اللحوم المثلّجة “المستوردة” تدخل الى لبنان غير مُصرّح بمنشئها… هل هي مُضرّة أم حرب بين مافيا التجار؟

سادت منذ أيام حالة من القلق، إثر الاخبار المتداولة عن دخول لحوم مبرّدة الى الأسواق اللبنانية وبكميات مخيفة. وفي هذا السياق، أكد امين سر نقابة القصابين ومستوردي وتجار المواشي الحيّة ماجد عيد في بيان “ان استيراد المواشي الحية في العام 2023 كان أفضل بالمقارنة مع العام 2022″، مشيرا الى “ان الكميات المستوردة من المواشي الحية في العام 2023 وصلت الى ما بين 40 و50% ،مقارنة بنسبة الاستيراد التي كانت عليها قبل الازمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ 4 سنوات”. ولفت الى “ارتفاع نسبة استيراد اللحوم المثلجة والمبردة خصوصا اللحم المثلج الهندي”. ونبّه “من المخالفات التي تحصل على كامل الأراضي اللبنانية، فقانون حماية المستهلك والغرامات المفروضة على المخالفين زهيدة، لذلك يجب الإسراع في تعديل القوانين بما يتناسب مع المرحلة الحالية، وبالتالي اصدار إجراءات صارمة بحق المخالفين”.

والسؤال الذي يدور في اذهان المستهلكين، هل صحيح ان هذه اللحوم خطر على الامن الغذائي ام حرب بين مافيا التجار؟

ركائز العيش الكريم “مهزوزة”!

مما لا شك فيه ان أعمدة العيش الكريم منهارة في بلد القانون لا يطبق فيه، وعدالة الأرض مفقودة، ويتمادى المخالفون دون أدنى عقاب لأسباب سياسية وطائفية وعشائرية، والتجار كناية عن عصابة مافيا تتحدّى السلطة والمسؤولين، ويبقى المواطن ضحية الفوضى التي تهدد كافة القطاعات الحيوية والمعيشية الاساسية. فمنذ وقت ليس ببعيد ظهرت اوبئة وبكتيريا ضارة وجراثيم في الالبان والاجبان وحتى اللحوم. فهل تصل اللحوم عموما والهندية خصوصا الى المرفأ وفق شروط سليمة ومصرّح بمنشئها وساعة الحفظ والتوضيب؟ وهل الأنواع المفرّزة التي تكتسح الأسواق اللبنانية تشكل خطراً على الصحة العامة؟

آلية نقل اللحوم هي ذاتها… ولكن!

في موازاة ذلك، شرح محمود. ع وهو تاجر يستورد اللحوم المفرزة والماشية الحية لـ “الديار”، “ان طريقة نقل اللحوم الهندية هي عينها المعتمدة في حمل اللحوم الأوسترالية والبرازيلية والأميركية والأوروبية، وتصل ضمن مستوعبات مبرّدة، ووزارة الزراعة تأخذ الفحوصات وتنتظر حوالي اليومين للتأكد من امان نتائج العينات، وخلوها من الامراض والجراثيم والبكتيريا. وفي حال وجود أي خلل مهما كان بسيطا، فساعتئذٍ تقوم الوزارة بإعادة “الكونتينر” من حيث اتى”.

أضاف: “طبعا التجاوزات على مد العين والنظر في هذا القطاع من قبل التجار، الذين يتجهون الى شراء أنواع اقل تكلفة من بين تكلفة اللحوم المستوردة الأخرى، مما يعني انها قد تكون أيضا اقل جودة، وهذه الأنواع منتشرة بكميات مخيفة خصوصا وأننا على أبواب شهر رمضان الكريم. ففي العام الفائت توفي مواطن من بلدة المرج البقاعية في شهر رمضان، بعد تناوله “لحمة القصبة” وتسممت عائلته. فالقصّاب او التاجر الذي يغش المواطنين عموما وزبائنه خصوصا، قد يبيعهم لحوما منتهية الصلاحية او يستبدل بعض المتاجر والملاحم اللحوم البلدية بتلك المفرزة وبيعها على انها لحم بلدي”.

اخذ الرخص من “الزراعة”

وفي الإطار، أوضحت نائب جمعية حماية المستهلك الدكتورة ندى نعمة لـ “الديار” ان “رخص الاستيراد تؤخذ من وزارة الزراعة، وتتم عمليات شحن البضائع وفقا للاستهلاك، فإذا كانت الكميات المطلوبة لا تغطي حاجة السوق من اللحوم الحية والمجمدة، عندئذٍ من الطبيعي اللجوء الى ايراد البضائع من الخارج”.

وسألت هل هذه اللحوم خاضعة للمواصفات الصحية؟ تجيب “الجميع يتذكر موضوع اللحوم الهندية، الذي أُثير منذ برهة زمنية قصيرة وخلق جدلا واسعا، ولكن لم نر موقفا رسميا إزاء هذه القضية. ولا بد من سؤال الوزارة المعنية إذا كانت تراقب نوعية اللحوم المبردة المستوردة، خصوصا وأنها تنافس في هذه الأيام تلك الحية او البلدية، ومن البديهي ان يتوجه المستهلك نحو الاوفر. ويبقى السؤال الأهم هل هذه اللحوم مضبوطة من حيث الجودة وسلامة الغذاء”؟

وتابعت “بكل تأكيد نفتقد الى عامل المراقبة والتشدد في هذه الأمور، وبالنسبة للمواطنين يمكنهم معرفة قيمة السلعة من خلال عملية الشراء الأولى، ففي حال وجدوها غير جيدة فلن يعاودوا الشراء في المرة المقبلة”. وقالت: “لا ينبغي شراء لحمة مفرومة جاهزة، بل يجب ان يقطعها اللحام امام اعين المواطنين حتى وان كانت مثلجة. كما لا ينبغي الابتياع من الأماكن التي تشهد انقطاعا مستمرا للتيار الكهربائي، لان المبرد يحتاج الى حرارة معينة. وفي حال اشترى المستهلك سلعة ووجد طعمها سيئا، فعليه الا يتناولها ولا يعاود الشراء، واذا اشتراها يكون المواطن هو ذات نفسه من يدفع بالتاجر لاستغلاله”.

المقاطعة والمحاسبة

وختمت “عندما يبدأ المواطن بمحاسبة التاجر من خلال المقاطعة والتوقف عن الشراء، عندئذ يصبح المجتمع لديه الوعي الكافي لمعرفة البضاعة الجيدة من تلك الرديئة. وفي ظل انعدام أي وجود للدولة، على المواطن رصد الأطعمة التي يشتريها. ونحن قمنا بحملات توعية وحذرنا المستهلكين من الدهون المستخدمة في صناعة الالبان والاجبان، ولكن المؤسسات الرسمية غائبة ولا يوجد مرجعية لمتابعة هذه التفاصيل، ولا نجد تجاوبا من الوزارات المعنية في هذا الموضوع”.

اللحوم المبردة تفقد قيمتها الغذائية؟

اشارت اختصاصية التغذية جاكي قصابيان الى “ان الشركات التي يستورد منها لبنان تمتلك الأوراق الرسمية المطلوبة، مثل الشهادة من الوزارة المعنية في البلد المُوّرّد. وقالت لـ “الديار”: “بالنسبة للشحن والمسافة، فإن المسؤولية تقع على عاتق البلد المُصدّر، وينبغي تسليم لبنان اللحوم المستوردة المثلجة بطريقة جيدة، سواء كانت آتية من اوستراليا أو البرازيل أو حتى الهند. ولكن عندما تصل المستوعبات الى المرفأ، ففي حال تُركت لفترات طويلة دون تبريد او نقلت بسيارات غير مبردة، لان هذه الأمور غالبا ما تحدث في لبنان، لذلك يظل الخطر قائما سواء كانت السلع مستوردة من الخارج او محلية”.

 

مصدرالديار - ندى عبد الرزاق
المادة السابقة«فيتش»: اضطراب تدفقات النقد الأجنبي بسبب إعادة توجيه السفن من قناة السويس
المقالة القادمةماذا لو اعتمدت موازنة ٢٠٢٤سعر صرف ٨٩٥٠٠ ليرة للدولار ؟