انطلاقًا من الكتاب الرسمي لرئيس مجلس الوزراء، نجيب ميقاتي، الذي حوّله للنيابة العامة التمييزية، طالبًا من المدعي العام التمييزي إجراء التحقيقات اللازمة ومُلاحقة جميع المسؤولين عن أزمة الكهرباء الأخيرة من دون أي استثناء، استمع القاضي جمال الحجار اليوم الأربعاء 21 آب، إلى كلّ من وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال، وليد فياض، ورئيس الإدارة في مؤسسة كهرباء لبنان، كمال حايك.
مئات المستندات
مُتأبطًا ملفاً أصفر اللون، فيه المئات من الأوراق الرسمية المُتعلقة بمؤسسة كهرباء لبنان، حضر رئيس مجلس الإدارة في مؤسسة كهرباء لبنان، المهندس كمال حايك إلى قصر عدل بيروت، للمثول أمام الحجار، واستمرت الجلسة لحوالى الساعتين، عرض خلالهما مستنداته ووثائقه أمام المدعي العام التمييزي، محاولًا تأكيد عدم مسؤوليته عن الانقطاع التام للكهرباء منذ أيام. وتُرك بعدها رهن التحقيق، وحددت جلسة أخرى له بهدف استكمال التحقيقات، يوم الثلاثاء المقبل، 27 آب الجاري، ليتمكن الحجار من مطالعة الوثائق التي قدّمها حايك.
داخل قصر عدل بيروت، تبدّل المشهد اليوم تحديدًا. فالظلام المُسيطر على عدلية بيروت منذ أيام نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عن المبنى، اختفى فجأة، وأضيئت العدلية بالكامل، ولم يُعرف بعد إن كانت أسباب إضاءة المبنى ناتجة عن حضور وزير الطاقة إلى قصر عدل بيروت أم أن الأزمة حُلّت فعليًا وسيتوفر التيار الكهربائي بشكل يوميّ.
ومع وصول فياض إلى قصر عدل بيروت، لحضور جلسة الاستماع إليه، انشغل في الدقائق الأولى بتأمل صور القضاة المعلقة على الحائط، واستمرت جلسته مع الحجار لساعة كاملة، شرح فيها “جدّيته في العمل داخل الوزارة، والأسباب التي أدت إلى هذه الأزمة”.
وحسب معلومات “المدن”، “بعد تحديد جلسة استجواب حايك، تلقى أحد القضاة عدة اتصالات من جهات سياسية بهدف متابعة قضية حايك قضائيًا. ويمكن القول إن هذه الاتصالات تهدف لتأمين الغطاء السياسي للحايك”، لكن مصادر قضائية أكدت لـ”المدن” “أن هذه المحاولات لن تؤثر على التحقيقات أبدًا”!
تحقيقات منفصلة
وحسب مصادر قضائية لـ”المدن” فإن الحجار سيستدعي تباعًا أعضاء مجلس إدارة كهرباء لبنان لاستجوابهم، وذلك ابتداءً من يوم غد الخميس 22 آب. ولفتت المصادر إلى أن التحقيقات ستكون منفصلة عن تلك التي سيجريها التفتيش المركزي الذي تسلم كتاب ميقاتي أيضًا. فالتحقيقات القضائية ستكون محصورة فقط بما ذكر في كتاب ميقاتي. ولم تنف المصادر إمكانية استدعاء رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي إلى النيابة العامة التمييزية للاستماع إليه أيضًا، خصوصًا مع بدء مسلسل تقاذف المسؤوليات بين جميع الأطراف. فميقاتي يتهم مدير مؤسسة كهرباء لبنان بالاهمال، بينما وزارة الطاقة تحمل مسؤولية التقصير للحكومة اللبنانية، أما رئيس الإدارة في مؤسسة كهرباء لبنان فيحاول إثبات براءته من هذه الأزمة من خلال عرض المستندات والوثائق.
ومعنى هذا الكلام، أن تحقيقات الحجار ستكون محددة، وتتعلق بمسألة نقص مادة الفيول، والأسباب التي أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي عن لبنان بشكل كامل، ما أدى إلى إصابة مؤسسات الدولة بالشلل. ولربما بعدها تحدث “معجزة قضائية” وتتم ملاحقة جميع المسؤولين أكان في وزارة الطاقة أو في مؤسسة كهرباء لبنان، الذين لم يسارعوا إلى تأمين حاجة المؤسسة من المحروقات بأساليب أخرى.