الكهرباء بـ 4 أسعار.. مبالغ ستحوّل القِطَع الكهربائية الى “ديكور” منزلي

كنّا بحاجة الى خبر ينتشر عن إشكالات حصلت في محطة عرمون، احتجاجاً على التقنين القاسي، وأدّت الى خروج كافة المعامل عن الشبكة، لنعرف أننا نتوغّل في مرحلة كهربائية شديدة الصّعوبة. فسلطات “الكذب والزّعبرة”، والـ “كذّب وسلّيني”، معروفة، وهي تتسلّى بمصير الناس، وبحياتهم، سواء توفّرت الحجّة لديها لذلك، أو لا.

فلا شيء يكشف لنا مصير “كهربا الدولة”، خلال المرحلة القادمة، بالكامل. وما عاد أمام اللبناني الذي يدفع ويدفع، لأصحاب المولّدات الخاصّة، إلا أن يضع أمامه، منذ الآن، صورة الدّافع أكثر فأكثر، لخدمات لا يستعملها، ولن يستعملها مستقبلاً، سواء كانت خدمات “دولة”، أو خدمات خاصّة، بموازاة رواتب ماضية في التآكُل.

اللبناني “المعتّر”، يدفع حالياً الفواتير مقابل الحصول على كهرباء المولّدات الخاصّة، وهي خدمة “نظرية”. خدمة يزداد سعرها شهريّاً، بشكل مُخيف، جنباً الى جنب تراجُع القدرة على الاستفادة منها، وذلك من جراء ارتفاع الحاجة الى زيادة التّقنين الذاتي في استعمالها. والمحصّلة، هي أننا ندفع لأصحاب المولّدات الخاصّة أكثر، مع مرور الأيام والأسابيع، مقابل “اللاتدفئة”، و”اللاإنارة”، وعَدَم القدرة على استخدام القطع الكهربائية المنزلية، في مشهد سوداوي، سيزداد سوءاً مع مرور الوقت. والأسوأ، هو أن مشاريع توفير الكهرباء الرسمية لا تزال كالصّابونة التي “تتزامط” بين أيدينا. وهي عندما ستتوفّر، لن تجعلنا في النّعيم أيضاً.

ففواتيرها ستتضاعف، وستتضاعف أكثر، بموازاة رواتب لا شيء يقول إنها ستتحسّن قبل توفّر “كهربا الدولة”، هذا إذا توفّرت قريباً. وهو ما يعني أننا سندفع مقابل “اللاشيء” أيضاً، على صعيد التدفئة، والإنارة، واستعمال الآلات الكهربائية في المنازل (أفران…)، أي اننا سندفع ×2، مرّة للدولة، ومرّة لصاحب المولّد الخاص. وقد نصل الى مرحلة الاستدانة، للدّفع على “اللاشيء”. تحضَّر أيها اللبناني، للمصير نفسه الذي ستلقاه أيضاً، على صعيد خدمات الإنترنت، والإتّصالات، والمياه،…

فهذه كلّها ستتضاعف أسعارها، وستُقطَع عنك فجأة في أي يوم من الأيام، وفق حجج كثيرة، وذلك مقابل خدمات أقلّ، أو “اللاخدمات”، خصوصاً أننا في بلد “التشبيح”، والأزمات المتوالَدَة، والمفتعلة… والاضطّرار الى ممارسة أساليب التقنين الذّاتي في استخدامها، أكثر فأكثر.

في دول كثيرة حول العالم، يدفع المواطنون أسعاراً مختلفة للخدمات الكهربائية، بحسب تفاوت توقيت استخدامها. فأسعار الصّباح تختلف عن فترة بعد الظّهر، وتلك الأخيرة تختلف أسعارها عمّا تُصبح عليه في فترات المساء، وفي فترات ما بعد منتصف اللّيل، وهو ما يجعل الكثير من مواطني أكبر الدّول حول العالم يحوّلون لياليهم الى نهار، نظراً الى أن استعمال الأفران والغسّالات… بعد منتصف اللّيل، يُصبح أقلّ كلفة من الاستفادة منها نهاراً.

هذا المصير سنلقاه في بلادنا، وهو ليس عيباً، ولا هو خاطىء بحدّ ذاته. ولكنّه مصير أسود في لبنان، بلد الفوضى، واللاقانون، و”المش مفهوم شي من شي”. فتلك الأوضاع في بلد مثل لبنان، هو بلا سلطات تُمسِك بقطاعاتها بوضوح، وبلا قضاء واضح المعالم، تعني زيادة في الاستنسابيات، وفي المعايير المزدوجة في التغذية الكهربائية، وفي “التشبيح”، والتلاعُب… حتى ولو “استضفنا” أكبر الصناديق المالية الدولية في ربوعنا.

القيّمون على تلك الصّناديق، يتعاطون بالعناوين العريضة والكبرى، فيما الكارثة اللبنانية لا تنحصر بما هو عريض وكبير، بل بما هو موجود في الزواريب، و”اللّزقات”. والمحصّلة الطبيعية لذلك، هي أن هذا البلد “ما بيزبط”. البلد “ما بيزبط”، و”ما رح يزبط”. والاستنزاف مستمرّ، وهو لجيوب الأفقر، والأضعف. وفي الموازاة، دولة تستقبل وتودّع، وتعمّق مفاوضاتها، وتوسّعها، على طريقة أن “البلد ماشي”، حتى ولو كان من يمشّيه “غاشي”.

 

مصدرالأنباء اللبنانية - أنطون الفتى
المادة السابقةجنون سعر الصرف في تصاعد على وقع الشلل السياسي.. وعقبات لا تزال تعيق طريق الغاز إلى لبنان
المقالة القادمةلا خبز اليوم!؟