اللبنانيون يبيعون دمهم للفوز بـ”لقمة عيش”…

قالت صحيفة “الراي” الكويتية إنّ اللبنانيين صاروا اليوم «يتاجرون بدمهم»، يبيعونه من شدة العَوَز وربما لتأمين لقمة عيش أو حجْزِ ليتر بنزين… وما يصح على اللبنانيين يَصحّ على «ضيوفهم» من السوريين الذين فرّوا من مأساةٍ إلى مأساة.

في كل المجتمعات التي تعاني حروباً أو انهياراً اقتصادياً، تطفو على السطح ملامحُ الانهيار الاجتماعي والأخلاقي وعلى نحو حاد… من بيع الأطفال أو عرضهم للتبني وبيع الأعضاء، وشبكات تهريب البشر والاتجار بالنساء والأطفال.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ ما يعيشه لبنان اجتماعياً واقتصادياً، لم يشهد له مثيلاً حتى في أيام حربه المأسوية. فالانهيارُ المالي انعكسَ على كل شاردةٍ وواردةٍ، وأطاح بالقطاع الصحي في شكلٍ دراماتيكي.

ولفتت إلى أنّ شركات التأمين الصحية التي ترضخ للضغط نتيجة انهيار سعر الليرة باتت تعجز عن تأمين الحد الأدنى من التغطية الصحية، وشركات استيراد الأدوية متعثّرة بسبب عدم فتح مصرف لبنان الاعتمادات اللازمة لتأمين الدواء، وكذلك المختبرات الطبية أعلن بعضها التوقف عن إجراء الفحوص نتيجة تعذُّر تأمين المستلزمات اللازمة، وأمراضٌ لا تُغطى تكلفتها، وأطباء وممرضون يهاجرون… كل ذلك، يجعل المرضى أسرى عجْزٍ مالي واستشفائي.

وكشفت أنّه ما لم يكن لا في الحسبان ولا في الخيال أن يصبح التبرّعُ بالدم والبلاكيت في لبنان مقابل بدَل مادي، فهذا قمة المأسوية التي تُغتال فيها القِيَمُ الأخلاقية رمياً بالجوع والعَوَز والفقر. فالمعادلةُ البائسة صارت أشبه بصفقة بين المرضى المحتاجين لعلاجات ضرورية والمتبرعين المعوزين المتهالكين. وكأن كل شيء في لبنان بات مرشحاً لـ «العرض والطلب» في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تضرب اللبنانيين. فمظاهر الفقر والتقشف بدأت تطول فئات كبيرة في مأكلهم وصحتهم وأدويتهم واستشفائهم، و«العرض والطلب» أصبح يمتدّ في أبشع صوره، إلى التبرع بالدم الذي صار مدفوعاً في بيئات لبنانية أو سورية مقيمة في لبنان.

في العادة كانت حالاتُ التبرّع بالدم تلقائية وتَطَوُّعية، سواء في المستشفيات أو عبر الصليب الأحمر وبنك الدم التابع له، أو من خلال شبكاتٍ أسّستْها مجموعاتٌ شبابية عبر مواقع التوصل الاجتماعي تتواصل في ما بينها لتأمين وحدات دم لأي مريض، وهي أثبتت فعاليتها في شكل كبير، وأظهرت نخوة الشبان والشابات في التضامن، ولا سيما عند وقوع حوادث السير والانفجارات. ولم يكن اللبنانيون يبخلون يوماً بالتبرع بالدم، عند أي طارئ أمني. وما حدَث بعد انفجار مرفأ بيروت وغيره من تَهافُت للتبرع بالدم دليل على أن هذه الحالة كانت إلى وقت قريب مازالت إنسانيةً بحتة وغير خاضعة لأي مساومة، وهي مازالت كذلك بنسبة كبيرة.

لكن مع ارتفاع عدد المصابين بـ «كورونا» ومن ثم ارتفاع نسبة الأمراض المستعصية وانهيار القطاع الصحي، تحوّل التبرع بالدم لدى البعض طريقة للإفادة المادية، فبدأت المطالبة بدفع مبلغ مئة ألف ليرة، ليصبح بدل التبرع حالياً بين 500 ألف ومليون ليرة. ودفْع هذا المبلغ، تجده بعض عائلات المرضى مقبولاً، في الوقت الراهن، إذا كان لمرة واحدة. وتقول إحدى السيدات إنها دفعت المبلغ على اعتبار أنه «ثمن دواء».

 

مصدرالشرق الأوسط - ليبانون فايلز
المادة السابقةالتزام بإضراب الاتحاد العمالي العام في مختلف المناطق اللبنانية
المقالة القادمةالإسمنت متوفّر خلال إيام…