هل قرّرت الكويت أن تسبق سائر الدول الخليجية إلى اتخاذ إجراءات عقابية بحق اللبنانيين المقيمين على أراضيها، على خلفية الأزمة التي افتعلتها السعودية مع لبنان بذريعة تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي عن اليمن؟
السؤال مردّه إلى الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات الكويتية بحق لبنانيين، وشملت، بحسب وسائل الإعلام في الإمارة الخليجية، منع تجديد إقامة عشرات العائلات اللبنانية. منذ افتعال الأزمة مع لبنان، حرصت دول الخليج على إعلان عدم نيتها القيام بأي إجراءات عقابية بحق اللبنانيين المقيمين على أراضيها. من هنا، كان القرار الكويتي مفاجئاً، وخاصة أنه صدر عن دولة كانت تحرص على الابتعاد عما يزيد من حدّة الضغوط على لبنان، ولو في إطار «مسايرة» السعودية.
وعلم أن جهاز أمن الدولة الكويتي اعتقل في الأيام الماضية عدداً من اللبنانيين، وأخضعهم للتحقيق، قبل صدور قرار رفض تجديد إقاماتهم. وأتت هذه الإجراءات بعد صدور عفو أميري أدى إلى إطلاق عدد من المحكومين الكويتيين، في إطار ما يُعرف باسم «خلية العبدلي». وهذه القضية التي خرجت إلى الضوء عام 2015، مبنية على اتهامات لكويتيين ولبنانيين بالتواصل مع حزب الله، وتشكيل «خلية مسلحة». وجرت في ذلك الحين اتصالات سياسية وأمنية، خلصت إلى تهدئة العلاقات اللبنانية ــــ الكويتية، وخاصة بعدما تبيّن وجود الكثير من الالتباس حول المنشأ السياسي للقضية.
القرار الذي أعلِن أمس حمل أكثر من تفسير:
ــــ الأول، أن قرار العفو عن المحكومين بتهمة «التستّر على خليّة العبدلي»، أثار سخط قطاعات سياسية واسعة في الكويت، وخاصة بين المحسوبين على السعودية، ما دفع بالسلطات إلى القيام بإجراءات ضد لبنانيين واتهامهم بأنهم مقرّبون من حزب الله، بهدف تهدئة المعترضين.
ــــ الثاني، أن الإجراءات ضد لبنانيين أتت في خضمّ عملية تغيير داخلي، شملت أمس تفويض معظم صلاحيات الأمير نواف الأحمد الصباح إلى وليّ العهد مشعل الأحمد الصباح، المعروف بقربه من النظام السعودي. ومن غير المستبعد أن يكون قرار توقيف لبنانيين وإبعادهم من الكويت جزءاً من الضغوط غير المباشرة التي يمارسها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على لبنان.
في المقابل، تؤكد مصادر على صلة بدوائر الحكم في الكويت أن الإجراءات «موضعية لا أكثر، وهي بمثابة رسالة وشأن داخلي كويتي أكثر منها سياسة عامة ستنتهجها الكويت للتعامل مع لبنان مستقبلاً». لكن المقلق في ما نشرته صحيفة «القبس» الكويتية أمس، نقلاً عن «مصادر أمنية»، هو قولها إن اللبنانيين الذين تقرر إبعادهم «يشتبه في انتمائهم أو انتماء أقاربهم من الدرجة الأولى أو الثانية إلى حزب الله». و«تهمة» القرابة مع منتمين إلى حزب الله لم تستخدمها أي دولة خارجية سابقاً لإبعاد أيّ لبناني، حتى تلك التي شنّت حملات ضد لبنانيين مقيمين فيها، على خلفيات سياسية أو طائفية، كالنظام الإماراتي. ويؤشر استخدام هذه «التهمة» إلى منحى شديد الخطورة، في حال لم تكن الخطوة الكويتية فعلاً محصورة بعدد محدد من اللبنانيين الذين تقرر إبعادهم.
صحيفة «القبس» كانت قد أعلنت أن «جهاز أمن الدولة وضع أسماء 100 وافد من جنسيات مختلفة على قوائم الممنوعين من تجديد إقاماتهم في البلاد عند انتهائها، وبالتالي يتوجّب عليهم المغادرة فور انتهاء إقاماتهم مع عائلاتهم». ونقلت القبس عن مصادر أمنية قولها «إن الغالبية العظمى من الممنوعين من تجديد إقاماتهم يحملون الجنسية اللبنانية، والباقون من جنسيات مختلفة وعديدة، أبرزها: الإيرانية، اليمنية، السورية، العراقية، الباكستانية، الأفغانية، البنغالية والمصرية».