا كان يحظى بدرجة أولى من الخدمات أم لا.
إذاً، من كان سعيد الحظّ من اللبنانيين ويتقاضى راتبه بكامل قيمته بالدولار النقدي يستطيع أن يجاري نسبة التضخّم للاستشفاء من الأمراض التي تهدد صحّته وحياته، أما تعيس الحظ فما عليه سوى تدبر أموره بالحد الأدنى من مقومات العيش الكريم وليس أمامه سوى أن يبقى تحت رحمة وزارة الصحة والجهات الضامنة – غير الضامنة للإستشفاء والطبابة.