الصدمة الإيجابية التي افترض المجتمعون في بعبدا يوم السبت أن إعلان الأسعار الجديدة سيُحققها، بدت أكثر سلبية من الصدمات التي سبقت. صحيح أن الاجتماع ضَمِن تأجيل تأثُّر أسعار المحروقات بقرار مصرف لبنان فتح الاعتمادات على سعر «صيرفة»، إلا أن ذلك لم يُلغ حقيقة أن نهاية أيلول ليست تاريخاً بعيداً. عندها سيدفع الناس ثمن الصفيحة على سعر 16 ألف ليرة بدلاً من 8000 ليرة، وسيكون التضخّم أكثر شراسة، بما يؤدي إلى حصر الاستهلاك بالفئات القادرة فقط.
وفيما لم تُسلّم شركات النفط المحروقات للمحطات والموزّعين لليوم الثالث على التوالي، في انتظار صدور الجدول الرسمي، بعدما أدى البيان الذي صدر الأحد إلى مفاقمة الفوضى، أكدت المعلومات أن الجدول الذي سيُنشر اليوم، مُمهّداً للبيع رسمياً على السعر الجديد، سيُحدد سعر صفيحة البنزين 98 أوكتان بـ 132400 ليرة، و95 أوكتان بـ 128200 ليرة، وصفيحة المازوت بـ 98800 ليرة، أي بفارق بسيط عن الأسعار الذي تضمّنها بيان الأحد. وعلمت «الأخبار» أن الجدول الجديد سيتضمن أيضاً زيادة في عمولة أصحاب المحطات من أربعة آلاف إلى ستة آلاف ليرة.
انعكاس ارتفاع الأسعار سيطاول كل القطاعات، من مواد غذائية إلى استهلاكية. كما ستطاول كلفة النقل العام، حيث يُمكن أن يصل سعر السرفيس إلى 25 ألف ليرة. وإن وجدت المديرة العامة للنفط أورور فغالي أن الحل لأزمة غلاء البنزين هو في تخفيف المشاوير، فإنه لا يمكن أن يكون الجلوس في العتمة هو الحل لأزمة الكهرباء. لكن كلفة كهرباء المولّدات الخاصة، ربطاً بالارتفاع الجديد في أسعار المحروقات، ستكون غير محمولة بالنسبة إلى أغلب الأسر اللبنانية، وقد أعلن رئيس تجمع أصحاب المولدات عبدو سعادة أن الأسعار سترتفع بنحو 40 في المئة، أي أن كلفة الـ 5 أمبير صارت ستزيد ثلاثة أضعاف عن الحد الأدنى وعن راتب موظّف متوسّط الدرجة.
وبعد وصول ساعات التقنين إلى حدود العتمة في الفترة المقبلة، ولأن تحسين وضع الكهرباء يساهم تلقائياً في الحد من الطلب على المازوت، أقر اجتماع بعبدا أن يخصص جزءاً من مبلغ الـ225 مليون دولار لتمويل حاجات الصيانة لمعامل الكهرباء ومقدمي خدمات الكهرباء. بحسب المعلومات، لم يتم التواصل بعد بين وزارتَي الطاقة والمالية لتحديد قيمة هذا المبلغ. لكن الأكيد أن تمويل الصيانات كان مطلباً دائماً لكهرباء لبنان لم يستجب له مصرف لبنان، في الفترة السابقة. وبالرغم من أنه يتوقع أن لا يكون المبلغ كافياً لتغطية كل النفقات المطلوبة، إلا أنه سيساهم على الأقل في إعادة تحريك العمليات التي كانت متوقفة. أما بالنسبة إلى الفيول، فقد صار محسوماً أن المصدر الوحيد، بعد استعمال كل الاعتماد الذي خُصص للكهرباء (200 مليون دولار)، هو الفيول العراقي. فوزارة الطاقة، بعدما حصلت على موعد تسليم باخرة فيول عراقي، أطلقت المناقصة المحصورة (تشارك فيها الشركات التي تمّت الموافقة على طلباتها من قبل الجانبين اللبناني والعراقي). أيّ مصدر آخر لا يزال خارج الحسابات العملية للقطاع. فمسألة الغاز المصري تحتاج إلى وقت لإتمامها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى استجرار الكهرباء من الأردن.