واصلت العملة الروسية الروبل تراجعها في تعاملات صباح أمس الثلاثاء، وسط اقتراب الدولار من عتبة الـ80 روبلا، فيما يعد أدنى مستوى للروبل منذ بدء تمدد فيروس كورونا في روسيا في نهاية مارس/آذار ومطلع إبريل/نيسان الماضيين.
وتأتي الموجة الجديدة لتراجع الروبل في وقت يتلقى فيه الاقتصاد الروسي مجموعة من الضربات الأليمة والمتمثلة بمعاودة إصابات جائحة كورونا للصعود في روسيا وتسجيلها أكثر من 8 آلاف إصابة يومية جديدة لليوم الثاني على التوالي، وكذلك تصاعد أعمال القتال في إقليم كاراباخ ذي الأغلبية الأرمينية في أذربيجان، ودخول سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية مرحلته الختامية.
وفي هذا الإطار، يعتبر كبير المحللين بشركة “تيلي تريد” للتداول، مارك غويخمان، أن الروبل الروسي سقط هذا الأسبوع ضحية للتوترات الجيوسياسية التي لم يعوضها حتى تعافي أسعار النفط إلى أكثر من 42 دولارا للبرميل.
ويقول غويخمان في حديث لـ”العربي الجديد”: “من الطبيعي أن يقود التوتر العام بسبب الموجة الجديدة من كورونا في أوروبا وروسيا والغموض السائد حول الرئاسيات الأميركية، إلى زيادة قلق المستثمرين وتدفعهم للتخلص من الأصول عالية المخاطر، بما فيها الروبل”.
ومع ذلك، يعتبر الخبير المالي الروسي أن العاملين الرئيسيين لتهاوي الروبل هما نذر فرض عقوبات غربية جديدة ونزاع كاراباخ، مضيفاً: “اقترح أعضاء بمجلس الشيوخ الأميركي حزمة جديدة من العقوبات بحق روسيا على خلفية تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني. وهناك خطر تحول أعمال القتال في جنوب القوقاز إلى حرب متكاملة. وفي الوقت الذي تربط اتفاقية منظمة معاهدة الأمن الجماعي روسيا بأرمينيا، تحظى أذربيجان بدعم تركيا، وهي بلد عضو في حلف الناتو”.
ويخلص غويخمان إلى أن الأسواق تتخوف من تورط روسيا وتركيا في نزاع كاراباخ بشكل أو بآخر، بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية الروسية المحتملة في حالة تراجع حجم التجارة مع كلا البلدين المتناحرين.
ومن اللافت للنظر أن الروبل لا يتراجع أمام العملات العالمية فحسب، وإنما أيضاً أمام عملات الدول النامية مثل أوكرانيا، مما يقلل من فاعلية محاولات المصرف المركزي الروسي إنعاش الاقتصاد عن طريق خفض سعر الفائدة الأساسية.
وأشارت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية في عددها الصادر أمس، إلى أن الروبل فقد نحو 30 في المائة من قيمته أمام الهريفنا الأوكرانية منذ عام 2017، مرجعة ذلك إلى كون الاقتصاد الأوكراني أقل عرضة للمخاطر الجيوسياسية قياساً بمثيله الروسي.
ونقلت الصحيفة عن الأستاذة بجامعة “بليخانوف” الاقتصادية الروسية، ديانا ستيبانوفا، قولها: “في عام 2019، سجلت الهريفنا الأوكرانية أعلى معدل نمو أمام الدولار بين جميع العملات العالمية. ويعود التحسن الموسمي على مدى السنوات الثلاث الماضية إلى التوجهات الإيجابية في الاقتصاد مثل زيادة اهتمام المستثمرين الأجانب بالدين العام المقوم بالهريفنا، وتعزّز السلطة السياسية، وارتفاع أسعار الصادرات الأوكرانية”.
وحول العوامل التي تحدد سعر صرف الروبل أمام الهريفنا، أضافت ستيبانوفا: “الوضع مع سعر الصرف الثنائي بين الهريفنا والروبل غير قابل للتنبؤ خلال العام أو العامين المقبلين ويعتمد على عوامل عديدة، وهي في حالة الروبل: ديناميكية أسعار النفط وفرض عقوبات غربية جديدة وموعد الاستخدام العام للقاحات الروسية المضادة لكورونا”.
“أما سعر صرف الهريفنا، فسيعتمد على السياسة الواضحة والموزونة والمستقرة للدولة، وديناميكية الأسعار العالمية للصادرات الأوكرانية مثل الحبوب والقمح والذرة والحديد والصلب” حسب ستيبانوفا.
يذكر أن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، حذر من مخاطر موجة ثانية من فيروس كورونا على أسعار النفط الذي تعتمد عليه روسيا في تمويل الإنفاق بالميزانية.
وجاء تصريح الوزير الروسي خلال مقابلة تلفزيونية جرت يوم الاثنين مع إحدى القنوات الروسية المحلية وفق ما نقلت وكالة تاس الروسية. وفي حال تواصل ارتفاع إصابات فيروس كورونا فإن ذلك سيؤثر على استخراج النفط من آبار النفط في المنطقة المتجمدة.